في محاضرة نظمتها هيئة السياحة والتراث الوطني بحضور السفير الإيطالي
• العثور على أكثر من (9000) قطعة أثرية و(500) موقع تعود إلى العصر النحاسي وتشمل أنماط من المنشآت المعمارية ومواقع للصيد
• الجزيرة العربية كانت خضراء في العصر الحجري الحديث ولكنها شهدت مع نهاية هذا العصر تحولات مناخية أدت إلى التصحر والجفاف
• شمال الجزيرة العربية شهد في الألف الأول قبل الميلاد ظهور الواحات الزراعية مما اسمهم في ازدهار المنطقة
الرياض "المسلة" ….. نظمت الإدارة العامة للبحوث والدراسات الاثارية بقطاع الآثار والمتاحف بالهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني الخميس الماضي بحضور السفير الإيطالي لوكا فيراري، وعدد من الخبراء والمختصين في مجال الآثار محاضرة بعنوان" نتائج أعمال البعثة السعودية الإيطالية في منطقة الجوف خلال الفتره من" 2009-2016"م وذلك قاعة المحاضرات في مقر قطاع التراث الوطني بالهيئة.
قدم المحاضرة رئيس الفريق السعودي المشارك الأستاذ/ ثامر المالكي، ورئيس الفريق الإيطالي/ الدكتور رومولو لوريتو.
وأوضح المحاضران أن نتائج البحوث والاستكشافات الأثرية التي قامت بها البعثة في منطقة الجوف، منذ العام 2009م اسفرت عن ثراء المنطقة بالكنوز الأثرية وقالا إن ما تم استكشافه من آثار يمثل شواهد ناطقة بعراقة وحضارة المملكة عبر الحقب التاريخية المختلفة.
وجاء في المحاضرة أن أهم أهداف المشروع الذي تضطلع به البعثة تكمن في استكشاف ودراسة المواقع الأثرية التي تعود إلى الألف الأولى قبل الميلاد، وتشمل دراسة التأثيرات البابلية والأشورية خصوصاً دومة الجندل بالإضافة إلى دراسة المواقع الأثرية في الفترات الرومانية والنبطية والإسلامية، وأن هناك عدد من الموقع التي تم العمل فيها منذ بداية الموسم في عام 2009 وأبرزها حي الدرع وقلعة مارد ومسجد عمر، وغيرها، وقال المحاضران أن الاستكشافات التي تمت تحفز على مزيد من التنقيب في حقل الآثار وإعمال الدراسات لمعرفة طبيعة هذه المنطقة والتقلبات المناخية التي مرت بها، وتأثيرها على الأنشطة الحياتية المختلفة.
واستعرض رومولو لوريتو سلسلة من الصور الجوية التي تم التقاطها للتعرف على المواقع الأثرية في المنطقة، وقال: تم اكتشاف آثار يعود تاريخها إلى العصر الحجري، شملت مستوطنات بشرية وقطع حجرية مستخدمة في عدد من المجالات، حيث تم الكشف عن أكثر من (9000 ) قطعة من الأدوات الحجرية حول البرك القديمة والمستوطنات البشرية.
وأوضح أن أغلبية المواقع التي تم الكشف عنها والتي يعود تاريخها للعصر الحجري الحديث تقع جنوب دومة الجندل شمال وادي سرحان، كما كشفت المسوحات الأثرية (جنوب دومة الجندل) أيضاً عن (500 ) موقع أثري تعود إلى العصر النحاسي تشمل أنماط من المنشآت المعمارية ومواقع للصيد، وأضاف رومولو أن هناك آثار مشابهة تم العثور عليها في مواقع أخرى مثل موقع الطويل وجبل النجمة والذي تم فيه الكشف عن (150 ) موقعاً في هذا العام 2016م وهي عبارة عن مخيمات ومستوطنات بشرية، مبيناً أن البعثة تعتزم عمل مزيد من الاستكشافات والدراسات في هذه المنطقة لمعرفة أسلوب العيش فيها وأنماطه والتحولات المناخية التي مرت بها، وتكيف إنسان هذه المنطقة مع ظروف المناخ وتقلباته البيئية.
