Al Masalla-News- Official Tourism Travel Portal News At Middle East

جانبى طويل

«عابود»..طبيعة خلابة وآثار ضاربة في عمق التاريخ.. واحتلال بغيض يحبس أنفاسها

 

الاستيطان والجدار قضما خمسة آلاف دونم من أراضيها ويمنعانها من النمو

«عابود»..طبيعة خلابة وآثار ضاربة في عمق التاريخ.. واحتلال بغيض يحبس أنفاسها

 

رام الله  "المسلة" …. على الطريق بين جبال رام الله وسط الضفة الغربية المحتلة، وساحل البحر المتوسط، حيث ينابيع الماء والطبيعة الجبلية الخلابة تستلقي قرية عابود منذ الفي عام، لتصبح فيما بعد وعلى مدار قرون طويلة عنوانا للتعايش المشترك بين أبنائها المسيحيين والمسلمين.

"واد الليمون" هو ابرز المعالم الطبيعية التابعة لقرية عابود من الجهة الشمالية الشرقية، واستمد اسمه من بساتين الليمون التي كانت تغطي في مراحل سابقة، مساحات واسعة من اراضي الوادي الفاصل بين اراضي قريتي عابود وبيت ريما المجاورة، وفيه كانت المحطة الاولى للجولة التي نظمتها مؤخرا وزارة الاعلام الفلسطينية بالتنسيق مع وزارة السياحة والاثار وسلطة البيئة وجمعية الحياة البرية في فلسطين.

في واد الليمون تتدفق مياه عدد من الينابيع اهمها "القطان" و"المغارة"، و"الدلبة" و"عين علم"، ما حوّل المكان واحة خضراء ساحرة، حيث اشجار الزيتون والاشجار الحرجية تغطي السفوح، وبساتين الليمون تتوسط المشهد، تضاف اليها مجموعة كبيرة من النباتات البرية وشجيرات العليق التي تنمو فقط حيث الماء الوفير، وهو ما شجع اثنين من ابناء القرية على اقامة متنزهين ومسابح في الهواء الطلق.
عشرات الاعلاميين والباحثين جاؤوا من مختلف مناطق الضفة الغربية الى المنطقة للاطلاع على ما تحتويه أراضي قرية عابود من تنوع بيئي واماكن اثرية تعود الى الحقبة الرومانية، ودينية مرتبطة بالديانة المسيحية، وكذلك للاطلاع على ما تعانيه القرية من اجراءات وسياسات الاحتلال الذي اغلق على المواطنين المدى وحرمهم من حقهم في الامتداد وصادر مساحات شاسعة من اراضيهم، تنفيذاً لرؤيته الاستيطانية التوسعية.

توجه الوفد الاعلامي سيرا على الاقدام عبر طريق ترابية باتجاه وادي الزرقاء، حيث توجد واحدة من أغزر الينابيع في المنطقة التي تضيع مياهها بسبب القيود التي يفرضها الاحتلال في المنطقة والتي سبق واعلن عنها "محمية طبيعية" وهو وصف يجعلها دولة الاحتلال هي صاحبة القرار في كل ما يتعلق بهذه المنطقة.

ويقول رئيس المجلس المحلي في عابود الياس عازر ل"الرياض": "كانت مياه نبع الزرقاء ونبع القطان في واد الليمون المجاور تكفي حاجة نحو سبع قرى في المنطقة في وقت مضى، حيث عمدت سلطة المياه الاردنية في العام 1964 الى اقامة شبكة ومضخات وخزانات تجميع تنقل المياه الى قرى بني زيد الغربية وكذلك عابود ودير ابو مشعل واللّبن، الى ان تم تدميرها ووقف العمل فيها بالكامل في اوائل الثمانينيات، ليصبح اعتماد هذه القرى على بئر شبتين ومن ثم على بئر واد سريدا القريب من بلدة دير بلوط".

