بقلم : إيريني سمير حكيم
في ظل عدم تأمين المتاحف والتصرفات غير القانونية من بعض الأشخاص أحيانا، تدفع آثار مصر الثمن غاليا، حيث تتعرض للسرقة والنهب والبيع، وقد تتخبط الاتهامات حول من الفاعل ومن المسئول بينما الآثار لا تزال بحوزة السارق، ويكون الحل الوحيد هو التأمين الفعلي والدائم لتلك المتاحف بكل أنواعها وتخصصاتها، وان يتم تفعيل القانون بحزم مع كل معتد وكل متهاون في حق الآثار، وبما أننا في أيام عصيبة تمر بها مصر أمنيا فقد واجهت الآثار العديد من السرقات، ومنها ما حدث مؤخرا في متحفي كلية الآثار جامعة القاهرة، ويهتم هذا التحقيق بعرض أبعاد المشكلة وتوضيح الأوضاع القانونية للمتاحف بالجامعات عموما.
عن حادث السرقة في جامعة القاهرة الذي تم اكتشافه بالصدفة في مايو 2011م، من سرقة قطع أثرية نادرة من متحف الآثار، قد تحرر محضر بالسرقة التي اكتشفها موظفو المتحف عندما قرروا القيام بفتحه بعد إغلاقه في 10 فبراير الماضي، وقد أصدرت الجامعة بيانا صحفيا صرحت فيه بأن المعاينة المبدئية كشفت عن سرقة عدد محدود من العملات، مشيرة إلي انه جار التحقيق مع أفراد الأمن والحراسة، وانه قد تم تشكيل لجنة لمعاينة الواقعة مكونة من عدد من الأساتذة بالكلية، كما تم استدعاء النيابة العامة لرفع البصمات وبدء التحقيق في الحادث.
ونتيجة لذلك قد صرح الدكتور زاهي حواس وزير الدولة لشئون الآثار، بأنه قد أرسل إنذاراً لكل الجامعات التي تمتلك آثاراً مسجلة لدي الوزارة وفقاً لقانون الحيازة، يتضمن إفادتهم بسحب كل لديهم من آثار في حالة عدم تأمينها جيداً وتعرضها للسرقة، موضحاً أنه سيعرض هذا الإنذار علي اللجنة الدائمة بالآثار للموافقة عليه وإرساله، وأكد أنه سيمهل هذه الجامعات فترة لتأمين الآثار، بعدها تقوم لجنة من الوزارة بمعاينة وسائل التأمين والحماية، وإذا وجدتها مناسبة ستترك لهم الآثار، وإن لم تجدها مناسبة سيتم سحب الآثار علي الفور ووضعها في المخازن المتحفية التابعة للوزارة.
اقتراح بالاستبدال يذكر محمود خليل مدير إدارة الحيازة بوزارة الآثار أن الغرض من وجود متاحف بالجامعات هو نشر الوعي الاثري بين الطلبة ولتسهيل الدراسة العملية، ويضيف بأنه هناك عدة متاحف ببعض جامعات مصر تضم آثارا وتشمل جامعة القاهرة، وجامعة الزقازيق وجامعة الإسكندرية كلية الآداب، بالإضافة إلي جامعة عين شمس والجامعة الأمريكية اللتين تمتلكان بعض الآثار المهداة. من جانبه أكد الدكتور حجاج إبراهيم رئيس قسم الآثار بجامعة طنطا في أحد تصريحاته أن متاحف الآثار بكل الجامعات معرضة للسرقة، وقد ناشد الدكتور زاهي حواس بسحب القطع الأثرية الأصلية من متاحف الكليات ووضع قطع مقلدة مكانها للأغراض التعليمية وذلك حفاظا علي آثار مصر. الوضع القانوني لمتاحف الجامعات عن الوضع القانوني للمتاحف بالجامعات، يذكر مدير الحيازة أنه في حالة مثل كلية الآثار جامعة القاهرة، تتم الحفائر عن طريقها بواسطة هيئة التدريس بالجامعة، وتتم الحفائر في مناطق سقارة والهرم وعين شمس وغيرها،
ثم يتم حفظها في مخزن الجامعة التابع لها، ومن ثَم يتم التعامل مع تلك القطع الأثرية طبقا للمادة من قانون 28 لحماية الآثار سنة 1983م والذي يجيز للهيئة تعهد الجامعات المصرية بتنظيم وإدارة المتاحف الكائنة بها كلياتها علي أساس ضمان تسجيلها وتأمينها، أما بالنسبة للمجلس الأعلي للآثار فلا يقع عليه اي مسئولية في تأمين متاحف الجامعات، حيث تقع المسئولية كاملة علي الجامعة نفسها كما ورد بنص المادة القانونية السابق ذكرها، وإنما في حالة أن يتم إثبات أن الجامعة غير أمينة وغير قادرة علي ملكيتها للآثار، فتكون هنا إمكانية التدخل من قبل وزارة الآثار في سحب الآثار من الجامعة ووضعها في المخازن المتحفية التابعة للوزارة، ويستكمل انه من الجدير بالذكر أن هذه ليست المرة الأولي التي يتم فيها سرقة متحف جامعة القاهرة.
