Al Masalla-News- Official Tourism Travel Portal News At Middle East

جانبى طويل

إكسبو الدولي 2020 يتوج رؤية الإمارات 2021

دبى " المسلة " … شرعت دولة الإمارات في ترجمة هدفها بالفوز في سباق استضافة «إكسبو الدولي 2020» إلى تدابير وإجراءات على أرض الواقع تؤكد جدارتها واستحقاقها بالفوز القاطع والحاسم وليس بفارق النقاط، فمنذ لحظة إعلانها استعدادها لدخولها معترك المنافسة مع كل من روسيا والبرازيل وتركيا وتايلاند على الفوز باستضافة دورة العام 2020 من معرض إكسبو العالمي، شحذت توجهات القيادة الحكيمة للدولة همم وجهود مختلف القطاعات بغرض تعبئة عناصر ومقومات القوي في ورشة عمل واحدة تحت عنوان واحد عريض «تواصل.. لخلق مستقبل أفضل»، وهو ما يعكس ترسخ الإدراك العام بأن الفوز بما درج على تسميته مجازا بالجائزة العالمية الكبرى أو جائزة الجوائز يستوجب إبراز مقومات التنافسية في أبهى صورها حتى يكون النجاح في استضافة هذا الحدث العالمي المهم بمثابة علامة فارقة في تطور مسيرة الدولة تؤذن بدخولها آفاقا للحداثة أكثر رحبا واتساعا، وتؤرخ في الوقت ذاته لاحتفال الدولة باليوبيل الذهبي لتأسيسها، وهي تنجز طموحات لا تحدها حدود، وتبلور من جانب ثالث إحدى مسارات خريطة الطريق نحو تحويل رؤية الإمارات 2021 إلى واقع معاش على الأرض.

وتجلت مؤشرات توجه الدولة نحو تعبئة الجهود لإنجاز هدف الفوز باستضافة «إكسبو الدولي 2020» في المرسوم الصادر عن صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء «رعاه الله» بصفته حاكما لإمارة دبي بشأن تشكيل لجنة عليا لاستضافة معرض «إكسبو الدولي 2020» برئاسة سمو الشيخ أحمد بن سعيد آل مكتوم رئيس هيئة الطيران المدني في دبي الرئيس الأعلى لطيران الإمارات والمجموعة، ووفقا لما نص عليه المرسوم رقم «2» لسنة 2012 ستضم اللجنة كلا من معالي محمد إبراهيم الشيباني مدير عام ديوان صاحب السمو حاكم دبي نائبا للرئيس ومعالي ريم إبراهيم الهاشمي وزيرة دولة العضو المنتدب وأحمد عبدالله الشيخ المدير العام للمكتب الإعلامي لحكومة دبي عضوا وهلال سعيد المري الرئيس التنفيذي لمركز دبي التجاري العالمي عضوا، وبموجب المرسوم ترفع اللجنة تقاريرها الدورية إلى صاحب السمو نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي مباشرة على أن تتضمن تلك التقارير نتائج أعمالها وأنشطتها وإنجازاتها والمعوقات التي قد تعترضها والحلول والمقترحات التي توصي بها حيالها فيما أكد المرسوم على ضرورة تعاون جميع الدوائر الحكومية والهيئات والمؤسسات العامة في إمارة دبي تعاونا تاما مع اللجنة ومساندتها في إنجاح أهدافها الرامية إلى تحقيق الاستضافة المثلى لمعرض «إكسبو الدولي 2020».

رؤية الإمارات 2020 :

ويرتبط توجه الدولة بقوة نحو استضافة «إكسبو الدولي 2020» بخططها التنموية الطموحة، بأن تكون هذه الاستضافة بمثابة احتفال عالمي يتوج نجاح تحقيق رؤية الإمارات 2021 التي أطلقها صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي «رعاه الله»، وتتضمن الرؤية سبعة مبادئ عامة، وسبع أولويات، ومثلها ممكنات استراتيجية، وتضع الاستراتيجية التي أطلقها سموه على رأس أولوياتها توفير أرقى مستويات الرخاء والرفاهية والعيش الكريم للمواطنين، من خلال الارتقاء بنظم التعليم والرعاية الصحية والتركيز في التنمية المجتمعية، وتطمح رؤية الإمارات 2021 إلى تطوير اقتصاد قائم على المعرفة والذي من شأنه أن يكون اقتصاداً متنوعاً ومرناً بقيادة إماراتيين ذوي خبرة ومهارة ترتكز على الإنجازات التي تم تحقيقها إلى يومنا هذا مع التطلع إلى تحقيق المزيد، من ثم، فإن ارتقاء أولوية استضافة مثل هذا الحدث العالمي إلى مصاف الأولويات الكبرى يعود إلى كونه يدشن واحدة من الآليات المهمة لإنجاز رؤية الإمارات 2020، فهو يرسم مساراً تنموياً على خريطة طريق تحقيق هذه الرؤية الاستراتيجية لمستقبل دولة الإمارات.

