قطاع السياحة الأكثر تضرراً في الأمد القصير… وعطلة الفطر أول اختبار
بيروت "ادارة التحرير" … لم يكن الاقتصاد الوطني على موعد مع اي تحوّل دراماتيكي ذي إبعاد وتداعيات سلبية تمتد من يوم الى فصل، وتعيده على شاشات الفضائيات في مشهد "المباشر" بما لا يخدم صورته الاقتصادية او السياحية. الحادية عشرة قبل ظهر امس كانت هي الموعد لمزيد من الانحراف في معظم المؤشرات، فاي اضرار خلّفها انفجار الضاحية الجنوبية أمس؟
يخشى بعض المراقبين الاقتصاديين ان يكون انفجار الامس ايذاناً ببدء مرحلة امنية وسياسية جديدة قد تكون لها تداعيات مباشرة اكبر على الاقتصاد الوطني، مما يحضها على خفض توقعات النمو لهذه السنة الى اقل من 1% وذلك خلافاً لمعدل 1,5 و2% المحدد من جانب صندوق النقد الدولي. الا ان ثمة خبراء يرون في جريمة الامس محطة من سلسلة يرتقب الا تطول آثارها المباشرة زمنياً، "اذ صحيح ان لبنان يعاني اهتزازات امنية، لكنها تبقى محدودة قياساً بما يجري في سوريا او مصر وحتى في تركيا".
وكان يفترض ان تظهر التداعيات المباشرة التي خلفها تفجير الضاحية الجنوبية، اولاً في السوق المالية. الا ان وقوع الانفجار عند الحادية عشرة قبل الظهر اي قبيل اقفال السوق، حدّ من التفاعلات وخصوصاً ان حركة الاسواق ضعيفة في الاساس بالقيمة وبالحجم مع نحو 3,5 ملايين دولار اسبوعياً لحجم التداول. لذا، يتوقع ان يقتصر التراجع المتوقع اليوم كما في الايام المتبقية من الاسبوع، على نصف او 1% لتكون التداعيات محدودة بالزمن وبالاداء.
كذلك، يستبعد ان تطول التداعيات السوق المصرفية، حيث عامل الثقة يستمر في دعم النشاط استناداً الى السياسات النقدية والمصرفية التي ترعى هذا القطاع وتلحق خطواته لتخفيف الاضرار الناجمة عن الاضطراب المستمر في دول الانتشار.
لكن الانعكاسات الاقوى متوقعة على القطاع السياحي الذي يدخل في حلقة جديدة من الركود مع بدء شهر رمضان اليوم، وجاء الانفجار ليضيف عليها نسباً جديدة. فوفق نقيب اصحاب المطاعم والملاهي والمقاهي بول عريس، فان الشلل سيحكم اداء مؤسسات هذا القطاع "لأن الحركة في شهر رمضان اقتصرت في الاعوام الاخيرة على خروج الصائمين ليلاً لتناول الحلوى بعد انقضاء موضة الخيم الرمضانية التي تقدم الافطارات. لكن، بعد اهتزاز الوضع الامني على هذا النحو، نخشى ان تتوقف حتى تلك الحركة".
ولفت الى أن التراجع في حركة الاعمال في قطاع المطاعم والملاهي سجل 25% في العام 2011 قياساً بعام 2010 "الذي كان جيداً جداً"، وبنسبة 35% عام 2012 وباكثر من 40 الى 45% هذه السنة. لذا، يتوقع عريس ان يكون وضع المقاهي والمطاعم سيئاً جداً، "وخصوصاً ان ثمة من استثمر بالملايين وبات على اقتناع بضرورة تخفيف تكاليفه التشغيلية وصولاً الى وقفها".
وفي الاطار السياحي الابعد، يتحدث الخبراء لـ النهارعن وضع الفنادق الموزعة ما بين الساحل والجبل، والتي تراجع اداؤها بنسبة 14% في النصف الاول من السنة، ويتوقع ان يرتفع التراجع الى اكثر من 20% في نهاية السنة. ويخشى هؤلاء ان يخسر لبنان سياحه الاوروبيين الى جانب السياح الخليجيين والعرب في ظل استمرار المقاطعة التي تفرضها حكومات دولهم على لبنان. وتلفت الى ان نسبة الاشغال الفندقي لا تتجاوز معدل الـ55% في بيروت ونحو 20% في الجبال.
ولم يكن ينقص القطاع التجاري حدثاً أمنياً سلبياً لتزيد معاناته، وهو الذي يعرض تنزيلاته على واجهات المحال في مراكز البيع الكبيرة او في الاسواق المفتوحة. فالحركة تقع أساساً تحت وطأة غياب السياح وتراجع اعداد المغتربين، فيما المستهلك المحلي بات يترقب التطورات ويفضّل الادخار تحسباً لايام قد تكون أسوأ. ووفق احصاءات القطاع، تراجعت الحركة بنسبة 30% في النصف الاول من السنة، ويتوقع ان ترتفع اكثر في نهاية السنة اذا استمرت وتيرة العوامل السلبية على ارتفاعها المؤثر في اداء الاقتصاد. ويخشى الخبراء ان تزيد تباعاً مشكلات التجار لتتحوّل عجزاً عن تسديد الديون على غرار مؤسسات القطاع الفندقي والمطاعم.
ولا تتوقف دائرة الانعكاسات عند المباشر منها، اذ في خانة "التداعيات غير المباشرة" ما يخشى ان يترك آثاره على مناخ الاعمال والاستثمار، ليصيب صورة لبنان في المجتمع الدولي ويدفع مؤسسات التصنيف العالمية الى خفض موقع لبنان الائتماني. وهذا من شأنه رفع كلفة الاستدانة من الاسواق الدولية، لانه يستند الى ارتفاع منسوب المخاطر.
صحيح ان ثمة من يتردد في التفاؤل بمعدل النمو المرتقب هذه السنة، لكن انفجار الضاحية الجنوبية هزّ حدود الاقتصاد ولم يقلب المشهد الى "سلبي" ولن يكون لمفعوله امتداد زمني طويل… ما دام لبنان محاط بقنابل متفجرة منذ اكثر من عامين.