Al Masalla-News- Official Tourism Travel Portal News At Middle East

جانبى طويل
جانبى طويل

قطاع الطيران: لاعبون جُدداً يسعون لدور محوري

على مدى العقود السبعة الأخيرة، كان قطاع الطيران في المملكة العربية السعودية الأكثر تنظيمًا على مستوى العالم، ولكن بروز شركتين جديدتين على الساحة، يؤشر إلى أن القطاع على عتبة حقبة جديدة.

 

لم تقتصر مشاركة شركة خطوط الطيران السعودية الخليجية  في معرض البحرين الدولي للطيران على عرض طائرتها الجديدة من طراز إيرباص A320، فقد بعثت مشاركتها بأقوى رسالة بأن قطاع الطيران المحلي في المملكة العربية السعودية بات على وشك أن يشهد نقلة نوعية.
وما تزال الشركة الخاصة، وشركة أخرى منافسة هي «طيران المها» التابعة للخطوط الجوية القطرية، بانتظار الموافقة النهائية ورخص التشغيل من الهيئة العامة للطيران المدني، وذلك بعد اتخاذ قرار تاريخي بفتح السوق المحلية أمام الشركات الخاصة. وبعد العديد من عمليات التأخير، باتت الشركتان قاب قوسين أو أدنى من إطلاق خدماتهما.
وفي معرض تعليقه على هذه التطورات، قال سامر المجالي، الرئيس التنفيذي لشركة خطوط الطيران السعودية الخليجية «لقد بتنا في المراحل الأخيرة من الحصول على شهادة مشغل جوي. وكنا قد قدمنا كتيباتنا الرئيسة وجميع أنظمتنا العام الماضي».
وفي مقابلة مع أريبيان بزنس على هامش معرض البحرين الدولي للطيران، قال المجالي أن جزءاً من هذا (التأخير) كان بسبب انتظار وصول الطائرة، التي حصلنا عليها قبل شهر. وسنبدأ في مطلع فبراير بإجراء تدريبات على عمليات الإخلاء، كما سنطلق عددًا من الرحلات تحت إشراف الهيئة العامة للطيران المدني بغية الموافقة على خطوط الطيران. ونأمل أن ننتهي من هذه الإجراءات بنهاية فبراير أو بداية مارس، لنحصل بعدها على الرخصة».
وأضاف «سوف نبدأ بعدها بعض العمليات التجريبية ونأمل أن نبدأ العمليات التجارية بين أبريل ويونيو».

تشريعات دقيقة
وألقى المجالي، الذي شغل سابقًا منصب الرئيس التنفيذي لشركة «طيران الخليج» البحرينية و»الملكية الأردنية»، باللائمة على بعض جوانب تأخير إطلاق الشركة الجديدة، التي تمتلكها مجموعة عبدالهادي القحطاني، التي تتخذ من الدمام مقرًا لها، إلى التشريعات الدقيقة السارية في المملكة، والتي تطبق للمرة الأولى.
وأضاف قائلًا: «هذه هي المرة الأولى التي يتم فيها تأسيس شركة طيران داخل المملكة والتي تعين عليها المرور بجميع مراحل الحصول على التراخيص اللازمة. لقد مررنا بجميع هذه المراحل وكانت تجربة تعلمنا من خلالها جميعاً».
امتلكت المملكة واحداً من أكثر أسواق الطيران تنظيمًا في العالم، وحدّت من مشاركة الشركات الأجنبية فيه. ولكن أدت الزيادة السكانية وارتفاع نسبة الثراء في المجتمع إلى زيادة الطلب على خدمات إضافية. وتتوقع الهيئة العامة للطيران المدني ارتفاع معدل حركة المسافرين السنوية من 65 مليون عام 2012 إلى أكثر من 100 مليون مسافر بحلول 2020، بما في ذلك تضاعف حركة الطيران المحلي لنحو 28.5 مليون مسافر.
وفي عام 2013، وافقت الهيئة على السماح لشركتين خارجيتين بتقديم خدمات نقل الركاب في السوق المحلي فقط، كما قطعت نصف المسافة ضمن مساعيها لخصخصة شركة الخطوط الجوية السعودية.
وفي مؤشر على قرب إطلاق الشركتين لخدماتهما، فقد أُضيف شعار شركة «طيران المها» إلى أربع طائرات ما تزال تشغلها الخطوط الجوية القطرية، كما يجري حاليًا تدريب موظفي الشركة.
ورغم أن وسائل الإعلام المحلية نحت باللوم على الهيئات التنظيمية بوصفها الجهة المسؤولة عن التأخير في تدشين الشركتين الجديدتين، إلا أن المجالي أكد رغبة شركته التي تتخذ من المنطقة الشرقية مقرًا لها في لفت الأنظار إليها من خلال تدشين طائراتها الخاصة.