وبالفعل تمت ترجمة هذه التوجهات الاستراتيجية إلى سياسات حتى يكون عام 2020 شاهدا على مولد فاعل اقتصادي له مسؤوليات وأدوار ذات طبيعة عالمية، ويكون شاهداً كذلك على ميلاد فاعل ينتمي إلى منطقة الشرق الأوسط التي تغيبت لقرون عديدة عن المعادلة الاقتصادية العالمية، ويؤشر تحويل التوجهات الاستراتيجية إلى سياسات، على انتهاج الدولة نهج البلدان المتقدمة التي تخطط لعقود قادمة، وذلك رغم حقيقة انتمائها جغرافيا إلى منطقة لم تألف أغلب دولها مسألة التفكير المستقبلي.

تحويل التوجهات إلى سياسات :

ويبرز جليا ترجمة هذه الخطط إلى تدابير وسياسات في الخطة الاستراتيجية لقطاع الطيران 2020 التي اعتمدها صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، وتتضمن مشروع التوسعات الجديدة لمطار دبي الدولي بتكلفة إجمالية تصل إلى 28.8 مليار درهم بهدف رفع الطاقة الاستيعابية للمطار إلى 90 مليون مسافر بحلول عام 2018 ووفقاً لهذه الاستراتيجية ستصل الطاقة الاستيعابية لمطارات دبي إلى أكثر من 98 مليون مسافر و4 ملايين طن من الشحن الجوي بحلول عام 2020، وحسب مؤشرات النمو ستصل نسبة مساهمة قطاع الطيران المدني الى 32% من إجمالي الناتج المحلي أي 165 مليار درهم ونحو 22% من إجمالي عدد فرص العمل في الإمارة مع نهاية العقد الحالي. وفي السياق ذاته، يشكل عام 2020 وهو تاريخ استضافة الدولة لمعرض إكسبو، منعطفا تاريخيا مهما بالنسبة للقطاع السياحي، حيث يتوقع مجلس السياحة العالمي ان ترتفع قيمة الاستثمار في القطاع السياحي الإماراتي إلى 224 مليار درهم بحلول العام 2020 وهو ما سيشكل ما نسبته 43.2 % من إجمالي الاستثمارات في الإمارات حينها، وتوقع المجلس في تقرير حديث أن تبلغ نسبة مساهمة قطاع السياحة والسفر في الناتج المحلي الإجمالي للإمارات خلال العام الحالي نحو 16.6%.

جدارة الفوز :

وتستند هذه الآفاق الواعدة والمبشرة إلى مقومات وعناصر قوية باتت بينة وجلية للعيان، حيث تمتلك الدولة أرقى مستوى من مرافق المعارض، ولديها الخبرات الكافية والإمكانيات لاستضافة وتنظيم الفعاليات الضخمة، وتمتلك أحدث وسائل النقل والتموين والمواصلات، كما أن الإمارات تتميز بتنوع المنتج السياحي فلديها السياحة الصحراوية والشاطئية والرياضية والترفيهية وسياحة اليخوت وغيرها، كما تتفوق دبي كمدينة عن العديد من المدن العالمية في سياحة التسوق، حيث تضم أرقى وأكبر وأفخم مراكز التسوق على مستوى العالم. ويلعب الموقع الاستراتيجي المهم لدبي وقربها من مختلف دول العالم دوراً مهماً في رفع نسبة حظوظنا في هذه الاستضافة، حيث يستطيع 33% من سكان العالم من الوصول إلى دبي عبر الطيران لمدة 4 ساعات فقط، بينما يستطيع 66 % من سكان العالم الوصول إلى دبي من خلال الطيران لمدة 8 ساعات.

