آبها …. خطت منطقة عسير خطوات كبيرة ومميزة نحو السياحة الوطنية فكانت رائدة في هذا المضمار الحيوي وسباقة في السير الجاد والحثيث منذ الخطوات الاولى لها قبل ما يقرب من 40 عاما مضت، فكانت نموذجا للبرامج السياحية المنوعة الصيفية منها والشتوية مما جعلها محل الاختيار بان تكون عاصمة للسياحة العربية العام القادم 2017، وحظيت المنطقة كغيرها من مناطق وطننا الغالي بقفزات تنموية كبرى وفي كافة المجالات مما وفر بها من بيئة خصبة وبنية تحتية جيدة يتمتع بها ابناء المنطقة والقادمون لها من كل مكان، الا ان المنطقة لا زالت رغم هذا التطور في شتى المجالات تفتقر الى عامل مهم من عوامل الجذب السياحي والذي ينشده كل القادمين الى ابها المصياف الا وهو القرى السياحية المتكاملة والتي تقدم من خلالها الاكلات الشعبية التي تشتهر بها المنطقة حيث ان القادم الى أبها لا يجد المطاعم الشعبية له ولأسرته للتمتع بالأجواء الشعبية التي تعد ارثا حضاريا ينشده الجميع مما يضطره الى مغادرة أبها باتجاه خميس مشيط للتمتع بالقرية الوحيدة في المنطقة التي تلبي تلك الاحتياجات التي ينشدها السائح.
الاماكن الشعبية
حول ذلك تحدث احمد الفرحان -أحد الإعلاميين المهتمين بالرصد التاريخي للمنطقة – بقوله: تتمتع منطقة عسير بأجواء معتدلة صيفا على المرتفعات ومثلها على السهول الساحلية شتاء مما يحفز الجميع على القدوم الى هنا للتمتع بالأجواء المميزة ومشاهدة المناظر الطبيعية الخلابة، مضيفا وحكومتنا وفقها الله كانت سباقة الى تطوير البنية التحتية وايجاد المتنزهات الوطنية وحمايتها، وفي هذا الاتجاه يبذل الأمير فيصل بن خالد أمير منطقة عسير جهودا كبيرة تجاه الرقي بهذه المنطقة وتقديم كل ما يحتاجه المصطاف، لافتا الى ان القادم الى هنا بلا شك يصدم حين لا يجد ما ينشده من أماكن تجمعه بعائلته في القرى السياحية التي يتمناها الجميع مثل تلك القرية الوحيدة الموجودة بخميس مشيط حيث يبحث السائح عن الاكلات الشعبية التي تشتهر بها المنطقة فلا يجدها ولا يجد من يقدمها وهنا اطرح سؤالا مهما:أين دور رجال الاعمال لتلبية هذا المطلب الذي يتمناه الجميع؟
المطاعم الشعبية
ويرى يحيى ال محسن -مستثمر بمجال المطاعم- أن ابها تحتاج منا الكثير وتحتاج الى من يقدم مثل هذه الاماكن الشعبية التي يبحث عنها الجميع، الا أن الاستثمار في مثل هذه الامور يحتاج الى رأس المال الكبير والى وجود الاراضي ذات المساحة الواسعة وذاك ما تفتقده المنطقة والى تسهيل الإجراءات وتسريعها من قبل الامانة وكذا الجهات ذات العلاقة.
كما تحدث عبدالرحمن العسيري وقال: بصفتي أحد المزارعين ومن أبناء المنطقة أتمنى أن نجد تلك القرى السياحية التي تقام بها المطاعم الشعبية حيث ان لدي انتاجا زراعيا من خلال مزارعي بقرية الغال واحتاج الى تصريفها للمطاعم الشعبية التي تساعدني في تسويق منتجي مما يضطرني يوميا الى تحميلها وبيعها جملة بسوق الجملة في مدينة خميس مشيط، مشيرا بان هذا يحتاج الى جهد ووقت.
القرى السياحية والشراكة الفاعلة
ويشير عامر عبدالله -عضو المجلس البلدي في أمانة عسير- الى ان أبها بالفعل تحتاج الى القرى التراثية التي تقدم للسائح كل ما ينشده منها، مضيفا ولا شك ان هنالك العديد من القرى التراثية بالمنطقة تحتاج فقط الى مستثمرين يسيرون في هذ الاتجاه وهي فرصة مواتية للجميع للاستثمار والى اكمال عقد المنظومة السياحية التي ينشدها امير عسير الأمير فيصل بن خالد الذي ينشد ان تكون المنطقة تلبي رغبات الجميع وان تكون سياحتها مستدامة.
من جهته أشار ابراهيم بن مسفر الى اهمية تشغيل أبها القديمة من خلال توظيفها سياحيا، بمتاحف ونزل تراثية ومطاعم وجلسات ومراكز سكنية، وكذلك ربطها بمسار وادي أبها الزراعي من كوبري لبنان إلى المنهل، مضيفا من المتوقع أن يستغرق الزائر لمسار أبها القديمة من أربع إلى خمس ساعات.