طائرات بمواصفاتنا
قال «لقد كان السبب الرئيس في التأخير تقدمنا بطلبات لشراء طائرات جديدة، فقد اعتادت شركات الطيران الناشئة استخدام طائرات قديمة من خلال التأجير الذي لا يشمل الخدمة وإطلاق خدماتها في غضون 3 إلى 6 أشهر وهذا كل شيء. أما نحن، فقد تملكتنا الرغبة في أن نترك انطباعًا في السوق السعودية من خلال توفير طائرات ذات طرازات رفيعة وخدمات كاملة وكل ما له علاقة بذلك. لقد اشترينا طائرات من شركة إيرباص بناء على المواصفات الخاصة بنا، والتي تناسب السوق المحلي، وهذا الأمر يستغرق 18 شهرًا، وهو من أهم أسباب التأخير».
وأضاف المجالي إن الشركة لم تستلم سوى طائرة واحدة، من الطائرات الأربع التي اشترتها، وذلك لأغراض الحصول على التراخيص، بينما لا تزال الطائرات الثلاث الأخرى في مقر شركة إيرباص في مدينة تولوز الفرنسية، بسبب الظروف الجوية، مشيرًا إلى أنه «لا بد من وجود طائرة واحدة على الأقل للحصول على رخصة مشغل جوي، ومتى ما انتهينا منها، فإننا سنحضر باقي الطائرات».
وتخطط الشركة إطلاق أربعة خطوط في المرحلة الأولى، والتي تشمل الدمام-الرياض، الدمام-جدة، الرياض-جدة، والدمام-دبي. وستوفر الشركة الدرجتين الأولى والسياحية بالنسبة للرحلات الداخلية، فيما ستوفر خدمات درجة رجال الأعمال والدرجة السياحية بالنسبة للرحلات الدولية.
وفي هذا الصدد، أكد المجالي بأن العام 2017 سيشهد توسيع الشركة لأعمالها، وذلك من خلال إضافة خطوط جديدة محلية وأخرى إقليمية. وتعتمد الشركة في خططها التوسعية على 16 طائرة من طراز «بومبارديه CS300 التي طلبتها بالفعل، وبتكلفة وصلت إلى ملياري دولار، والتي من المتوقع أن يتم تسليمها بين عامي 2017-2018. وتحتفظ الشركة بخيار طلب 10 طائرات أخرى. وتحدث المجالي عن الطائرة قائلًا إنها تشبه طائرة إيرباص A320 إلى حد كبير، رغم أنها أصغر، بنحو 10 مقاعد، ولكنها طائرة صغيرة وذات ممر واحد فقط.
مخاوف من سقف الأسعار
وبوصفها «شركة طيران متخصصة» ستستهدف خطوط الطيران السعودية الخليجية السوق الفاخرة. ورغم أن الشركة لا تخطط لحصر خدماتها على درجة رجال الأعمال، التي أثبتت عدم نجاعتها في المملكة، إلا أنه النموذج الذي سيتسم بمواصفات رفيعة، وسيستهدف السوق الفاخرة.
ورغم ذلك، فقد أعرب المجالي عن مخاوفه بسبب سقف الأسعار المطبق في المملكة، وقال «أما في ما يخص الأسعار، فإننا محددون بنطاق سقف الأسعار الحالي وتعديلات سقفها داخل المملكة، ولكن مما لا شك فيه أن لدينا بعض المرونة فيما يخص الدرجة الأولى وغيرها من الأمور».
وأضاف «أنه ورغم ذلك، تشهد السوق السعودية انفتاحًا، إذ يوجد الآن ثلاث شركات طيران، فيما باتت الرابعة وشيكة. وبمجرد فتح السوق، لن يكون هناك أي حاجة للإبقاء على سقف الأسعار. ونأمل في المستقبل أن يدفع العملاء ثمن الخدمات التي يحصلون عليها».
وقال المجالي، الذي استقال من منصبه في «طيران الخليج» عام 2012، أتاح البدء في المشروع من نقطة الصفر للشركة طلب الطائرات وفقًا لمعاييرها الخاصة وتقديم هويتها من البداية. ونوه بالقول «تكمن الميزة التي نتمتع بها أننا بدئنا من نقطة الصفر، وهو ما يتيح لنا الفرصة لتطويرها بالشكل الذي نريد؛ فليس لدى الشركة أي حمولة إضافية. وكما هو واضح، فإن هنالك ثمة الكثير من التحديات التي تواجه الشركات الناشئة، إلا أن ما يميزنا بوصفنا شركة طيران ناشئة أنه باستطاعتنا تطوير أنظمتنا وإجراءاتنا وتوجهات موظفينا وخدماتنا منذ البداية».