ولفت رومولو إلى أن الجزيرة العربية كانت منطقة خضراء وغنية بالمياه في العصر الحجري الحديث ولكنها شهدت مع نهاية هذا العصر وبداية العصر البرونزي تحولات مناخية أدت إلى تغير البيئات فيها حيث ساد فيها التصحر والجفاف وتبدل كثير من أوجه الحياة فيها لافتاً إلى أن ذلك يحتاج إلى مزيد من الدراسة والتحليل مستقبلاً.
وتم استعراض عددا من الصورة لمعالم أثرية شملت آبار ونقوش ومدافن مطلة على الطريق التجاري القديم ما بين الجزيرة العربية وبلاد الشام مما يؤكد أن الجزيرة العربية كانت ملتقى طرق ومهد حضارات عريقة، وبين رومولو أن شمال الجزيرة العربية، شهد في الألف الأول قبل الميلاد ظهور الواحات الزراعية والمياه الجوفية، مما اسمهم في ازدهار هذه المنطقة حيث يتجمع السكان حول الواحات والآبار لتوافر سبل العيش والاستقرار فيها.
وتطرق إلى أبرز المناطق الأثرية التي شملتها الدراسة مثل وادي الدرع وقلعة مارد وغيرها، بالإضافة إلى نماذج لتسلسل طبقى للمجسات الاثرية التي تم تنفيذها في دومة الجندل تعود إلى القرن الخامس قبل الميلاد وحتى القرن السادس عشر الميلادي.
ولفت إلى أن عمليات ترميم القطع المكتشفة تسير جنباً إلى جنب مع أنشطة المسح والتنقيب الأثري في منطقة الجوف، وذكر أنهم يسهمون مع الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني في إعداد ملف دومة الجندل بالدراسة والمعلومات الوافية التي تمهد للدفع به إلى قائمة التراث العالمي باليونسكو.
ومن جانبه شكر نائب رئيس الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني، لقطاع الآثار، الدكتور حسين أبو الحسن السفير الإيطالي لوكا فيراري على حضوره، وأثنى على المحاضرة وجهود البعثة السعودية الإيطالية وما قدمته من انجازات نالت استحسان الأمير سلطان بن سلمان بن عبدالعزيز، رئيس الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني، مشيراً الى مشاهداته في زيارته الأخيرة لمنطقة الجوف ووقوفه على سير أعمال التنقيب فيها، وقال أبو الحسن أنه أثنى على عمل الفريق خصوصاً عندما راى أن عمليات ترميم القطع تسير جنبا إلى جنب مع الاكتشفات الأثرية التي تجري في المنطقة.
ولفت الدكتور حسين أبو الحسن إلى أن الهدف من التنقيبات الأثرية في هذه المنطقة وغيرها من مناطق المملكة يكمن في إبراز البعد الحضاري للمملكة العربية السعودية من خلال التعريف بتراثها وتاريخها وحضارتها الضاربة في القدم، مضيفاً أن الاستكشافات الأثرية وما ستسفر عنه من دراسة ستكمل الحلقات المفقودة في تاريخ المملكة وتمكن من التعرف على إرثها الحضاري على المستويات كافة المحلية والإقليمية والدولية.
واضاف: كما تسهم عمليات التنقيب التي تمت والتي تجري حالياً في توفير مادة علمية دقيقة وموثقة تساعد في إعداد ملف دومة الجندل الذي ستدفع به الهيئة إلى قائمة التراث العالمي باليونسكو في المستقبل القريب إن شاء الله.
يشار إلى أن مناطق المملكة تشهد هذه العام عمل 32 بعثة أثرية سعودية دولية مشتركة، وتعد هذه الفرق من أبرز الفرق والبعثات الدولية في الكشف والتنقيب عن الآثار.