المسلة السياحية
بقلم : د. ابراهيم بظاظو
مدير مركز الدراسات في الجامعة الأردنية فرع العقبة
لاشك أن القطاع السياحي العالمي واحداً من أهم القطاعات الاقتصادية التي تقود العالم في القرن الحالي إلى جانب قطاع الإتصالات وتكنولوجيا المعلومات، وقد شهد مطلع هذا القرن نموا واضحا في صناعة السياحة الدولية في الكثير من اقاليم السياحة التقليدية العالمية، مثل إقليم أوروبا واقاليم جنوب شرق آسيا والصين.
لقد أدى ظهور وباء فيروس كورونا إلى شلل في النظام الاقتصادي العالمي، وموت سريري في صناعة السياحة والطيران في العالم، حيث تضررت كافة أطراف صناعة السياحة الدولية بكل جزيئات هذا القطاع الحيوي المباشرة وغير المباشرة، مثل : شركات النقل السياحي وشركات الطيران وسلاسل الفنادق العالمية والمكاتب السياحية وغيرها، مما أدى إلى إلغاء كافة المواسم السياحية وانهيارها على المستوى الدولي، وتسريح الكثير من الوظائف وإغلاق المطارات والمواقع السياحية والاثرية، مما أدى إلى تدمير صناعة السياحة في كل الدول في العالم وانهيارها.
ظهور وباء فيروس كورونا إلى شلل في النظام الاقتصادي العالمي، وموت سريري في صناعة السياحة والطيران في العالم
دورة حياة القطاع السياحي
تشير التوقعات انه من المؤمل ان لا يستمر هذا الوضع طويلاً وستعود دورة حياة القطاع السياحي الدولي مرة أخرى ولكن بهيكلة جديدة ضمن رؤية مختلفة عما سبق أحداث كورونا وذلك ضمن إطار جديد يتحكم به شركات دولية جديدة ستحل مكان الشركات التقليدية القديمة، ضمن إطار تغيير المنتج السياحي الدولي التقليدي.
وانتهت نمط سياحي جديد يقوم على تبني مفاهيم السياحة الصحية الطبيعية والنظيفة، ضمن اقاليم سياحية جديدة تتصف بأنها بكرا وبعيدة عن مناطق واقاليم السياحة التقليدية، ذات الكثافات السكانية الكبيرة في اقاليم سياحية تقليدية، مثل جنوب شرق آسيا وأوروبا والصين، علماً أن صناعة السياحة اسهمت فيها قبل أحداث كورونا بانتعاش اقتصادي كبير جدا مما أدى إلى صعودها ضمن منظومة الدول الأولى في الاقتصاد العالمي.
صناعة السياحة تتجه إلى اقاليم جديدة تشرف عليها شركات جديدة وليس الدول والحكومات تتركز هذه السياحة على السياحة المسؤولة والمستدامة ضمن اقاليم عذراء وعلى رأسها إقليم نيوم في الشرق الأوسط
خارطة جديدة للتنظيم السياحي
يتوقع ان يتم رسم خارطة جديدة للتنظيم السياحي الدولي، يتم من خلالها تحديد الطلب والعرض السياحي القائم على أسس مغايرة لما سبق وتبتعد عن الأقاليم السياحية التقليدية، وستبدأ صناعة السياحة تتجه إلى اقاليم جديدة تشرف عليها شركات جديدة وليس الدول والحكومات ، وتتركز هذه السياحة على السياحة المسؤولة والمستدامة ضمن اقاليم عذراء وعلى رأسها إقليم نيوم في الشرق الأوسط، حيث سيصبح قبلة وبوصلة العالم الاستثماري في كافة مجالات صناعة السياحة الحديثة بشكلها المباشر وغير المباشر.
ولادة عصر سياحي جديد
سنشهد بعد زوال كورونا ولادة عصر سياحي جديد ضمن مفهوم دورة حياة الشركات السياحية الدولية حيث ستنتهي شركات وتظهر شركات أخرى بدعم القوى الكبيرة التي تتحكم في اقتصاديات العالم الجديد، وبالمناسبة هذه القوى ليست دول وأنما أشخاص، لذا يشهد العالم حاليآ ولادة قطاع سياحي عالمي جديد يقوم على أسس مغايرة السابق، يتجسد هذا المفهوم بدورة حياة المواقع السياحية، والتي تشبه دورة حياة الإنسان.
ولادة عصر سياحي جديد ضمن مفهوم دورة حياة الشركات السياحية الدولية حيث ستنتهي شركات وتظهر شركات أخرى بدعم القوى الكبيرة التي تتحكم في اقتصاديات العالم الجديد
مواقع سياحية وصلت للشيخوخة
لذا سوف تضمحل المواقع السياحية التي وصلت إلى مرحلة الشيخوخة وستظهر مواقع سياحية أخرى في العالم ما زالت في مرحلة الطفولة، وخاصة التي توجد في اقاليم تتصف بالاستدامة الصحية في الأقاليم الطبيعية التي تبتعد عن كافة مظاهر التلوث بكافة أشكاله وخاصة التلوث الضوضائي والهوائي.
إقليم نيوم
مما يشير إلى أن افضل الأقاليم المرشحة للنمو إقليم نيوم لامتلاكه كافة الخصائص والعناصر التي تتواءم مع معطيات الشركات الدولية السياحية الجديدة في العالم، والتي تتبنى مفاهيم الروبوتات الآلية والذكاء الاصطناعي في صناعة السياحة الحديثة.
مشروع مارشال العربي
لذا من المتوقع حاليا المزيد من الخسائر في منظومة القطاع السياحي الدولي، مما يستوجب علينا التعاون جميعا في امتصاص الصدمة العالمية وتدراك الأمر، وهذا لن يستمر طويلاً وسيأتي بعدها الفرج من أوسع الأبواب في منطقتنا بشكل يشبه مشروع مارشال الذي ظهر في أوروبا بعد الحرب العالمية الثانية.