وتعتبر قرية عابود واحدة من القرى الفلسطينية العديدة التي اكتوت بنار الجدار التوسعي الذي بادر اليه مجرم الحرب ارئيل شارون في العام 2002، مثلما اكتوت بنار مشروعه الاستيطاني الضخم الذي اقترحه في اوائل الثمانينيات واطلق عليه اسم "النجوم السبعة"، ومن هذه "النجوم" التوسعية مستعمرة "بيت ارييه" التي اقيمت على تلة تتبع قرية اللبن الغربي، ثم اخذت بالزحف من كل الجهات حتى كادت تصل بيوت قرية عابود في الجنوب الشرقي، ومحيط قرية دير بلوط في الشمال الغربي.

واصل الوفد الاعلامي جولته عبر طريق جبلية وصولا الى منطقة المقاطع الاثرية، وهي عبارة عن قبور رومانية تعود الى اكثر من 1500 عاما قبل الميلاد، حيث تبدت مستعمرة "بيت اريه" ببيوتها القرميدية الحمراء وقد زحفت حتى اغلقت الطريق الاصلية التي كانت تصل بين عابود وقرية اللبن ومنها الى رنتيس واللد ويافا.

وعلى مقربة من "المقاطع" الرومانية تقع كنيسة القديسة بربارة وهي مبنى حجري صغير، يعود الى العام 365 ميلادية، ولم يسلم من بطش الاحتلال وعدوانه حيث قامت قوات الاحتلال بتفجير المبنى من الداخل في 31 ايار/ مايو 2002، ما اثار ضجة اعلامية في العالم المسيحي، لتبادر دولة الاحتلال لنشر اعتذار رسمي عبر صحيفة "جيروزاليم بوست" زاعمة ان الجنود لم يكونوا يعلمون انها مكان مقدس للمسيحيين".(!)

من تلك التلة حيث كنيسة القديسة بربارة ظهر خط سير الجدار الذي بدأت سلطات الاحتلال باقامته منذ سنوات من محيط مستعمرة (بيت اريه) شمالا ويلتف حول قريتي اللبن وعابود وصولا الى مفترق قرية شقبا في الجهة الجنوبية الغربية، مبتلعاً مساحات واسعة من اراضي القريتيين.

وختم الوفد الاعلامي جولته الميدانية في عابود بزيارة كنيسة الروم الأرثوذكسية، حيث قدم راعي الكنيسة الأب طلعت عواد نبذة عن تاريخها مشيرا الى ان الكنيسة تعود إلى القرن الرابع الميلادي، وقد بنتها القديسة هيلانة التي جاءت إلى فلسطين للبحث عن الصليب المقدس الموجود في كنيسة القيامة.

وقال عازر ل"الرياض" ان اجراءات الاحتلال ومخططاته التوسعية حرمت قرية عابود من حقهم في التوسع والامتداد، في ثلاث جهات حيث مستعمرة "بيت ارييه" شمالا، والجدار على امتداد المنطقة الغربية، والطريق الالتفافي البديل الذي اقامته سلطات الاحتلال في اواخر التسعينيات ويتلف حول القرية من الجهة الشرقية وصولا الى داخل الخط الاخضر، ولم يبق امام الاهالي سوى الجهة الشمالية الشرقية باتجاه واد الليمون والسفوح المجاورة. واضاف: بالفعل عندما تقدمنا بمشروع لتوسيع المخطط الهيكلي للقرية لم توافق سلطات الاحتلال الا على التوسع من الجهة الشمالية الشرقية. ولفت عازر الى ان الجدار اغلق ما مساحته خمسة الاف دونم من اراضي قرية عابود بما في ذلك المناطق التي اقيمت عليها بيوت مستعمرتي بيت "ارييه" (شمال غرب) و"عوفريم" (جنوب غرب).

واشار الى انجاز شق طريق تربط هاتين المستعمرتين ببعضهما البعض ضمن مخطط استيطاني خطير يرمي الى اقامة مدينة استيطانية كبرى تضاهي تل ابيب وتلغي عمليا ما يسمى "الخط الاخضر" وهو الحد الفاصل بين اراضي فلسطين المحتلة 1948 و1967.

 

نبذة عن الكاتب

مقالات ذات صله