بقلم : محمود كامل
لعل “الجاسوسية” هي الأكثر انتشارا في دول العالم، وبين دول العالم، وهي “مهنة” تأخذ شكل “المهمة” التي تقدر أتعابها على قدر الجهد المبذول، والمخاطر المتوقعة بغير حد أدنى، ولا حد أعلى يحدد الدخول، وإن كان بعض الجواسيس يفقدون حياتهم خلال الصراع الدائر بينهم وبين أجهزة مخابرات الدول، وهو ما يعفي من تولى تجنيدهم في مكافأة “نهاية الخدمة” التي غالبا لا يعلم عنها أهل الجاسوس شيئا!
ورغم أن الجاسوسية مهنة قائمة فإن أحدا لا يعترف بها، ذلك أن لحظة العلم بها هي نفسها لحظة “موت الجاسوس” وفقدان الطرف “المجند للجاسوس” لواحد من مصادر معلوماته عن الطرف الآخر الذي ليس شرطا أن يكون عدوا، ولعل قضايا الجاسوسية الإسرائيلية ضد حليفتها الأقوى في العالم أميركا هي خير تأكيد لتلك “الخيانة المخفية”، وإن كانت الـ “سي آي إيه” لا تستطيع أن تنكر تجسسها ضد إسرائيل، وخاصة في “صناعاتها الحربية”، مع أن “المصلحة واحدة”!
والغريب أن كثيراً من الناس مازالوا يتصورون أن الجاسوسية مازالت تقتصر على “المعلومات العسكرية”.
وهي المهمة التي تقوم بها خير قيام مجموعة “أقمار التجسس” الغربية على روسيا والشرقية على أمريكا وأوروبا، وعلينا من كلا الجانبين وهي الأقمار التي تمسح أرض الكرة الأرضية ليل نهار بمعلومات شديدة الطزاجة عما أقيم وعما هو جاري إقامته بما في ذلك أرقام السيارات القائمة بالمهمة في كل موقع ناهيك عن “ماركات وألوان” الملابس الداخلية لكل مسؤول.
وتنافس المعلومات العسكرية في القيمة والأهمية هذه الأيام كل المعلومات والبيانات والمشروعات “الاقتصادية” القائمة على كل أرض العالم ودوله -وخاصة العرب- ذلك أن “التعجيز الاقتصادي” في ظروف أزمة لدولة ما هو الأكثر تأثيراً والأقل تكلفة من معارك الحرب في زمان لم تعد تلك الحروب مقبولة لدى شعوب العالم كلها، لذا فإن التجسس الدولي كله مركز الآن على الشؤون الاقتصادية، وإن تسربت إلينا أحيانا -من نفس دول التجسس- بضعة ملايين من الدولارات في ثوب المساندة وخداع البعض!