خطيب جمعة بغداد: انعدام الأمانة والفساد المستشري رفع من خط الفقر بالعراق وأفشل النظام في رسم سياسة سليمة
بغداد -المسلة – فراس الكرباسي
اعتبر خطيب وامام جمعة بغداد الشيخ عادل الساعدي في خطبة الجمعة، ان مؤشر خط الفقر في العراق رجع من جديد بالتزايد بسبب انعدام الأمانة والنزاهة والفساد المستشري بين كثير من المتنفذين في المؤسسات مما أفشل الدولة في رسم سياسة سليمة للبلد، داعيا الحكومة أن ترعى القطاعات والأنشطة الأخرى من أجل تعظيم مواردها المالية، والاهتمام برعاية القطاع الخاص لفتح فرص العمل أمام الشباب العاطل، منتقدا ما حصل في ليلة رأس السنة الميلادية من انتشار الطرب والخمور بلا حساب ولا رقيب خلاف الشرع والقانون والأخلاق، داعيا الاجهزة الامنية أن تضبط هذا الانفلات اللامسؤول، معتبرا ان اعدام السلطات السعودية للشيخ النمر بانه يصب في مصلحة قوى الشر ويخدم تطبيق مخططاتها الشيطانية في المنطقة، محذرا من ان الثأر لدم الشهيد لا يكون عبر قتل السني العراقي ولا غيره.
وقال الشيخ عادل الساعدي من على منبر جامع الرحمن في المنصور ببغداد والتابع للمرجع الديني الشيخ محمد اليعقوبي، ان "العراق يعيش حالة كفر النعم وقد نفروا أقصاها بقلة حسن شكرها وتدبيرها فيعيشون حالة من التقشف وأحلوا قومهم وموازناتهم دار البوار وقد نبهت المرجعية الدينية في النجف على خطر الفساد الذي سيهلك الأمة ومقدراتها ".
واضاف الساعدي "لقد أشار المرجع الديني الشيخ محمد اليعقوبي في عام 2008 الى الموازنة وعدم جدية الاهتمام بأحوال الشعب، إذ قال إن الموازنة المالية لا تعني جداول وأرقام كيفية يراد بها اخراج نتائج متساوية او غير متساوية بين الإيرادات والمصروفات بل هي تعني الكثير لأن اصحاب الاختصاص يكتشفون من خلال تفاصيل الموازنة: أولويات الحكومة وسياستها الاقتصادية وقدرتها على ادارة الاموال وصرفها في مواضعها بحسب الأهمية، وخطط الحكومة في الارتقاء باقتصاد البلد ومستقبل ابنائه وتحسين اوضاعهم المعاشية فإلى متى يستمر هذا الانحدار المريع الذي يفرز يوميا قوافل جديدة تنظم الى مستوى دون خط الفقر وهل يعقل؟ أن يعيش الشعب العراقي هذا الوضع البائس الذي ألحقه بأفقر شعوب العالم بينما تحوي أرضه ثاني اكبر احتياطي في العالم ".
وتابع الساعدي ان "مؤشر خط الفقر في العراق رجع من جديد بالتزايد حيث سجل خط الفقر في العراق أخيرا وحسب الإحصائيات 27٪ بعد أن تراجعت هذه النسبة كثيرا في أول التغيير لكن لانعدام الأمانة والنزاهة والفساد المستشري بين كثير من المتنفذين في المؤسسات هو الذي رفع من خط الفقر وأفشل الدولة في رسم سياسة سليمة للبلد ".
وطالب الساعدي الحكومة "في ظل تدهور سوق النفط على الحكومة أن ترعى القطاعات والأنشطة الأخرى من أجل تعظيم مواردها المالية، والاهتمام برعاية القطاع الخاص لفتح فرص العمل أمام الشباب العاطل للاستفادة من طاقاتهم في بناء الحياة وتطوير الخدمات".
وشدد الساعدي أن من كفر النعم وأسباب زوالها هو انتشار الفجور وحانات الخمور وتعاطيها في بلدان تتسم بالالتزام الديني والأخلاقي، كما حصل في ليلة رأس السنة الميلادية لهذا العام بلا حساب ولا رقيب خلاف الشرع والقانون والأخلاق في وقت تتزايد فيها أعداد عوائل الأيتام ومن المقاتلين في الحشد الشعبي من لا يملك راتبا ولا قوت عياله، ففي ظل هذه الظروف العصيبة بعض المتسكعين ينفقون أموالهم على هذه الحفلات الماجنة وفي بيوت ومحلات وأندية خلت من الشرف والأخلاق.
وتابع الساعدي "نحن لسنا ممن يعارض الحرية الفردية لكن يجب أن تنمط هذه الحريات ضمن حدود الشرع والقانون والأعراف وعلى مؤسسات الدولة المعنية أن تضبط هذا الانفلات اللامسؤول".
