الدوحة "المسلة"… تشارك وكالة أنباء الإمارات " وام " في أعمال ندوة وسائل الإتصال الجماهيري والثقافة الشعبية التي تنظمها وزارة الثقافة والفنون والتراث في دولة قطر .. والتي انطلقت أمس وتستمر ثلاثة أيام في فندق منتجع شرق في العاصمة الدوحة.
وأكدت إحسان الميسري الصحفية في الوكالة في ورقة عمل قدمتها اليوم خلال أعمال جلسة العمل الرابعة من الندوة تحت عنوان " مجلات التراث الشعبي واقع ثري..ومنجز متواضع" .. أهمية موضوع الندوة الذي يدور حول التراث الشعبي الذي بات خلال الفترة الماضية هاجسا للعديد من الباحثين والأكاديميين والمهتمين لما يضمه من إرث غني ومخزون من عادات وتقاليد وأدب شعبي وأمثال وحكايات شعبية وغيرها من الموضوعات المرتبطة بالتراث الشعبي الأصيل الذي بدأ يتلاشى من الذاكرة يوما بعد يوم في ظل العولمة التي تحاول أن تصهر المجتمعات وتذيب ثقافاتها.
وقالت إن دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية بشكل عام والإمارات بشكل خاص في أمس الحاجة للحديث بصدق وشفافية عن واقع التراث الشعبي وأهمية تدوينه وتوثيقه والترويج له بشتى الوسائل لاسيما عن طريق المجلات أو الكتب وغيرها من المؤلفات المتخصصة..وذلك للمحافظة على الهوية الثقافية للمنطقة .
وأعربت عن أسفها لإغلاق " مركز التراث الشعبي لدول مجلس التعاون الخليجي " في الدوحة الذي كان يعد مرجعا تراثيا ومركزا للتدريب بجانب كونه أرشيفا.. منوهة بأنه بداية النهاية للاهتمام الرسمي الخليجي المشترك بالموروث الشعبي الخليجي الذي يزخر بعناصره ومفرداته .. مؤكدة أن التراث أصبح في كثير من الممارسات شكليا لإثبات الصفة الخليجية.
ولفتت الورقة إلى أن دولة الإمارات حرصت خلال السنوات القليلة الماضية وبوتيرة متسارعة على الإهتمام بتراثها الأصيل وعملت على تعزيزه على عدة أصعده من أبرزها إنشاء مؤسسات وجهات حكومية في مختلف أنحاء الدولة معنية بشكل مباشر بالثقافة والتراث مثل وزارة الثقافة والشباب وتنمية المجتمع وهيئة أبوظبي للسياحة والثقافة ودائرة الثقافة والإعلام في الشارقة ومركز زايد للتراث والتاريخ والمركز الوطني للوثائق والبحوث ونادي تراث الإمارات ومركز جمعة الماجد للثقافة والتراث وغيرها من الدوائر الحكومية الاتحادية والمحلية وغير الحكومية فضلا عن وجود أكثر من /30 / جمعية فنون شعبية منتشرة في أنحاء الدولة.
وطرحت ورقة العمل عدة أسئلة جوهرية هي هل واكب الاهتمام و الدعم الذي توليه دولة الإمارات للتراث الشعبي اهتمام وسائل الإعلام المختلفة لاسيما الصحف وتحديدا المجلات المتخصصة بالتراث .. وهل استطاعت وسائل الإعلام فعلا أن تحقق الأهداف من وراء إصدارها وما مدى انتشارها وتوزيعها وهل هناك معوقات تحول دون قيامها بدورها بالشكل المطلوب .. كما طرحت تساؤلات حول كيفية خدمة الإعلام للتراث المادي والمعنوي من خلال الممارسة وهل يقوم أولا بتغطية النشاطات التراثية ويفرد لها المساحات المعقولة المقروءة والمشاهدة والمسموعة كما يفرد للنشاطات الأخرى الرياضية والثقافية والفنية وغيرها وهل يقوم بدوره في البحث عن عناصر التراث بشقيه المادي والمعنوي ويسعى للكتابة عنها وإبرازها حتى يظل التراث حاضرا في الذاكرة وهل يهتم الإعلام بالكنوز البشرية التي تختزن الكثير من مفردات التراث ومتابعة هذه المفردات بالبحث والتنقيب لكشف المزيد عن مكنونها قبل أن تغيب هذه الكنوز البشرية كما هي سنة الحياة.
وقالت للإجابة على هذه الأسئلة يجب التأكيد أولا على أن الإعلام لم يتوان خلال الفترة الماضية عن إبراز التراث ماديا ومعنويا لكنه كان إبراز المتعجل وليس المتخصص .. واصفة تناول الإعلام لمعظم الكتابات التراثية بأنها " إثبات حالة " بمعنى المرور السريع لتقرير واقع وليس كتابة متعمقة لأن الكتابة المتعمقة تحتاج إلى متخصص يهوى التراث أولا حتى يصبر على سبر أغواره.
ونبهت الميسري إلى ضرورة التفرقة بين الصحفي الموكل إليه متابعة وتغطية الفعاليات الثقافية والتراثية في إطار عمل صحفي يومي من جهة وبين الباحث المتخصص الذي يتولى تتبع وتوثيق التراث من خلال أبحاث تتسم بالعمق والرصانة .. داعية المطبوعات المتخصصة أن تزاوج بين النوعين من العمل وهي مزاوجة مفقودة إلى حد كبير فبينما تغرق بعض المطبوعات في المواد البحثية التي تعرض بأسلوب خال من عناصر الجذب لغير المتخصص والباحث نجد البعض الآخر يغلب الحوارات والمتابعات الخفيفة التي ينطبق عليها وصف " المنوعات " أكثر.
