بقلم جلال دويدار رئيس جمعية الكتاب السياحيين المصريين
من المؤكد ان كل ما يجري من جهود لتحقيق التعافي المنشود.. للسياحة صناعة الامل لتحقيق النهوض الاقتصادي في مصر لن يكون له العائد الذي يعيد لها دورها الفعال.. في ظل المناخ العام السائد حاليا. ليس متوقعا ان تؤدي هذه الجهود وما سوف يصاحبها من انفاق مالي سوي إلي محدودية استعادة جانب من الوضع الذي كانت عليه قبل ثورة ٥٢ يناير ولكن استكمال التعافي لا يمكن التوصل اليه الا بعودة الصورة الجميلة لمصر.. واحة للامن والامان.. صحيح انه يحسب للثورة وحضارية الشعب المصري ان لا احد من سياحها او ضيوفها العرب او الاجانب قد تعرض لاي خطر منذ اندلاع الثورة وحتي الآن .. إلا أن شيوع الاحساس بعدم الامان وما ينشر ويذاع عن مظاهر للفوضي والتسيب والاضرابات والاعتصامات والتي تتسم بالتضخيم الاعلامي.. يعد عاملا طاردا يثير الخوف والتوجس لدي الذين يفكرون في زيارتنا او قضاء اجازاتهم في بلادنا.
> > >
من الطبيعي أن تنطلق التصريحات من وزير السياحة منير فخري عبدالنور والتي تتسم بالتفاؤل سعيا إلي الطمأنة.. كما أن من حقه ان يجري الاتصالات وان يتحرك الي دول العالم شرقا وغربا في محاولة لاخراج السياحة من عنق الزجاجة.. الا ان كل التوقعات تشير إلي ان هناك صعوبة في الاستجابة الفاعلة في ظل الظروف الحالية السائدة هناك اتفاق بأن لا فاعلية لاي جهد يبذل تأسيسا علي ان السياحة مرتبطة باعمال وممارسات جهات كثيرة اخري وهو ما يتطلب أن تصبح الساحة كلها مُهيأة للتعامل الصحيح مع حركة السياحة.
لا مانع من استمرار هذه المحاولات ولكن يجب في نفس الوقت ان تؤمن جميع الاجهزة في الدولة بأهمية الحفاظ علي المصلحة الوطنية وان تدرك كل اطياف الشعب ان السياحة أداة اقتصادية غير محدودة للاصلاح الاقتصادي ورفع المعاناة عن جموع المواطنين. في هذا الاطار لابد أن يعي الجميع بأن تعظيم دورها يساهم في رفع مستوي معيشتهم والقضاء علي البطالة التي ارتفعت معدلاتها في الشهور الاخيرة نتيجة عمليات تعطيل عجلة الانتاج.
> > >
ليس خافيا ان اصلاح العلاقات السياسية واستعادة الثقة وروح الاخوة مع بعض الدول العربية والعمل علي ازالة التوتر والاحقاد تعد من العناصر الاساسية لانقاذ موسم السياحة العربية.. لابد ان نعترف أن هناك بعض الجنسيات العربية ونتيجة للتوتر الذي يسود العلاقات مع بعض نظم الحكم فيها لاسباب يمكن معالجتها جعلتها تتردد في الاقدام علي قضاء اجازاتها الصيفية في مصر. ان الاتهامات الموجهة بعشوائية الي مستثمري هذه الدول والتي من المؤكد ليسوا مسئولين عنها تدخل ضمن العقبات التي لا تشجع علي القيام بهذه الرحلات.
> > >
تواصلا للجهود والمحاولات يعلن وزير السياحة انه سيقوم بزيارات إلي بعض الدول العربية دون دول اخري مراعاة لهذه الحساسية محددا ذلك كبداية بالمملكة العربية السعودية الشقيقة والتي ستتم الاسبوع القادم. كما اشار إلي ان الاردن ايضا وعلي ضوء العلاقات الطيبة سوف تكون ضمن قائمة الدول التي ستشهد اقبالا من جانب سياحها. وتفاعلا مع الاحداث الدموية التي تشهدها الجارة والشقيقة ليبيا التي نرجو الله خروجها من غمتها.. فإن ازمتها سوف تنعكس سلبا علي حركة السياحة العربية الي مصر حيث كان السياح الليبيون يمثلون نسبة تقدر ب٠٣٪ من كل عدد السياح العرب الذين كانوا يزورون مصر وهم في حدود ٨.٢ مليون سائح سنويا.
> > >
ولا تقتصر انحسار حركة السياحة العربية علي مصر وحدها وانما تشمل ايضا سوريا التي كانت قد شهدت انتعاشا سياحيا هائلا في السنوات الاخيرة ولكن كل ذلك إنهار بتأثير الاحداث المؤلمة التي تهز استقرارها حاليا. وما يحدث في سوريا وكالعادة امتد بحكم العلاقة والجوار الي لبنان التي أدي عدم استقرار الحكم فيها طوال الشهور الاخيرة إلي تراجع في الاقبال السياحي العربي والاجنبي . ومن الممكن ان يكون لاعلان التشكيل الوزاري برئاسة »ميقاتي« بعض التأثير الايجابي. وتشمل قائمة الدول التي ضُربت السياحة فيها ايضا دول الشمال العربي الافريقي وفي مقدمتها تونس التي كانت مسرحا لاولي ثورات الربيع العربي ثم المغرب التي تعرضت لقلاقل واعتداءات ارهابية.
> > >
في ظل ما هو قائم في الدول السياحية العربية وفي مقدمتها مصر وإلي ان تستقر الاحوال ويعود الاطمئنان الي شركات السياحة والسياح.. فإن من الطبيعي ان تبحث الحركة السياحية العربية والعالمية إلي أماكن آمنة مثل اوروبا وافريقيا والشرق الأقصي ضمانا لتوافر امكانات الاستمتاع بالاجازات.
انطلاقا من هذا الواقع فإنه يمكن اللجوء إلي المثل الشهير من خلال استعاضة الكلمات والمعني والذي يقول »ثورات قوم عند قوم فوائد«!!