وبخصوص حادثة اعدام الشيخ النمر، قال الشيخ الساعدي "توالت أحداث جمة على المنطقة بصورة عامة وعلى العراق بصورة خاصة، منها ما أفرح القلوب ومنها ما أكلمها وغمها، ففي الوقت الذي تسطر فيه قواتنا المسلحة نجاحات أعادت الأمل بعراق موحد وللقوات الأمنية هيبتها ومكانتها لكن في نفس هذا الوقت جرحت قلوبنا بما ارتكبه نظام آل سعود حين أقدم على حمقة من حمقات الجاهلية بإعدامه آية الله الشهيد المجاهد الشيخ نمر باقر النمر والذي صدم العالم من هذا التصرف اللا إنساني ".
واضاف الساعدي إن "إقدام هذا النظام على اعدام رجل دين بهذه المرتبة الدينية لم يكن مسبوقا بمثله إلا في العراق أيام طاغوت البعث الأسود والذي يعطي أن الأنظمة المستبدة هي من قماش واحد ومن نفس الصناعة الاستكبارية، ولا يخفى على الجميع أن مثل هذا الفعل يجر المنطقة إلى توتر طائفي وإعادة العراق إلى المربع الأول من نزف الدماء ".
وتابع "حتما فان اعدامه يصب في مصلحة قوى الشر ويخدم تطبيق مخططاتها الشيطانية في المنطقة والتي تعتمد التناحر الطائفي سلاحها الأول لتحقيق أجنداتها".
وحذر الساعدي إن "الثأر لدم الشهيد لا يكون عبر قتل السني العراقي ولا غيره، كما أن منع بعض الدول من التدخل في شؤون بلد نحبه لا يكون عبر قتل الشيعي العراقي ولا غيره".
وطالب الساعدي من جميع العراقيين بتغليب لغة العقل فإن المعارك الطائفية قد تحسم لطرف على آخر إلا أن المتيقن منه أن جميع الأطراف خاسرة فيه ".
واستنكر الساعدي حادثة تفجير المساجد في الحلة وحتما إن من أقدم عليها هو من داعش أو يحمل فكرا انتقاميا وتطرفيا يشابه فكر داعش مهما كانت انتماءاته واستنكر مرة اخرى القتل المعنوي قبل استنكارنا لإعدام الشيخ الشهيد وذلك من خلال جمعه مع مجموعة إرهابية استهدفت الأبرياء بأفعالها الشنيعة وفي هذه رسالة إيحائية إلى العالم أن التطرف والإرهاب يشمل جميع مدارس الإسلام وأن مذهب أهل البيت لا يختلف عن غيره، ويحمل في طياته ".
وشدد الساعدي ان "مما يؤسفنا أن التعاطي مع الحدث كان تعاطيا سياسيا أكثر مما هو حدث ديني وإنساني فأفقد الشهيد رسالته وكانت ظلامة من ظلامته، حيث اتخذ وسيلة وذريعة لتحقيق المكاسب السياسية بدل المحافظة على منجزاته وهدفه الذي يمكن ان يحقق مشروعه في حرية الأمة وكسبها حق التعبير عن دينها ومعتقداتها دون فرض الهيمنة والسلطة وتكميم الأفواه ".
وبين الساعدي "كان من الواجب توظيف الحدث إنسانيا لا سياسيا لتحقيق الهدف، ودون ادخال المنطقة في توتر طائفي جديد".
واستغرب الساعدي من المواقف الخجولة لبعض منظمات حقوق الإنسان التي أعاقت العراق في تنفيذ احكامه بحق المدانين إرهابيا وبسلامة من التحقيق والترافع واصدار الحكم وتعتبرهم سجناء سياسيين ومعارضة رأي، بينما الشيخ الشهيد لم يصنف بالقول الثابت عندهم أنه اغتيال سياسي وبخس حقوق واضطهاد ديني وقسر سلوكي.
وانتقد الساعد الامم المتحدة بالقول "كان على الأمم المتحدة أن تصنف هذا الحكم من أحكام الإرهاب ومن يصدره يمثل امتدادا سياسيا لداعش، وعلى الأمم المتحدة أن تحد من وحشية هذا النظام وتدفع به لأن يفتح أمام شعبه آفاق الحرية والتعبير عن الرأي".
واضاف أننا "ندعو منظمات حقوق الإنسان ان تقف بوجه هذا الاضطهاد والامتهان لحقوق الأمة وتدافع عن كرامة هذا الشعب المستلب الحقوق".
وبخصوص الدبلوماسية العراقية، اشار الساعدي "وفي هذا الوقت نثمن للدبلوماسية العراقية التحركات السياسية الرامية لرأب الصدع ونزع فتيل الأزمة وتغليب لغة الحوار الجاد والهادف لتخفيف حدة التوتر وأن العراق هو المعني الأول بهذا الأمر"، مرحبا "بأي جهد سلمي من أي دولة كانت تسعى للخير كما نأمل من جميع الأطراف إلى التهدئة والتعامل بروية وحكمة لحل الأزمة ".