الإمارات.. طبيعة بكر وتاريخ أصيل وحياة متجددة
ابوبظى " المسلة " … تعد دولة الإمارات ، واحدة من أهم المناطق السياحية في العالم، إذ يجد زائرها طبيعة بكراً، وتاريخاً موغلاً في القدم، وحياة متجددة، وموقعاً مطلاً على الخليج، وشاطئاً نظيفاً، وأمناً وأماناً، والكثير من الانطباعات التي يخرج بها السائح أو الزائر لهذا البلد الجميل. ويستطيع الزائر التقاط الكثير من تفاصيل الجمال، ويقرأ عدداً من القصص التاريخية التي خرجت من هذا البلد، حيث تمتزج الأساطير الشعبية بالحداثة والتطور. ويذكر التاريخ الإمارات، ضمن قائمة الدول التي تعود بحضارتها إلى الأعماق البعيدة.. إنه تاريخ لا تزال ملامحه شاخصة في كل مكان حتى اليوم.
حين يصل الزائر إلى الإمارات ينبهر كثيراً بالتناسق العمراني لهذا البلد.. الأحياء السكنية مرسومة رسماً، والمساجد شيدت على أحدث الطرز، والبحر والصحراء يتناغمان معاً.. البحر بزرقة مياهه، والصحراء بلونها الذهبي، والسفن التي تمخرها بلا كلل، وبكل مفردات الحياة الطبيعية والحيوانية الجميلة، والجبال الشامخة في الأعالي البعيدة، لها هي الأخرى ملامحها الجمالية.
فجبل حفيت من بين أهم الجبال في الإمارات، إذ ترتفع قمته 1240 متراً فوق سطح البحر، لتحتل المركز الأول من حيث الارتفاع في إمارة أبو ظبي، والمركز الثاني في دولة الإمارات، ويعتبر موقعاً أثرياً هاماً، حيث تقع فيه عدة مدافن تعود إلى الألفية الرابعة قبل الميلاد.
أحجار مرجانية:
ويستطيع الزائر أن يجد الأحجار المرجانية المتكلسة التي تدل على أن المنطقة كانت مغمورة بمياه البحر في الماضي، وتتنوع الطبيعة فيه، من ماء وخضرة وطبيعة بديعة، إلى جانب اعتدال طقسه ووفرة الأماكن السياحية به. وفي البحر أكثر من آية للناظرين، حيث الشاطئ بهدوء أمواجه، ونقاوته ونظافة رماله، يمتد ليصل إلى مسافة 700 كيلو متر، وهو شاطئ معروف بنظافته ووفرة الكائنات البحرية الحية فيه.
فالخليج العربي غني بأنواع متميزة من الأسماك، إلى جانب غناه بالسلاحف البحرية، في ظل توفير الحكومة محميات لهذه الأنواع النادرة من الكائنات البرمائية. ويلفت نظر الزائر، الكثير من ملامح الجمال في إمارات الدولة، التي تبلغ سبع إمارات.. منها ملامح الجمال في الثروة الزراعية، حيث النخلة بطلعها الباسق وجذعها الشامخ وثمرها المتميز.. في الإمارات وفرة من مئات الأنواع من النخيل التي تجود فيها كثيراً، وأخيراً نمت النخلة في كل مكان، حيث لونت باخضرارها المساحات التي لم تكن مستزرعة، ويغلب عليها الطابع الصحراوي.
بساط أخضر:
واليوم، الإمارات أضحت خضراء، بعد أن كانت مجرد أودية مقفرة وشوارع متربة ومساحات رملية وأرضاً لم تكن على صلة بالزراعة لندرة المياه فيها ولقربها من البحر، لكن شبكات المياه الحديثة التي استفادت من مياه الصرف الصحي المعالجة، كان لها فضلها الذي أخصب المكان، ووزع اللون الأخضر في كل مكان.
الإمارات خصبة وغنية بالكثير من الموارد التي يمكن الكتابة عنها، والتي تهم السائح، وهي كتابة نابعة عن انفعال، لأن الدولة تمتاز بهذا الغنى والتنوع والتفرد.. والجمال يتوزع في كل شبر من هذا البلد الطيب، إنها الإمارات، سحر الشرق الذي يلوح بهاؤه في كل المساحات. وتعتبر دولة الإمارات قطاع السياحة أحد محاور التنويع الاقتصادي لديها، لذا فإنها تحرص على تطوير إمكاناتها السياحية بمختلف أنواعها، سواء كانت سياحة تاريخية أو طبيعية أو ترفيهية أو تسويقية أو سياحة أعمال، بالإضافة إلى المبادرة إلى إضافة مرافق سياحية جديدة، قل توافرها في دول أخرى في العالم، كالسياحة الرياضية، التي تعد أحد الخيارات السياحية الأكثر تطوراً على مستوى العالم في الوقت الحالي.
