"المسلة" …. تمتلك شركات الطيران في زمننا الراهن، الكثير من الفرص لتحسين تجربة المسافرين التي تعد اليوم أبرز أولويات قطاع النقل الجوي، وتبني نظرة جديدة تجاه بيانات المسافرين.
ومع تسارع توافر البيانات يمكن لشركات الطيران، ومن خلال برامج مكافآتها والتطبيقات الذكية تحقيق المزيد من الفوائد وحتى العوائد التي تحسن من أرباحها.
ويقول تقرير شركة «سابر» المتخصصة في حلول السفر، إن تجميع بيانات العملاء يعد اليوم جزءاً حيوياً من بناء «ذاكرة العميل» في المؤسسة، حيث تتيح هذه البيانات معرفة اتجاهات المسافر «العميل» وسلوكه في السفر، كما أنها تشعر المسافر بان المؤسسة أو الشركة لديها اهتمام خاص به بناء على تجاربه معها، وتتعزز هذه التجربة مع كل رحلة للعميل.
بيانات
لكن تجميع ووضع هذه البيانات لدى المؤسسة يجب أن تكون بسيطة وتضيف قيمة للمسافر في كل رحلة يقوم بها، لتجعل منها تجربة شخصية مثمرة للمسافر، وهذا يتطلب نظاماً تشغيلياً متكاملاً للمساعدة على التغلب على أي طارئ وهذا النظام يتم توفيره على الأجهزة المتحركة يشمل باقات بيع لتعزيز العوائد غير الفنية «مبيعات السوق الحرة والرسوم الأخرى». وعموماً فإن وجود نظام حجز مرن ومفتوح هو المطلوب هنا، بشرط توافره على مختلف الأجهزة التي يستخدمها العملاء.
ويمكن لقطاع الطيران الاستفادة في هذا المجال من قطاع «التجزئة الرقمية»، وهنا يقفز اسم «أمازون» إلى الذاكرة مباشرة بفضل قدرتها على تذكر كل عميل لديها وطلبياته والمنتجات التي يرغب بها. ولتحقيق هذه الغاية استثمرت أمازون بكثافة لتحقيق رغبات العملاء من خلال التطبيقات الذكية والاستفادة من بيانات العميل ومنحه التجربة الشخصية المميزة عن عملية البيع.
ويشير التقرير إلى أن شركات الطيران استثمرت الملايين في وسائل التواصل الاجتماعي لمخاطبة العملاء ومعرفة احتياجاتهم وشكاواهم، كما أنها استثمرت الكثير في المجالات المادية، وخاصة تلك التي لها علاقة بالعميل وجهاً لوجه، وهنا تتقاسم شركات الطيران مع أمازون الحاجة إلى البيع وكلاهما «ناقل»، لأن شركات الطيران عبارة عن متجر طائرة.
ومع نمو حركة الطيران وتزايد أعداد المسافرين فإن شركات الطيران مطالبة بطرق جديدة فاعلة للتفاعل مع العملاء، وهم هنا «المسافرون» الذي سيصل عددهم إلى أكثر من 3.5 مليارات راكب سنوياً.
وهنا يصبح استجابة شركات الطيران للشكاوى عبر القنوات الاجتماعية فقط غير مجدية وغير كافية إذا علمنا أن فرق التواصل الاجتماعي تقضي أكثر من 40 % من وقتها في عمليات الاعتذار عن المشاكل التي تحدث للمسافرين.
ويشير التقرير أن الطرق الحالية التي تتعامل فيها شركات الطيران يجب أن يتم تطويرها في المستقبل، فمثلاً لن يكون مفيداً ترك المسافر وحده في رحلة طيران ليعبر عن عدم رضاه بخدمات الشركة في منتدى عام مفتوح. وهو أمر يؤدي في النهاية إلى سجل من الإخفاقات التي قد تتجمع مرة واحدة دون نتيجة مرضية.
حملات
تنفق شركات الطيران الكثير على الحملات الدعائية والإعلانية لتحسين الصورة الإيجابية للشركة لدى المستهلك، لكنها مطالبة أيضاً بالاستجابة لبيانات المسافرين وتحويل هذه البيانات إلى رأس مال لها لتعزيز العائدات والمحافظة على ولاء المسافر في صناعـة يسودهــا المنافســة الحـادة.
ووفقاً لاستطلاع أجرته «سابر»، فإن ثلث المسافرين فقط لا يكترثون بتطبيق شركة الطيران وبعضهم قد لا يكترث أصلاً للجانب الرقمي وجانب آخر يرى فيها قيمة غير كافية للمساعدة في الرحلة.