التوسع بعد تشغيل 20 طائرة 
وأشار المجالي إلى تفكير الشركة بالتوسع إقليميًا بمجرد تشغيل أول 20 طائرة، مضيفًا أن التوسع يشمل التفكير في شراء طائرات ذات ممر أو ممرين قادرة على الوصول إلى الأسواق الأبعد.
وقال المجالي «تشمل خطتنا ]على مدى السنوات الخمس المقبلة[ بأن نصبح لاعبًا رئيسًا في قطاع الطيران المحلي السعودي، كما نتوقع أن نصبح رقمًا صعبًا على المستوى الإقليمي كذلك. وبعد ذلك، سنبدأ التفكير في التوسع. ولكن مبدئيًا ومن خلال الـ20 طائرة التي لدينا، فإننا سنركز على السوق المحلية السعودية وعلى السوق الإقليمية وما ورائها بقليل، مثل أسواق الهند وباكستان، وربما تركيا ومصر. وسوف لن تبعد جميع الوجهات، أكثر من 4-5 ساعات عن الدمام».
أما طيران المها، والتي خططت أيضًا لإطلاق عملياتها في 2015، لكنها تأخرت بفعل إجراءات الترخيص، فإنها ستطلق رحلاتها إلى أهم المدن السعودية. وستكون البداية انطلاقًا من مركزها في الرياض لتصل إلى مدينة جدة على ساحل البحر الأحمر، قبل الانتقال إلى مدن أخرى. واستلمت الشركة بالفعل أول 4 طائرات من طراز إيرباص A320، وتخطط لإضافة 6 طائرات أخرى مع إطلاقها لعملياتها. وكانت تقارير أشارت إلى نية الشركة إضافة 10-15 طائرة سنوياً حتى تصل إلى 50 طائرة ذات ممر واحد وذات ممرين.

أرض غير مفروشة بالورود
ولن تكون الأرض مفروشة بالورود أمام الشركتين الجديدتين، فمع إطلاقهما لخدماتهما، يتوقع أن تواجه الشركتان منافسة شرسة من شركة الخطوط الجوية السعودية و»طيران ناس»، شركة الطيران الاقتصادية الوحيدة في المملكة، والمملوكة بنسبة 63 بالمائة للشركة الوطنية للخدمات الجوية وشركة «المملكة القابضة» التابعة للملياردير السعودي الأمير الوليد بن طلال.
وكان بول بايرن، الرئيس التنفيذي لشركة طيران ناس اضطلع بدور كبير في قيادة الشركة، التي من المتوقع أن تتحول إلى الربحية لأول مرة منذ تدشينها عام 2007، عندما تعلن عن نتائج المالية خلال أشهر. وقال بايرن «كانت الميزة التي تمتعت بها عند قدومي إلى الشركة أنني قدمت إليها بوصفي مستشارًا، وهو ما أتاح لي النظر إلى الأمور من منظور خارجي، وأتاح لي معرفة الأمور التي كانت تسير على خير ما يرام من تلك التي لم تكن كذلك. وبدا واضحًا أن الرحلات طويلة المدى لم تكن ناجحة. وكانت قدرتنا على الانتقال بطائرات A320 من نقطة لأخرى في الوقت المحدد واحدة من الأمور التي كنا نتقنها». وأضاف قائلًا إنه يمكن البدء بنقاط القوة هذه والبناء عليها، ففي نهاية المطاف، الأمر ليس معقدًا. فنحن ندرك ما الذي نبرع في أدائه ونعرف ما الذي يحتاجه الناس، ثم إننا شهدنا تطورًا كبيرًا في فهم الجوانب التي لم يرغبوا بها، والتي كانت تستنزف الكثير من الأموال عام 2014، ولذا لجأنا إلى التخلص من هذه التكلفة الكبيرة وزدنا من ساعات طيران طائراتنا من طراز A320.
وتخطط الشركة لتوسيع أسطولها من 26 طائرة واستبدال 100 طائرة جديدة بجميع الطائرات المستأجرة خلال السنوات الخمس المقبلة.