وقالت إنه يجب أن نقر بأن الإعلام في الوقت الحاضر سواء كان مقروءا أومسموعا أومشاهدا هو المرآة التي تعكس ما هو أمامها فإذا لم يكن أمامها شيء فإنها تعكس القصور .. مشيرا إلى وجود فجوة تفصل بين المطبوعات التراثية من جهة والباحثين والمؤسسات البحثية التراثية من جهة أخرىففي كثير من الأحيان تنشر بعض المطبوعات المواد الجيدة التي يمكن أن تكون نواة لأبحاث تراثية موسعة تضيف إلى المكتبة المتخصص ولكن للأسف لا يلتفت لها المختصون.
ولفتت إلى أن عناصر التراث المعنوي العربي المسجلة في " اليونسكو " معدودة و الدليل أن اللجنة الحكومية الدولية لصون التراث العالمي الثقافي غير المادي التابعة " لليونسكو " اعتمدت خلال اجتماعها الرابع الذي عقد في أبوظبي في شهر سبتمبر عام 2009 حوالي/ 76 / عنصرا لم يكن من بينها عنصر عربي واحد .. بينما تضمنت / 22 / عنصرا صينيا.
وقالت إن الحال أفضل قليلا في مجال التراث المادي بينما الوضع سيىء بالنسبة للتراث المعنوي " غير المادي " حيث نجحت جهود دولة الإمارات وعضوية قطر والسعودية و المغرب و سوريا تضامنا مع بعض الدول الأخرى بعد جهود مضنية في تسجيل " الصقارة " ضمن عناصر التراث غير المادي في القائمة العالمية للتراث.
وأضافت أن لدى دول مجلس التعاون الخليجي والوطن العربي بشكل عام الآلاف من عناصر التراث المعنوي التي تستحق التسجيل والأكثر ثراء من عناصر أخرى غير عربية تم تسجيلها .. فيما عزت سبب عدم تسجيل هذه العناصر إلى أن معظم الدول العربية لم تقم بجرد عناصر التراث المعنوي لديها جردا علميا حتى يتاح لها أن تدخل ضمن منظومة عناصر التراث العالمي التي تتم دراستها لدعمها ورعايتها قبل اندثارها.
التراث أصبح في كثير من الممارسات "ديكورا" شكلياً لإثبات الصفة الخليجية.
وأشارت إلى نجاح دولة الإمارات في تسجيل " السدو " في قائمة " الصون العاجل " حيث تم تقديم ملفها لليونسكو باسم دولة الإمارات العربية المتحدة وذلك بمبادرة من هيئة أبوظبي للسياحة والثقافة وبدعم من وزارة الثقافة والشباب وتنمية المجتمع والمندوبية الدائمة للإمارات في اليونسكو إضافة إلى عدد من الوزارات والهيئات والاتحادات ذات الصلة والجمعيات والمنظمات غير الحكومية.
وأوضحت أن مجلات التراث الشعبي وبعض الصحف في دولة الإمارات التي يزيد عددها عن /10/ مجلات ما بين الشهرية والفصلية والنصف سنوية لعبت دورا هاما في إثراء الساحة التراثية الشعبية في الدولة حيث قدمت بعض المجلات رغم إمكانياتها المحدودة إسهامات مشهودة في الترويج للتراث الشعبي وتوثيقه وخاصة في مجال الأدب الشعبي والدراسات الميدانية في الفنون الشعبية والتاريخ الشفاهي إضافة إلى موضوعات أخرى متنوعة لجذب
القراء.
وأوصت الصحفية إحسان الميسري في ورق العمل بضرورة الاهتمام بإبراز التراث بشقيه المادي وغير المادي من خلال الممارسة العملية وإعادة التراث إلى الصف الأول من الإهتمام بجعله حاضرا دائما وليس في المناسبات والاحتفالات خاصة أنه يواجه بشكل عام ضغوط العولمة والنهضة الحضارية التي نعيشها في كل دول الخليج مما فرض عليه أن يتراجع إلى الصف الثاني من الاهتمام.
كما أوصت بضرورة الاهتمام بمضمون التراث غير المادي وإخراجه من عباءة المظهر إلى مضمون الجوهر وضرورة الإسراع في التعاون خليجيا لإعداد قوائم الجرد لعناصر التراث غير المادي بشكل علمي حتى يمكن إضافتها إلى قوائم التراث العالمية بجابن إجراء استطلاعات رأي بشكل منتظم للتعرف على مدى متابعة واهتمام أفراد المجتمع بالموضوعات المتعلقة بالتراث .
ودعت إلى ضرورة إعداد الصحفيين والباحث تراثيا والاهتمام بهم وتشجيعهم لأننا في التراث وبخاصة غير المادي نسابق الزمن وأي تأخير نخسر بسببه الكثير وتدريبهم المتواصل من قبل وزارات الثقافة والتراث والجهات المعنية لتبسيط المعلومات المتعلقة بالتراث الشعبي حرصا على توصيل المعلومة بشكل مشوق لكافة المستويات وتدريبهم على مهارات كتابة القصص الخبرية في مجال التراث فضلا عن إشراك طلبة الإعلام في الجامعات في برامج تدريبية عن التراث الشعبي خلال فترة الإجازة الصيفية أو فترة التدريب العملي.
وأوصت الميسري بإنشاء جماعة أصدقاء التراث في المدارس لغرس حب التراث في نفوس الطلبة منذ الصغر وذلك بالتعاون والتنسيق وزارات التربية والتعليم في دول مجلس التعاون الخليجي.
المصدر : وام