مواقع أثرية:
وتولي دولة الإمارات اهتماماً متزايداً للمواقع الأثرية والثقافات القديمة، إذ تم أول الاكتشافات الأثرية في إمارة أبو ظبي في أواخر خمسينيات القرن الماضي، وخلال عمليات استكشاف النفط في حقبة الإمارات المتصالحة، وشهد عام 1958 اكتشاف مستوطنة تعود إلى النصف الثاني من الألفية الثالثة قبل الميلاد في أم النار، وهي جزيرة صغيرة خارج جزيرة أبو ظبي، والتي تضم في الوقت الحالي مصفاة تكرير النفط الرئيسة في الإمارة، كما أن اكتشاف المزيد من المقابر والمستوطنات من العصور البرونزية حتى العصر الإسلامي، دفع المغفور له بإذن الله، الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، إلى أن ينظم أبحاث الآثار في الإمارة، إلى جانب إصداره لأمر بتأسيس متحف العين الوطني، من أجل جعل تاريخ المنطقة في متناول الجميع.
ومن عام 1991 وحتى عام 2006، أدت الدراسة الأثرية ضمن برنامج المسح الأثري لجزيرة أبو ظبي، إلى استكشافات وأبحاث عدة في تاريخ الإمارة القديم، وحفظه ونشره تحت رعاية شركات النفط الرائدة والشركات المتعددة الجنسيات، ومنذ عام 2006 قامت هيئة أبو ظبي للثقافة والتراث بجمع كل المشاريع الثقافية والتاريخية والأثرية تحت مظلتها، مع استمرار عمليات البحث والتنقيب في أرجاء الإمارة، بالتعاون مع فرق عمل أثرية من الجامعات من كل أنحاء العالم، وبدعم من المجلس الوطني للسياحة والآثار الذي تأسس حديثاً.
وفي غضون الـ 50 عاماً الماضية، تحولت مدينة أبو ظبي إلى درة الإمارات وقلبها النابض بالحياة، وجوهرة ثمينة غالية، لا تضاهيها أي منطقة في العالم، بعد أن استثمرت الإيرادات النفطية بشكل حكيم وعقلاني، لبناء مجتمع حضاري ينبض رقياً، ويستقطب حوالي 3 ملايين زائر سنوياً.
وسائل الإعلام العالمية تشيد بإحياء الفعاليات التراثية:
بثت وكالة الصحافة الأميركية "الأسوشيتد برس"، تقريراً مميزاً عن مسابقتي الصقور والسلوقي، أكدت فيه أهمية توريث هذه التقاليد العريقة للأجيال القادمة.. فيما بثت صحيفة "نيويورك تايمز"، العديد من أجمل الصور الفوتوغرافية لفعاليات مهرجان الظفرة، ووصفته بأنه "كرنفال تراثي وسط الصحراء، يحظى باهتمام استثنائي".
وأشارت التقارير إلى أهمية حضور مختلف المسابقات والفعاليات الشيقة، والتي يندر أن توجد في مكان آخر، ومن خلال المهرجان، وصفت الصحافة العربية الدولية والإقليمية والعالمية، مدينة زايد في المنطقة الغربية، والتي تستضيف سنوياً مهرجان الظفرة بـ «بوابة الربع الخالي الساحرة».. منوهة بتوافد عشرات الآلاف من الزوار والسياح للمهرجان الذي يتيح لهم استكشاف الصحراء والتجول فيها، والتمتع بأصالة العادات والتقاليد الإماراتية الأصيلة.
وأكدت وسائل الإعلام الأجنبية، من خلال تقاريرها المختلفة، أن مهرجان الظفرة في أطراف الربع الخالي، يحقق نجاحات اقتصادية من النادر أن يشهدها مهرجان ثقافي تراثي مماثل في العالم. وتجاوزت قيمة جوائز المهرجان بجميع مسابقاته 47 مليون درهم إماراتي «ما يزيد على 12 مليوناً ونصف المليون دولار أميركي»، وفاق عدد زواره 75 ألف شخص، والذين أبدوا إعجابهم باستراتيجية الحفاظ على التراث العريق لإمارة أبو ظبي، بالتوازي مع القفزات الحضارية المرموقة التي حققتها دولة الإمارات في كافة المجالات.