هناك متسع للمزيد من الرحلات
وأشار بايرن، الذي بدأ مسيرته المهنية في قطاع الطيران مع شركة «أير لنغوس» الإيرلندية وعمل في جميع أنحاء العالم، إلى أن 70 بالمائة من رحلات شركة طيران ناس تتم في السوق المحلية السعودية. وقال «ما يزال هناك متسع كثير للمزيد من الرحلات، وهذا هو المجال الذي نركز جهودنا عليه في الوقت الحالي».
وأقر بايرن أنه على الرغم من وجود مشغلين فقط في السوق السعودية، إلا أنه يظل «سوقًا قاسية للغاية». وأضاف قائلًا: «انظر إلى طول المدة التي احتاجها المنافسون للدخول إلى السوق. وقبل أن ندخل هذا السوق، كانت هناك شركة طيران اقتصادية تسمى «سما»، ولكنها لم تنجح في المهمة الشاقة لترسيخ مكانتها. أما «ناس إير» (الاسم السابق لشركة «طيران ناس») فبالكاد نجحت حينها في تخطي مرحلة التأسيس. ورغم أننا نجحنا في ترسيخ مكانتنا، فما زال من الصعب كسب الأموال».
كما اضطلعت سياسة وضع سقف للأسعار في الحد من أرباح شركة طيران ناس. وعلق بايرن قائلًا «لقد عانينا من قيود على أسعار رحلاتنا على أساس يومي. ولم نحصل على دعم للوقود، كما تحصل الناقلة الوطنية. إذا أرادت الحكومة دعم شركة ما وفرضت سقفًا على أسعار التذاكر، فلن يكون ذلك مشكلة على الإطلاق، أما نحن، فقد عانينا من القيود المفروضة على أسعار التذاكر ]رغم أننا لم نحصل على دعم حكومي[. وليس لدي أدنى فكرة عن مصدر هذه المعادلة. ولكن خلال 10 أيام من المغادرة، يمكنني زيادة الأسعار بنسبة 80 بالمائة».

توسيع نطاق التفكير
ومضى بايرن قائلًا: «وبعد الذي قلت، فإنني أعتقد بأن الهيئة العامة للطيران المدني قد وسعت من نطاق تفكيرها، فلم تعد الجناح السياسي للخطوط الجوية السعودية، بل إنها بدأت في الاضطلاع بدورها الرئيس وبصفتها جهة تنظيمية. كما أعتقد بأن مسؤولي الهيئة باتوا يدركون حاجة المملكة للتمتع بخدمات أفضل عن طريق شركات طيران أكثر كفاءة. ونحن إحدى هذه الشركات، ونأمل أن نستطيع استقطاب أعداد أكبر من الأشخاص بسبب المنافسة الجيدة، والتي ستكون جيدة لنا كذلك». ويبدو أن الأمر أصبح تفكيرًا مشتركًا في دوائر الطيران السعودي؛ أي أنه بقدوم المزيد من المشغلين إلى السوق، ستضطر الهيئات التنظيمية للتخفيف من حدة تشريعاتها واتخاذ توجه أكثر ملائمة لقطاع الأعمال.
وفي هذا الصدد، قال بايرن «كانت الهيئة متشددة في الماضي، وكانت أهدافها حمائية. ولكن مع تغير الموقف الآن، إلا أنه من الصعوبة بمكان تغيير التوجهات بين عشية وضحاها. لذلك، على الرغم من تغيير كبار المسؤولين لطرق تفكيرهم والتركيز على القطاع من خلال تجزئته، إلا أنها تظل مؤسسة كبيرة وينبغي أن ينتقل هذا التغير إلى المستويات الدنيا. فقد اعتادت الهيئة على القيام بما تقوم به منذ 70 عامًا». ولذلك، لن يُشكل تدشين خدمات خطوط الطيران السعودية الخليجية وطيران المها إطلاق خدمات جديدة فحسب، بل تدشين حقبة جديدة في قطاع الطيران السعودي.

موقع أريبيان بزنس

نبذة عن الكاتب

مقالات ذات صله