وتكمن جاذبية معرض إكسبو بالنسبة لدولة الإمارات أسوة بالدول الأخرى سواء الفائزة أو المرشحة، في كون دورات هذا المعرض تشكل فارقة في تاريخ تطور الدول المستضيفة، ويبدو أن الدولة تتجه لأن يكون فوزها بالاستضافة بمثابة تتويج لإنجاز رؤيتها الاستراتيجية لعام 2021، وهناك أمثلة عديدة مستمدة من تجارب الدول تؤكد أن التوجه نحو تنظيم مثل هذه المعارض يكون في الغالب مرتبطا باعتبارات المكانة والمنافسة، إذ أرادت بريطانيا من وراء تنظيمها «المعرض العظيم للمنتجات الصناعية لكافة الأمم» أن تطلق رسالة إلى مختلف الأمم والشعوب في العالم بأنها دولة صناعية قائدة ورائدة، ورغم مشاركة العديد من الدول، إلا أن بريطانيا سعت حينذاك إلى إبراز تفوقها ووضعها المهيمن. وينسحب الوضع ذاته على الولايات المتحدة في استضافتها للمرة الأولى لمعرض إكسبو العالمي في عام 1867، حيث تزامن استضافتها لهذا الحدث مع احتفالها بمرور مئة عام على توقيع إعلان الاستقلال، كما استضاف معرض إكسبو العالمي لعام 1915 في مدينة كاليفورنيا بغرض تسليط الضوء عالميا على حدث إنجاز مشروع قناة بنما، كذلك الحال استهدفت الصين من استضافتها لمعرض إكسبو 2010 في مدينة شانغهاي أهدافا عديدة من بينها إبراز مكانتها الاقتصادية كلاعب رئيسي في الاقتصاد العالمي.

فوائد تجارية واقتصادية :

ورغم القيمة المعنوية الكبيرة لاستضافة الإمارات «إكسبو الدولي 2020»، إلا أن نجاح الدولة في هذا المعترك، يشكل محورا رئيسيا ضمن محاور إنجاز رؤية الإمارات 2020، بالنظر إلى فوائده ومردوداته الإيجابية الضخمة، ومن بينها التالي:

أولا: التأكيد على مكانة الدولة كفاعل رئيسي في النظام الاقتصادي الجديد، حيث تمكنت الدولة على مدار أربعة عقود من بناء نموذج للتنمية الاقتصادية والاجتماعية يعد فريدا ومتميزا في سياقه الإقليمي، وتستحق تجربتها المتميزة في التحول إلى مركز مالي وعالمي مرموق على الساحة الدولية أن تعرض بمختلف جوانبها على محفل عالمي، وبطبيعة الحال، يعد معرض إكسبو 2020 الساحة المثلى لإظهار جوانب التفوق والتميز في نموذج الإمارات التنموي، وهو أمر من شأنه أن يطلق رسالة بأن الإمارات قد أصبحت دولة فاعلة إقليميا وعالميا، وبالتالي، تجني المكسب الذي جنته دول كثيرة سبقتها في هذا المجال، وهو الفوز باعتراف دولي بالمكانة الجديدة التي ارتقت إليها على سلم الارتقاء والتطور.

ثانيا: التحفيز على تطعيم نموذج الإمارات في التنمية بمقومات النمو المستدام في المستقبل، وتتجلى أهمية هذا الهدف في النجاح الذي حققته الدولة في بناء نماذج للمدن العالمية وهي أبوظبي ودبي، وذلك استنادا إلى مفاهيم المستقبل التي كانت سائدة في حقبة التسعينات من القرن الماضي.، وبالتالي، فإن السير على طريق استضافة معرض إكسبو 2020 يمثل قوة محفزة على التفكير الإبداعي والخلاق لجعل نموذج التنموي للدولة منسجما مع مفاهيم المستقبل للقرن الحادي والعشرين.

ثالثا: تقديم خبرة إنسانية متميزة في صهر الشعوب في بوتقة تعايش واحدة، وتكمن قوة هذه الخبرة في نجاح دولة الإمارات في خلق بيئة تعايش بين ما يزيد على مئتي جنسية في العالم، تنحدر إلى خلفيات ثقافية ودينية متعددة، وهي بذلك تقدم نموذجا للتعايش والتواصل الحضاري والديني، ويكمن أوجه تفرد هذا النموذج في كونه ينتمي حضاريا وجغرافيا وثقافيا إلى منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا التي جري توصيفها بأنها مستعصية على قيم التآلف والتسامح الحضاري والديني.

رابعا: عرض مساهمة الدولة في تغيير الموروثات والقيم التقليدية المتعلقة بمزاولة الأعمال في منطقة الشرق الأوسط، خصوصا فيما يتصل بالدور التبشيري الذي نهضت به في مجال إرساء بيئة أعمال تتماشى مع أفضل الممارسات الدولية، وهي في هذا المجال لعبت دورا في قوة التغيير ضد الممارسات التقليدية في مزاولة الأعمال من خلال دعمها المتواصل للقيم والأفكار الجديدة المتعلقة بالحوكمة والشفافية والإفصاح.