ويطول المرور على الفعاليات والمهرجانات التراثية، وشرح التاريخ العريق للدولة، لتشعبه وامتداده بعيداً في صلب الماضي، ومن الصعب الإمساك بكل تفاصيله المتوارية خلف غبار الزمن، فقد تعاقبت عليها عدة حضارات، وكانت مسرحاً للعديد من الأحداث.
ويتجلى اليوم بوضوح، اهتمام الدولة بقطاع السياحة، في حجم الاستثمارات السنوية التي يستقطبها القطاع، والتي قدرت في عام 2012 بنحو 5. 22 مليار دولار، ومن المتوقع أن تزداد هذه الاستثمارات خلال العام الجاري بنحو 12 في المئة، وهذه الزيادة سيكون لها دورها في دفع القطاع نحو مواصلة النمو والازدهار، واستكمال خطط التنويع والاستدامة على مستوى الدولة، كما ورد قبل أيام في تقرير «مجلس السياحة والسفر العالمي».
تقرير مجلس السفر:
وذكر تقرير المجلس العالمي للسفر والسياحة، أن حجم الاستثمارات في قطاع السياحة والسفر في الإمارات، بلغ 8. 82 مليار درهم في عام 2012، مقابل نحو 8. 150 مليار درهم في منطقة الشرق الأوسط ككل، لتستحوذ الدولة بذلك على 55 في المئة من هذه الاستثمارات، متوقعاً أن تستأثر السوق الإماراتية بنحو 19 في المئة من إجمالي الزوار الدوليين القادمين إلى المنطقة.
وبين التقرير أن قطاع السفر والسياحة أسهم بنسبة 14 في المئة في الاقتصاد الإماراتي خلال عام 2012، متجاوزاً المتوسط العالمي وقدره 9 في المئة، ووفرت أنشطة القطاع عوائد مباشرة وغير مباشرة بلغت 6. 193 مليار درهم «7. 52 مليار دولار» لإجمالي الناتج المحلي لدولة الإمارات في عام 2012، ويتوقع أن ترتفع هذه المساهمة بنسبة 2. 3 في المئة العام الحالي.
واستطاعت دولة الإمارات، بفضل سياستها الطموحة، أن تصبح إحدى الدول الأكثر صعوداً في مجال السياحة على المستوى العالمي، كما أنها تأتي في تصنيف العديد من المؤسسات الدولية العاملة في القطاع السياحي، كإحدى أفضل الوجهات السياحية في العالم، علاوة على كونها تحتل المرتبة الأولى بين دول منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، وفقاً لـ «دليل العلامات التجارية للدول»، الذي تصدره سنوياً مؤسسة «فيوتشر براند لاستشارات العلامات التجارية العالمية»، وهو المؤشر الذي يعتمد على نتائج استطلاع آراء السائحين ورجال الأعمال حول الوجهات السياحية المفضلة على المستوى العالمي.
ومن المتوقع أن تستقطب دولة الإمارات 8. 25 مليون سائح عالمي بحلول عام 2023، بإجمالي إنفاق قدره 1. 207 مليارات درهم، وبمتوسط نمو سنوي يناهز 5 في المئة. وتوقع المجلس العالمي للسفر والسياحة في تقريره، أن تجتذب الدولة 9. 10 ملايين سائح دولي العام الجاري، مقابل 5. 57 مليون في منطقة الشرق الأوسط ككل، وبحصة تبلغ نحو 19 في المئة، مشيراً إلى أن أعداد السياح الدوليين في الإمارات سترتفع إلى 8. 25 مليون سائح بحلول عام 2023، مقابل 3. 93 مليون زائر في المنطقة ككل.
وأشار التقرير إلى أن إنفاق السياح الدوليين داخل الإمارات بلغ العام الماضي 1. 121 مليار درهم «تشمل إنفاق الزوار الدوليين داخل الدولة على رحلات الأعمال والترفيه، بما في ذلك الإنفاق على المواصلات»، مقابل إنفاق بلغ في منطقة الشرق الأوسط 6. 286 مليار درهم، ما يجعل حصة الإمارات من الإنفاق الإجمالي في المنطقة تصل إلى 2. 42 في المئة.
المصدر : وام