فقد تمت سرقته بالفعل من قبل عام 2007-2008م، وقد تحفظت النيابة علي الموضوع نظرا لوفاة المسئولين وقتها وقد تم عمل سجلات جديدة، ويذكر انه بالنسبة لحادث السرقة الخاص بعام 2011م فلم يتم الجرد حتي الآن في هذه الواقعة نظرا لانتظار قرار النيابة. أما مجموعة القطع الأثرية المحفوظة بمخزن الجامعة الأمريكية، فيفيد محمود خليل بأنها كانت نتيجة للحفائر التي قامت بها الجامعة الأمريكية ثم حفظت في مخزن الجامعة التابع لها، وإنها تعتبر مجموعة خاصة تم إهداؤها، لذلك يتم الإشراف عليها من قبل إدارة حيازة الآثار، والتي عليها متابعة تلك المتاحف الواقعة تحت إشرافها مرتين في السنة. ويضيف انه بالنسبة لجامعة عين شمس فتوجد بها مجموعة من البرديات المهداة من الدكتور حسن رجب إلي معهد البرديات بالجامعة، وهي تحت إشراف إدارة حيازة الآثار.
سرقة آثار القاهرة قد علمت القاهرة من مصدر مسئول أن السرقة تمت باستخدام السقالات التي تستخدمها شركات المقاولات التي تقوم بأعمال في واجهة المبني الرئيسي لكلية الآثار، والذي به شبابيك خاصة بمتحف الفن الإسلامي والمصري، وقد تم نصبها حتي الدور الرابع و قام السارق بقص الشبكة الحديد مستخدما نفس الطريقة في اقتحام كل من المتحفين المصري والإسلامي بالكلية، وقد وجدت ثلاث عملات معدنية ملقاة علي أرضية المتحف الاسلامي، ويستكمل انه بخصوص هذا يري المحللون للحادثة أن السارق ربما في وقت سرقة هذا المتحف لم يجد الوقت الكافي ليستكمل ما بدأه، حيث انه من الوارد أن يكون قد فوجئ بدخول شخص ما، فارتبك ووقعت منه عدة عملات وقد اكتشف سرقة إحدي عشرة عملة من المتحف الإسلامي حتي الآن.
يضيف انه بخصوص سرقة المتحف المصري بالكلية فكان من الواضح انه كان للسارق الوقت الكافي ليقوم بتنفيذ عملية سرقة واسعة، فقد تمت سرقة العديد من القطع الفرعونية المتنوعة من عملات وتمائم برونزية وتماثيل ورأس الإله أوزير، وهذه القطع تم معرفتها بالفحص المبدئي، أما العدد الحقيقي المفقود فسيتم التعرف عليه عند انتهاء الجرد، حيث الوضع الآن هو انتظار قرار من النيابة يوجه لهيئة الآثار بتشكيل لجنة لتقوم بالجرد. يذكر أن الوضع في جامعة القاهرة الآن هو أن البعض يدينون إدارة الكلية بسبب إصدار قرار غير مدروس وهو غلق المتحف، فكان من الممكن انه في حالة وجود أمناء المتحف ربما كانت الواقعة تحدث ليلا، وقد يتم اكتشافها في اليوم التالي ويتم حصر وتحديد عملية السرقة.
أما بهذا الوضع فيصعب الآن تحديد زمن الواقعة والإجراءات تتم بصورة أبطأ، لذا فكان غلقه لمدة 3 شهور وانعدام وجود أمناء بالمتحف، بالإضافة إلي التساهل في وجود السقالات بخلفية المتحف، الذي كان من الممكن في حالة عدم وجودها أن السرقة لم تتم، تسببت كل هذه العوامل ليس فقط في حدوث جريمة، إنما أيضا جريمة يصعب تحديد أي فترة زمنية تمت فيها، إلا أن الأمل حاليا هو في عمل المباحث والنيابة ليقوما بالبحث في الواقعة والوصول إلي المعلومات الصائبة. يشير إلي ضرورة الاهتمام بتأمين المتاحف بصورة كافية بالجامعات عموما وخاصة جامعة القاهرة، نظرا لوجود حوالي 6 متاحف بها في كلية الآثار والطب بالقصر العيني والعلوم، وهي متاحف غير معلن عنها بشكل كبير وليست لها نشاطات واسعة.