أحداث ماسبيرو …وذبح مصر بسكين بارد
بقلم ..وليد عبد الرحمن
فور علمى بأحداث ماسبيرو تذكرت على الفور الخطابات الاخيرة للرئيس المخلوع حسنى مبارك والتى أكد فيها على إن الفوضى فى انتظار الشعب المصرى وأنه يحذر منها فى حال غيابه عن سدة الحكم ، وتأكدت سريعا بما لايدع مجالا للشك إن تلك الاحداث ما هى الا جزء من مخطط الفوضى الذى يسعى اليه المخلوع واتباعه من أجل الزج بنا فى غياهب الظلمات والترحم على أيام المخلوع ونظامه .
وكانت متابعتى للأحداث المتفجرة الدامية والروايات المترامية التى وردت إلى أنما كانت تحمل تحليلا واحدا لايجب أن نهرب منه وهو أن تلك المسيرة السلمية والجيش وقعا فى الكمين الذى تم اعداده من خلال سيناريو واضح ومحدد ولم ينجح أحد فى أن يفطن إلى هذا السيناريو بل ساعد الجهل الذى عاش فيه المصريون ثلاثين عاما ورسخ الافكار المتطرفة بين الجانبين المسلمين والمسيحيين فى تأجيج النار من شرارة الهجوم على الجيش.
وحملت الاحداث الدرس المتكرر والذى لم نتعلم منه حتى الان وهو التلاعب بملف الفتنة الطائفية والذى هو فى الاساس " نار تحت الرماد " والذى لم يتطوع أحد من أجل تقديم روشته علاج واضحة وصريحة لهذا الداء الذى بدا وكأنه عضال وليس له علاج .
الاحداث الدامية حملت العديد من الاخطاء من كافة الاطراف فالمسيحيين المتظاهرين أخطأوا فى عدم القبض على الذين القوا الزجاجات الحارقة واطلقوا الرصاص على قوات الجيش أمام التليفزيون ، والجيش كان خطأه أكبر بأن دهس المتظاهرين بالسيارات المدرعة لتفريقهم ، والمواطنين الذين اشتبكوا مع المتظاهرين اخطأوا لانهم أعتدوا على متظاهرين سلميين وتركوا المعتدين يفلتون دون عقاب .
وبعد الاحداث التى وقعت واشتعال نار الفتنة تذكرت مقوله المناضل الامريكى ضد العنصرية مارتن لوثر كينج والتى هى تحمل ملخص المرض الذى يعانى منه الشعب المصرى" علينا أن نتعلم العيش معا كإخوة أو الفناء معا كأغبياء " نعم لقد أخطأ الجميع والخطأ الاكبر يكمن داخلنا وفى حق وطننا الذى ندعى أننا نحبه ونعمل من أجله .
يجب أن نكون أكثر صراحة مع أنفسنا فى أن نقبل الاخر ونتحاور مع الاخر وأننا نعيش تحت مظلة الفتنة النائمة ، فلم نبحث قط عن نقاط التقاء من أجل هذه الحياة أو من أجل وطن يموت ونذبحه بسكين بارد غير مكترثين الا بمصالحنا الخاصة المحدودة الضيقة جدا فلا يوجد من يريد أن يرى مصلحة الوطن بل يعمل على النهل من كعكعة الوطن والحصول على أكثر ما تصل اليه يديه .
لقد وجدت فى أحداث ماسبيرو بعض مرشحى الرئاسة فى منافسة انتخابية وتصريحات تسعى جميعها إلى كسب تأييد التيارات المختلفة حتى لو كان هذا على حساب الوطن ، ووجدت برامج التوك شو تسعى بكل ما اوتيت من قوة لتأجيج النار وبث أخبار تعمل على أشعال الفتنة أكثر من التهدئة ، وفى ذات الوقت وجدت تصريحات رسمية لم يكن لها داعى مثل كلمة رئيس الوزراء عصام شرف التى أنتظرها الجميع حتى الثانية صباحا وكان الافضل الا يقولها لانها لم تحمل جديد.
لايوجد بالفعل ما يضير أحد فى بناء كنيسة ما لانها لن تدفع المسلمين إلى المسيحية كما لم تدفع المساجد المنتشرة فى مصر المسيحيين إلى الاسلام فالعقيدة داخل الانسان وليست فى أى مبنى سواء اكان كنيسة أو مسجد ، يجب أن نؤمن بالحرية فى كل شىء وأن يكون هذا الايمان من داخلنا لان كافة القوانين فى الارض والسلطات لن تدفع أى منا إلى قبول الاخر وتقبله بغض النظر عن دينه ، وهذا لمصلحة الوطن .
علينا أن نتعلم من ثورة 25 يناير أهم دروسها وهو نصرة الوطن ومحاربة أخطاء الماضى وقتل كل ما يضر مصلحة الوطن ، فيجب أن نعمل على نبذ كل ما هو متطرف مسيحى أو مسلم لان المتطرفين فى الجانبين يلعبان بورقة الدين وهى أخطر ورقة يتم اللعب بها مع المصريين وهى الخطر الحقيقى على هذا الوطن والذى يسعى اعداء الوطن فى الداخل والخارج إلى الاستفادة منها أقصى استفادة ممكنة ونحن الذين نعطيهم السكين ليذبحونا بها كما يحلو لهم !!.