أرض جمعت مختلف مقومات السحر والجمال، جمعت بين أصالة الصحراء وأسرارها مرورا باغراء الشواطئ الممتدة على ساحل طويل من مياه المتوسط عبر مدن وواحات ومناطق جبلية جمعت بين عراقة الماضي ومآثر الحاضر. هي أرض عتيدة تقع واثقة في ركن من الحوض الجنوبي للبحر الأبيض المتوسط، حوض الحضارات القديمة والحديثة، ومستريحة إلى قاعدتها وعمقها العربي شرقا وغربا ومجالها الحيوي الأفريقي جنوبا.. تقف شامخة شموخ الجبال مزهوة بأفق صحراءها الرحب و طول سهلها الساحلي متكئة على ماض تليد وأطلال وآثار شواهدها تحكي قصة مجد عظيم وعهد عز متجدد.
ورغم أن المؤشرات السياحية في ليبيا لا تزال ضعيفة نسبيا مقارنة بدول المغرب العربي، خاصة المغرب وتونس، ودول شمال افريقيا والمتوسطية، إلا أن ذلك لا يعني أنها تفتقر لمقومات الجذب السياحية.. والحقيقة أن ليبيا يمكن أن تكون من أهم وجهات سياحة الآثار في العالم إذا ما أوليت صناعة السياحة ما تستحقه من عناية واهتمام .
ولأن السياحة أصبحت تشكل رقما مهمّا في اقتصاديات أغلب دول العالم، وأمام ما أصبح يمثله قطاع السياحة من أهمية كبرى في الاقتصاد الوطني، تباتت ليبيا تعلق أمالا كبيرة خلال المرحلة المقبلة على الدور المهم والحيوي الذى يمكن أن يلعبه قطاع السياحة في تنويع مصادر الدخل القومي. وفي هذا الإطار تسعى إلى وضع الخطط ترمي إلى تطوير المناطق السياحية واستغلال ارثها التاريخي في دعم السياحة، وتحويل هذا القطاع إلى مصادر هام للدخل لايقل عن النفط.
ولا يأتي هذا العزم من فراغ فقد مثّلت ليبيا حلقة ربط بين افريقيا وأوروبا عبر المراحل المختلفة من التاريخ، وتدل شواهد ورسوم نحتت في الصخور على آثار للإنسان في ليبيا موغلة في القدم تعود إلى ما قبل تدوين التاريخ. كما أن بعض المساكن والفسيفساء واللوحات الأثرية والآبار القديمة جدا الموجودة في عديد المدن الليبية مثل صبراتة وغات إلى جانب الآثار الغارقة في وسط الصحراء يرجع تاريخها إلى مرحلة ما قبل التاريخ، حيث لعبت دورا محوريا في هجرة الإنسان الأول. ويعتقد أن العديد من هذه المواقع لم يتم الكشف عنها بعد.
وسكن الانسان ليبيا، التي تبلغ مساحتها ثلاثة أمثال مساحة فرنسا، قبل ما يزيد على 60 ألف سنة عندما بدأ الانسان العاقل في التحرك نحو الشمال من شرق أفريقيا قبل أن يستعمر أوروبا. وكانت تقام مستوطنات ساحلية في الأزمنة القديمة من قبل الحضارات الكبرى من الفينيقيين إلى الرومان واليونانيين والقرطاجيين والعثمانيين.
وبدأ العمل على كشف الآثار بشكل جدي في ثلاثينات القرن العشرين عندما كان يأمل المستعمرون الايطاليون في برهنة التواجد الروماني وإثبات الهيمنة التاريخية لإيطاليا على منطقة البحر المتوسط. وأدى هذا العمل أيضا إلى اكتشاف النفط. وساعدت قلة عدد السكان والمناخ الجاف على الحفاظ جيدا على أسرار ليبيا. ويقول المؤرخون إن الصحراء الشاسعة كانت يوما ما أرضا مليئة بالأعشاب دعمت مجتمعات صغيرة لا يعرف سوى القليل منها.
تعتبر المواقع الأثرية في ليبيا من المواقع المهمة عالميا وتساهم مساهمة كبيرة في جذب السياح من مختلف العالم باعتبار أن فيها الكثير من المعالم السياحية والدينية والتاريخية التي من الممكن أن تكون مصدر دخل مهم لليبيا بالاضافة الى أنها تساهم في خلق فرص عمل للشباب الليبي. وتقول الحكومة الليبية إنه مع افتتاح مزيد من المواقع الأثرية فإنها سترغب في تجنب السياحة الجماعية وأن تركيزها على التاريخ سيساعد على جذب المسافرين الواعين.
المصدر : ليبيا 24