وأخيرا.. ينتظر الكثير وبشغف تلك المشروعات التي ترتقي بابها الى مصاف المدن السياحية وان يتم ايجاد وترميم القرى التراثية وان يجد بها المصطاف ما يوثق ارث المنطقة حضاريا ويكون شاهدا على أصالة الموروث الذي يسطر امجاد الامم وان تكون انعكاسا للموروث الشعبي بكافة تفاصيله مما يجعل من أبها مقصدا سياحيا يتمناه الجميع وعاصمة العرب السياحية.
يضم مقاهي ومطاعم ومتاحف تخدم السياح على مدار العام
أمانة عسير: لدينا مشروع لتوثيق وتنمية القرى التراثية في أبها ومراكزها
أوضح م. خالد العمري -مدير الدراسات والمشروعات بأمانة منطقة عسير- في تصريح سابق له قائلا: ان مدينة أبها تضم معالم تراثية في وسطها بشكل يميزها عن باقي مدن العالم، وأن أمانة عسير تهدف إلى المحافظة على الهوية العمرانية، إذ تستكمل مشروع توثيق القرى التراثية بواقع 60 قرية تراثية، مضيفا في هذا الجانب "أنهينا عمل رفع مساحي وتوثيق وحصر بتكلفة حوالي 4 ملايين ريال، وبناء على هذه الدراسة تم اختيار 10 قرى تراثية لعمل دراسات تفصيلية من خلال مشروع تنمية القرى التراثية بأبها ومراكزها ومبادرة "عسير.. وجهة سياحية رئيسية على مدار العام"، وهي: (السودة– العكاس– آل ينفع– المقضى– المخض– المسقي– الزهراء– الضحية– تيهان– رجال المع)، وقد عمدت لوضعها ضمن أولويات القرى التراثية المطلوب البدء في تنفيذها، واعتزمت طرح مشروع للأعمال التنفيذية لهذه القرى، وهو الآن في مرحلة إجراءات الطرح".
وتابع: "ستتم ترسية المشروع ليتم تطوير هذه القرى، بعد انتهاء الدراسة، وعمل ترميم للمباني وإنارة ورصف وتوفير مواقع خدمية ومقاهٍ ومطاعم قابلة للاستخدام السياحي وإعادة تهيئتها لاستقبال السياح وتحويل العديد من مواقعها إلى متاحف واستثمارها سياحيا لإيجاد تعددية للمواقع السياحية".
ونوه م.العمري إلى أنه يصعب تحديد التكلفة الإجمالية لهذه المشروعات التي تختلف من قرية لأخرى تبعا لآلية الصيانة والترميم وآلية العمل، حيث إن الدراسات التفصيلية والخرائط هما وحدهما اللتان تستطيعان ان تحددا هذه التكلفة، مؤكدا أن الدراسات التفصيلية شملت الجزء الجنوبي من عسير إلى حدود تنومة، وأن هناك توجهات لإيجاد مرحلة ثانية لشمول كافة قرى عسير بالدراسات التفصيلية وإعادة التأهيل وتحويلها إلى مواقع سياحية.
وبين أن منتج الدراسات الأولية قدم 5 مجلدات تفصيلية موضحة بالخرائط والمساحات وحصر البيوت وأنواعها واشكالها بشكل دقيق.
هيئة السياحة: «مشروع وسط أبها» يعزز الموروث التراثي ويستثمره سياحياً
أوضح م. محمد العمرة -مدير عام فرع الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني بعسير- أن هناك شراكة فاعلة بين الهيئة والعديد من الجهات الفاعلة في تطوير المواقع السياحية في المنطقة، وفي مقدمتها الأمانة، موضحا ان هذه الشراكة بين العديد من القطاعات أثمرت عن المنتج السياحي المطور "مشروع وسط أبها" الذي هو حلم أبناء عسير في التنمية العمرانية والسياحة مع الحفاظ على موروثهم الحضاري والتراثي واستثماره سياحيا، بما يعزز الحالة الاحتوائية لموروث الأجداد والاعتزاز به واستخدامه في التنمية المستدامة، وبما يخدم المنطقة ويعزز حضورها كمنطقة سياحية محليا وعربيا وعالميا، مشيرا ان ذلك يعتبر الهدف الأكبر الذي تسعى الهيئة العامة للسياحة لتحقيقه من خلال هذه الشراكات التي تهدف إلى عمل دراسات تفصيلية ومن ثم نقلها إلى أرض الواقع بما يحقق طموح أهالي منطقة عسير.
وقد أقرت أمانة منطقة عسير بالشراكة مع الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني انطلاق مشروع إعادة تأهيل وترميم وتشغيل مدينة أبها القديمة المتمثلة في حي النُصب والبسطة بوسط حي القابل وجزء من وادي أبها "من كوبري لبنان إلى المنهل" ، وأكدت الامانة انها ستقدم دعمها للمشروع بتوفير كل الإمكانات من معدات ومواد وعمالة، إيمانا منها بأهمية المشروع.
نقلا عن الرياض : تحقيق-عبدالله مريع