أما ثلثا المسافرين الذين يستخدمون تطبيقات شركات الطيران فإن 40 % منهم يستخدم التطبيقات فقط لتحل مكان التذاكر الورقية أو بطاقة الصعود للطائرة فقط أكثر منها لعمليات الشراء والتفاعـل مــع الشركـة.
وربما في مرحلة لاحقة لعمل ترتيبات الرحلة أو التعامل مع أي إشكالات تظهر. أما الأمور الأخرى مثل الشراء فلا يستخدمها سوى 2.2 % من المسافرين.
والأمر المهم هنا أن هناك فرصة لزيادة أعداد هؤلاء من خلال توفير نظام مركزي وأكثر شخصية للمسافرين، وهذا يعني أن شركات الطيران عليها أن تستبدل الهدف من وجود التطبيقات الرقمية لتصبح منصة فاعلة للبيع والشراء والتفاعل مع المسافرين أكثر منها بديلاً للمعاملات الورقية.
تطبيقات
ويقول التقرير إن استخدام التطبيقات لتخطيط الرحلة والحجوزات لا يرتقي لطموحات الشركات المطالبة اليوم بالانتباه أكثر إلى المسافر الرقمي ومدى استخدامه للأجهزة المتحركة وطبيعة هذه الاستخدامات، ومنها وجود حوافز للمسافر لعمليات الشراء مثل توفير خصومات له خصوصاً باعتباره مسافراً دائماً، وهي خصومات تشمل السلع وحتى التذاكر لوجهات جديدة وهي أمور قد تعزز من استخدامات تطبيقات شركات الطيران.
وجود 13 % من المسافرين الراغبين في استخدام التطبيقات لغايات حل إشكالات السفر فقط يعطي إشارة أن هناك حلقة مفقودة في السلسلة المقبلة لنظام التجزئة الذي يجب ألا يقتصر على مبيعات السفر والتذاكر، فالطائرات كما قلنا سابقاً هي «متاجر طائرة».
ويطالب التقرير شركات الطيران بتخصيص الوقت الكافي لمعرفة المشاكل التي تواجه المسافر والحلول الممكنة لهذه المشاكل واختيار الشركاء الأكثر كفاءة بما فيهم التقنيون لوضع حلول لهذه المشاكل.
كما يجب أن تأخذ شركات الطيران في الاعتبار تفكير ونمط سلوك المسافر واحتياجاته المتسارعة والمتغيرة، بما فيها سلوكيات البيع والشراء لأن العائدات الإضافية تعد اليوم جزءاً حيوياً في مبيعات وإيرادات الشركات.
مبادرات لتسهيل عمليات البيع
يضع نظام التوزيع الجديد «NDC» الذي أقرته «أياتا» قبل سنوات، معايير مبنية على لغة التوصيف الموسعة (XML) بين شركات الطيران ووكلاء السفر.
ويتيح النظام للمسافرين الاطلاع على معلومات وافية عند زيارة مواقع شركات الطيران التي تشمل عروض الحزم وخدمات الشركات منخفضة الكلفة، والخصوصية، إضافة إلى الاطلاع على صور المنتجات والخدمات المتاحة. وستتمكن معايير التوزيع الأساسية الجديدة المبنية على لغة التوصيف الموسعة من تضييق الفجوة وتقديم ذات تجربة التسوق، بغض النظر عن طريقة ووقت التسوق.
وأشار تايلور إلى تمكن العملاء من شراء منتجات السفر بنفس الطريقة التي يشترون بها المنتجات الأخرى، مع وصول كامل لمعلومات المنتج ووجود القدرة على مقارنة السوق والاطلاع على القيمة الكاملة للعرض. موضحاً أن الشركات ملتزمة تجاه وكلاء السفر لتقديم تلك الخدمات، ومبادرة توزيع القدرات الجديدة ستسمح بتحقيق ذلك.
وتشير إياتا إلى أن مبادرة توزيع القدرات الجديدة ستدعم طرق التسوق الحالية بما فيها قدرة العملاء على مقارنة الأسعار الأساسية من دون الكشف عن هويتهم، وحماية العملاء من خلال قوانين وتشريعات حماية خصوصية البيانات بغض النظر عن طريقة ووقت عملية الشراء.
لكن بعض شركات الطيران لديها تحفظات على المبادرة، وبعضها مثل شركة لوفتهانزا أطلقت نظاماً جديداً لعمليات التسوق خاصاً بها.
النزاعات العمالية تهدد نمو شركات الطيران الغربية
يشكل الصراع بين شركات الطيران واتحادات العمال والطيارين صداعاً بالنسبة لشركات الطيران في الولايات المتحدة وأوروبا، خصوصاً أنها تنعكس مباشرة على المسافرين، وخاصة عن التوقف عن العمل وإلغاء مئات الرحلات.
