بقلم : محمد صخر حيدر
أي قضية مستعصية أحببنا أن نفكَّ عقدتها, فالعقدة هنا لا تنفك بالشعارات والأماني. وإذا كانت القضية قضية اقتصاد وطني, فهي تحتاج إلى مزيد من الاهتمام, ولاسيما في فترة نحن في أمس الحاجة فيها إلى اقتصاد متين، رديف، يرمم الفاقد الذي سببته الأزمة الظالمة على سورية.
من هذا المنطلق، نحن لا نحتاج إلى البحث عن مصادر مداخيل يلزمها تمويل كبير، وإجراءات معقدة مع هيمنة البيروقراطية والروتين البغيضين وغيرهما.
ولأننا في منطقة ساحلية، على الرغم من الأزمة. إلا أنها بقيت منطقة آمنة، استقطبت كثيرين من محافظات سورية، باشروا أنشطتهم المختلفة فيها. فهل ذكرت السياحة، فنالت نصيباً من هذه الأجواء المطمئنة؟
رب قائل، إن صيف العام 2016 شهد ازدحاماً لافتاً في منتجع الشاطئ الأزرق و روتانا, وربما موقعين سياحيين آخرين.
نرد على هذا القول، بسؤال، إلى أي حد يمكن للاقتصاد الوطني، من الاستفادة من مداخيل هذه المواقع، آخذين بالحسبان أساساً تكاليفها باهظة. ثم من المستفيد من الإقامة في هذه المنشآت؟
ثمة حقيقة يجهلها كثيرون، تقول: صحيح إن ألمانيا بلد صناعي كبير ومتطور. لكن اقتصاده يعتمد على السياحة الداخلية. أي يعتمد على تمويل السياح، من ذوي الدخل المحدود، فالبحر ملك الناس والغابات كذلك، وتبقى هناك رسوم بسيطة يسددها السائح، لكن بتعدادات كبيرة، تشكل نسبة مجزية في خزينة الدولة الألمانية.
وزير السياحة بشر اليازجي، أكد مرات عديدة، على أن الطموحات السياحية تتجه إلى جعل البحر المتوسط ملكاً للجميع، وإيجاد مواقع عديدة للسائح السوري على هذا البحر الذي يمتد إلى نحو مئتي كيلومتر، تتناسب مع دخله.
على الجانب الآخر، هل الأمر يتوقف على تنشيط السياحة الداخلية؟ بالطبع لا. المشكلة في بلدنا، أن الجهات المعنية من سياحة و اقتصاد، لا تتساءلان, لماذا السياحة دوارة على مدى العام في كل من إسبانيا و قبرص التي هي على بعد مرمى حجر من الشاطئ السوري؟.
سنجيب على هذا السؤال ببساطة، جوهرها أننا لا نهتم بحاجات السائح الذي يغادر بلده من أجل أن يستمتع في بلد آخر. قلنا يستمتع!!
يا ناس.. يا سياحة.. السياحة هي السياحة.. دعكم من توصيفات: سياحة دينية، سياحة ثقافية…
السائح عندما يزورنا، سوف يستغل أنواع السياحة كلها. أي انه يريد سياحة متكاملة. ولذلك يفضل قبرص التي تتفوق في الغلاء على سورية عدة أضعاف!
الحديث هنا يطول في هذا المجال، لكن هناك حقائق في السياحة لا يجب أن نتجاهلها، ونبدأها بسؤال يقول، أعجزت الدولة عن إنشاء مواقع سياحية تستثمرها الدولة نفسها بأسعار منطقية، من أجل الجميع؟!
ثم نقول إن السياحة، هي ابتسامة مرسومة دائماً على الوجه، وإشعار السائح أنه ضيف لا بقرةً حلوباً، وأنه قدم إلى سورية، لرؤية شيء لم يره في بلد آخر زاره، وأن اليد التي سوف تحضر طعامه وتقدم إليه هذا الطعام نظيفة.
في النهاية، إذا لم نكن حاضرين سياحياً في المحافل الدولية والإقليمية، فلن تقوم للسياحة قائمة عندنا. نحن نسوّق لصناعاتنا وتجارتنا بمعارض وغيرها. فلماذا تغيب السياحة، ولا تستفيد من هذا التسويق؟ لماذا لا تحضر السياحة السورية عن طريق الإعلان، في التلفزيونات الصديقة.. وكفى!.
نقلا عن جريدة الوحدة