بقلم : محمود كامل … زمان غريب فيه تموت الأُسد بالغابات جوعاً، وفيه كذلك لحم الضأن يُرمى للكلاب، بما يعني انقلاب كل المعايير، فهل نحن في زمن «الأونطة» في السياسة وفي الاقتصاد، وفي الترشح للمناصب الرفيعة دون خبرة، ولا علم يسمح بـ قيادة «حوادات البشر»، بما يبدو وكأنه «كمين للحكم» نصبه قوم قادمون من غيب «تحت الأرض» الذي يضم الكثير من «جحور الأفاعي»، ومكامن «الخنافس»، وهي مناطق لم يعمل لها الثوار أي حساب، بينما هي الآن أصل العلّة، وهو ما يحتاج إلى يقظة كاملة حتى لا يضيع «دم الثوار»!
وإذا كان «قرود» السياسة، و»أفاعي» مبارك الذين يرتدون الآن «مسوح الرهبان» مع ما تيسر لهم من ادعاء السلفية، وأصول الشريعة التي نعلم عنها أكثر مما يعلمون بـ»إسلام وسطي» بغير تطرف تربينا عليه في بيوت أصيلة، تعلمنا فيها خلال مشوار الطفولة أن الله وحده هو القادر والقاهر، وأن أهل الارض جميعاً لو اجتمعوا على أن يضروك بشيء ما ضروك إلا بشيء قد كتبه الله عليك، بخلاصة أن «الرزق والعمر» مكتوبان في لوح محفوظ، ومن ثم فلا تخشَ إلا الله الباقي، ولا تعمل أي حساب لغيره من «الفانين» مهما طالت بهم الأعمار، أو جلسوا على كراسي السلطة والنفوذ طوال تلك الأعمار، خاضعين -ولو بغير علم- لقاعدة: لو دامت لغيرك ما وصلت إليك، وهي قاعدة جمعية يخضع لها أي مدير إدارة.. ومعه رئيس الدولة.. ومن بينهما ممن تخدعهم الأيام!
وفي غير ما يثير الاندهاش، يندهش هؤلاء بأن الزمان دوّار، وأن كرسي السلطة قد يتحول فجأة إلى «زنزانة حديدية» عليها حارس غلبان، وإن كان ينفذ أوامر صدرت إليه ليصبح هو بها الآمر الناهي في أمر هؤلاء الذين آن أوان عقابهم عمّا فعلوا، ناهيك عن يوم آخر «تشخص فيه الأبصار»، وفي لحظة اليقظة القاتلة ينتبه هؤلاء إلى أن الكون الهائل له «رب واحد»، وأنهم قياساً على هذا الكون لا يزيد حجم أي منهم عن «رأس دبوس»!