ويقول الرئيس التنفيذي لشركة ساوث ويست الأميركية غاري كيلي، إن القلق الرئيس لشركات الطيران لا يأتي من المنافسة بل من قضايا العمل، وهو أمر يؤثر بشكل مباشر في نمو الشركة.
وجاء كلام الرئيس التنفيذي لساوث ويست مع قيام اتحاد الطيارين برفع دعوى إلى المحاكم المختصة ضد الشركة لمنعها من تشغيل طائرة بوينغ 737 ماكس مستقبلاً، ما لم يتم إدراج عقد عمل خاص بها ضمن حقوق الطيارين.
ويضم اتحاد الطيارين في ساوث ويست 8300 طيار يخوضون مفاوضات شاقة مع الشركة منذ أكثر من 4 سنوات لهذه الغاية.
ويتوقع أن تتسلم الشركة طائرة بوينغ 737 ماكس في مارس المقبل، وفي حال صدور قرار من المحكمة بذلك، فإن الشركة التي تشغل أكبر أسطول في العالم من طائرات بوينغ 737 قد تواجه مشكلة في هذه الطائرة الحديثة التي ينتظرها قطاع الطيران وستكون ساوث ويست أول زبون لها في العالم.
ويوضح كيلي أن هذا الأمر سيؤثر حتماً في ساوث ويست، إذا لم نتسلم الطائرات في المستقبل، وهذا يعني النمو في الشركة مشيراً إلى أن الطيارين يعتمدون على توسع ونمو الشركة، لأن الطيار الأول يتم ترفيعه إلى كابتن في الوقت الذي كان يتجمع نحو 400 شخص من الطيارين وأطقم الطائرات خارج قاعة الاجتماع.
ومن جهته، يقول جون ويكس إن هذا كله يلغي أي قضية في حال توقيع العقد وعدم تمكن الشركة من استقطاب الطيارين المؤهلين سيعيق حتماً نموها.
ويشير رئيس الشركة كيلي إلى أن رفع القضية إلى المحاكم الفيدرالية أمر خاطئ، لأن العقد الجاري وقانون العمل الذي يحكم شركات اتحاد شركات الطيران يوفر آليات للتعامل مع مثل هذا النزاع، وقال إنه واثق من التوصل إلى اتفاق قبل وصول الطائرات الجديدة.
وتعد ساوث ويست ومقرها دالاس، إحدى شركات الطيران الرابحة في الولايات المتحدة، وحافظت على أسعار مخفضة للمسافرين مع قدرة على خفض النفقات وتواجه حالياً منافسة شرسة من شركات الطيران الكبرى.
وهي لم تلجأ إلى الاستغناء عن العمالة أو تقليل الأجور، لكنها اليوم مطالبة بمزيد من الكفاءة في التشغيل في ظل تلك الأجواء التنافسية الحادة في الوقت الذي تعين عليها أيضاً زيادة الأجور للعمال والموظفين.
ويقول كيلي لقد كنا فخورين بأن موظفينا من بين الأعلى من حيث الامتيازات، لكننا نواجه منافسة حادة تشكل تهديداً لمسيرة ناجحة امتدت لنحو 20 عاماً.
من جهة أخرى، اشتكى كيلي من الطوابير الطويلة أمام نقاط التفيش الأمني في المطارات، والتي وصفها بأنها«محبطة» خصوصاً أن إدارة النقل الفيدرالية لجأت إلى تقليل الموظفين مع نمو أعداد المسافرين وهو أمر تسبب في تراجع إنتاجية هذه الوكالات.
وأضاف أن الشركة تعمل على إيجاد الطرق للتخفيف على المسافرين وتقليل أوقات الانتظار في المطارات بما فيها استخدام برنامج المراقبة الإلكتروني الذي يقلل الوقت وتشجيع المسافرين على التسجيل في برنامج الفحص المسبق.
ويسير برنامج طائرة 737 ماكس وفق الجدول ولا تتوقع بوينغ أي تأخير في تسليم الطائرة لشركة ساوث ويست التي تتطلع أيضاً إلى الطائرة الجديدة التي تخطط بوينغ لإنتاجها مستقبلاً، والتي ستكون مخصصة للأسواق متوسطة المدى وستحل بدلاً من الطائرة 757.
لكن بوينغ لن تبدأ بهذا المشروع قبل عام 2020 مع بدء تسليم طائرتها الجديدة بوينغ 777 إكس، بحيث تبدأ الطائرة الأخرى الرحلات بعد ذلك بنحو 4 أو 5 سنوات وستكون طائرة ذات ممر واحد.