خامسا: تحقيق عوائد تجارية واقتصادية: حيث أظهرت بعض تجارب استضافة معارض إكسبو أن هناك مردودا اقتصاديا بالإمكان تحقيقه، وتفيد الأرقام هنا أن عدد الزوار في معرض إكسبو أوساكا الذي جرى تنظيمه في اليابان في عام 1970 وصل إلى حوالي 64.2 مليون زائر، وأرتفع هذا الرقم في معرض إكسبو شنغهاي 2010 إلى 73 مليون زائر، إلى جانب مشاركة 250 دولة ومنظمة دولية، ويشكل هذا الحجم الضخم من المشاركة قوة داعمة لاقتصاد الإمارات من خلال إنعاش قطاعات السياحة والضيافة والعقارات، وهو ما يشكل قوة داعمة لاستراتيجية الدولة الخاصة التنويع الاقتصادي بعيدا عن النفط.

وهكذا، يتزاوج معرض «إكسبو الدولي 2020» مع رؤية الإمارات 2021 ليعبرا عن استراتيجية كبرى تنتهجها الدولة ليصبح احتفالها باليوبيل الذهبي لتأسيسها أي مرور 50 عاما على نشأتها بمثابة تأكيد على أنها قطعت بحق وحقيقة شوطا بعيدا في التقدم، بعدما كانت دولة صغيرة محدودة الموارد.. ولكنها ملكت أحلاما وطموحات لا تحدها حدود.

تعزيز التبادل الثقافي بين الشعوب

مثل معرض إكسبو الدولي الذي جرى تنظيمه في نيويورك (1939ــ 1940) علامة فارقة في تطور مسيرة معارض إكسبو، حيث تغيرت محاور ومجالات تركيزه، فمنذ هذا التاريخ وصاعدا، أصبحت معارض العالم تعطي تركيزا قويا لمفاهيم وتعبيرات ذات مدلول ثقافي، وبدأت كذلك في طرح قضايا تتعلق بالإنسانية، كما أضحت أكثر توجها نحو المفاهيم المتعلقة بالمستقبل والأفكار الخيالية، ورغم أن التكنولوجيات والابتكارات ظلت ملمحا بارزا لهذه المعارض، إلا أنها لم تعد الملمح الوحيد المهم.

حيث تم تنظيم معرض نيويورك (1939 1940) تحت مسمى «بناء عالم الغد»، كما تم تنظيم معرض نيويورك (1964 1965) بعنوان «السلام من خلال التفاهم»، كذلك انعقد معرض مونتريال (1967) تحت مسمى «الإنسان وعالمه»، وشكلت هذه التسميات مؤشرا إلى التحول الضخم في مسيرة معارض إكسبو حيث أضحت بمثابة ساحة لتقاطع والتقاء الثقافات وتبادل الحلول، وشكل هذا التحول علامة بارزة في تطور معارض إكسبو، ويعد معرض مونتريال (1967) أكثر معارض هذه الحقبة أهمية، فمنذ هذا التاريخ، بدأ المنظمون في إطلاق تسمية «معارض العالم» على معرض إكسبو.

شراكة

بناء العلامات التجارية للأمم والشعوب :

بدءا من إكسبو 1988 الذي عقد في مدينة بريسبان الاسترالية، شرعت الدول في استخدام معارض العالم على نطاق أكثر اتساعا وقوة كمنصة تسهم في تحسين صورها القومية من خلال أجنحتها المشاركة، وتعتبر معارض إكسبو التي جرى تنظيمها في كل من فنلندا واليابان وكندا وفرنسا وإسبانيا كحالات تعبر عن هذه المرحلة الحيوية من مراحل التطور التاريخي لمعرض إكسبو، وأوضحت دراسة ضخمة أعدها تياكو والفيز بعنوان «معرض إكسبو هانوفر بالأرقام» أن 73% من الدول المشاركة في معرض إكسبو هانوفر 2000 استهدفت بشكل أساسي تحسين صورتها القومية.

وفي عالم اليوم الذي يعد فيه تحسين الصورة القومية أحد الأصول القيمة والثمينة، أضحت الأجنحة المشاركة بمثابة حملات دعائية، وأصبح معرض إكسبو قاطرة بناء العلامة التجارية للدول والأمم، وبحسب دراسة أعدها والي أولينز خبير العلامات التجارية، استخدمت إسبانيا معرض إكسبو 1992 في تسليط الضوء على صورتها الجديدة كدولة ديمقراطية حديثة، وفي تقديم نفسها كعضو بارز في الاتحاد الأوروبي والمجتمع الدولي.

المصدر : البيان الاقتصادى

نبذة عن الكاتب

مقالات ذات صله