بوابة السياحة العربية
حول العالم
بقلم: صلاح عطية
كل المؤشرات تشير إلى أن مصر مقبلة على انتعاش سياحي بإذن الله تستعيد فيه بعض ما غاب عنها من مد سياحي في السنوات الأخيرة نتيجة مؤثرات كثيره توجتها جائحة الكورونا ثم أحداث الحرب الروسية – الأوكرانية.
وتشير أحدث بيانات أذاعها البنك المركزي في مطلع الشهر الحالي إلى ارتفاع الإيرادات السياحية في الفترة من يوليو إلى سبتمبر٣٢٠٢ بنسبة ٤٣٤،٥٪ بمبلغ ٢،٨ مليار دولار وارتفاع عدد الليالي السياحية بنسبة ٧٤،١٪ إلى نحو ٤٣،٦ مليون ليلة وعدد السائحين الوافدين إلى مصر بنسبة ٢٥،٢٪ إلى نحو ٢،٤ مليون سائح..
وقد توقعت وكالة فىتش الائتمانية منذ أيام استقبال مصر لنحو ١١،٦ مليون سائح في العام الحالي 2023 وتحقيق دخل سياحي ٣١،٦ مليار دولار.. كما توقعت ان يصل عدد السياح إلى مصر في عام 2026 إلى ٤١ مليون سائح والدخل إلى ٧١،٩ مليار دولار.
في كل ما تحقق من زيادة حتى عام 2022 فإننا لم نصل بعد إلى ما تحقق في سنة 2010 حيث وصل عدد السائحين إلى 14.7 مليون سائح، والدخل السياحي إلى ٢١،٩ مليار دولار.. وقد سميت هذه السنة بسنة الذروة.. وما زالت كذلك حتى الآن..
وان كان الأمل كبيرا في ان نتخطى أرقامها ونواصل ارتفاع الإيرادات وارتفاع أعداد السائحين ولياليهم السياحية وصولاً إلى هدف تحقيق ثلاثين مليار دولار دخلاً سياحيا خلال عامان أو في عام 2026 حسب التقدير المعدل أخيرا للوصول إلى هذا الرقم والذى يختلف عن توقعات فىتش.
وقد أعلنت وزارة التضامن الاجتماعي في مطلع هذا الشهر نتائج البحث الذى تم بالتعاون بين الوزارة والمركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية لرصد التكلفة الاقتصادية والاجتماعية التي تكبدها المجتمع المصري نتيجة أحداث التطرف والإرهاب التي مرت على مصر في العقود الثلاثة الأخيرة تحت عنوان: “تكلفة التطرف والإرهاب في مصر في ثلاثة عقود”..
وقد تم إجراء هذا البحث بتوجيه من الرئيس عبدالفتاح السيسي الذى طلب ان تنشر نتائجه على الرأي العام لرفع وعى المجتمع وإحاطته بالثمن الفادح الذى دفعناه في هذا الإطار.. ونحن نتطلع إلى ذلك في أقرب فرصة.
وقد رصد البحث التكاليف الاقتصادية الباهظة التي تكبدتها الدولة من جراء الهجمات الإرهابية وانعكاسها بشكل مباشر على إهدار موارد الدولة البشرية والمادية وبشكل غير مباشر على النمو والتنمية الاقتصادية والتأثيرات السلبية على قطاعات السياحة والاستثمار والتجارة الخارجية.
حدد البحث التكلفة الاجتماعية في تهديد الوحدة الوطنية والتماسك الاجتماعي والتراجع الحاد في التفاعلات الاجتماعية والاقتصادية العابرة للانتماء الديني.. وأضعاف الثقة المتبادلة بين أبناء المجتمع..
اما عن التكلفة الاقتصادية المترتبة على العمليات الإرهابية بالنسبة للناتج المحلى فقدرها البحث بمبلغ 385 مليار جنيه في الفترة من 2011 إلى 2016، وقدر البحث إجمالي التكاليف التي تحملتها الدولة والقطاع الخاص كخسائر في قطاع السياحة خلال الفترة من 2001 إلى 2018، بما يتجاوز 207 مليارات دولار أمريكي.
&&&&&&&&&&
ولا نستطيع أن نناقش نتائج هذا البحث قبل إعلان تفاصيله كاملة وإتاحة فرصة الاطلاع عليها للجميع، كما طلب الرئيس عبدالفتاح السيسي.. ونحن هنا بصدد عدة ملاحظات حول تقديرات التكلفة الاقتصادية للإرهاب.. تشمل سنوات البحث وتقديرات الخسائر.. فهو يقدر إجمالي الخسائر الاقتصادية بالجنيه المصري.. بينما يقدر خسائر السياحة وحدها بالدولار..
وقد يكون لهذا منطقة وهو مقبول.. ولكن المقارنة هنا تصبح صعبة.. خاصة أنه تناول فترات مختلفة لا تجعل المقارنة ممكنة فهو يشير إلى الخسائر الاقتصادية في الفترة الممتدة من عام 2011 إلى عام 2016، وهذا ممكن بالنسبة لأحداث عام 2011 وما تلاها.. بينما يتناول خسائر السياحة في الفترة من ١٠٠٢ إلى ٨١٠٢، وقد يكونن لهذا تبريراته بلا شك لدى من قاموا بالبحث.
ويلاحظ ان البحث تناول تأثير التطرف والإرهاب على السياحة في فترة حصرها بين عام 2001 وعام 2018، في حين ان السياحة بدأت تعانى التأثير السلبى للإرهاب منذ الثمانينيات.. ثم بدأ الإرهاب الموجه مباشرة للسياحة في أكتوبر 1992 وتصاعدت ذروته مع حادث الأقصر عام 1997، واستمر مع حادث المتحف مع حوادث أخرى عديدة لا نريد ان نعود إلى التذكير بها.. ولكنها في إطار البحث لا بد ان تكون واردة ومحددة وآثارها وتوابعها معروفة.
على هذا فإنه كان يكون منطقيا لو ان فترات البحث عن خسائر السياحة قسمت إلى فترتى بحث تشمل الأولى سنوات منذ عام 1992 حينما بدأ الإرهاب يتجه مباشرة إلى السياحة وحتى عام 2010 وهذه فترة زمنية محددة المعالم.. اما الفترة الثانية فتبدأ مع أحداث يناير 2011 وما تخللها أيضا من أحداث إرهاب.
&&&&&&&&&&
في هذا الإطار اود ان أعود لتقديرات سابقة لي تحدثت عنها من قبل.. وقد يكون من المناسب العودة إليها في مجال المقارنة بينها وبين هذا البحث رغم اختلاف فترات التقدير.. وقد تناولت هذه التقديرات الفرص الضائعة والبديلة بالنسبة لعنصري الدخل السياحي وأعداد السياح فحسب..
اما باقي الآثار السلبية على الاقتصاد والعمالة وغيرها فقد تركته لبحث دعوت الاتحاد المصري للغرف السياحية بتكليف أحد المراكز البحثية للقيام به تحت اشرافه.
وقد اعتمدت في تقديراتي على نسبة الزيادة السنوية في الدخل السياحي وفى أعداد السياح والتي كانت تتراوح بين ٠٢ و٢٢٪، سنويا.. وأخذت بالرقم الأصغر وهو 20٪، قياسا بسنة الأساس 2010.
ولو اننا واصلنا الزيادة السنوية في أعداد السياح وفى الدخل السياحي بالنسبة المعتادة في حدود 20٪، وبفرض نمو البنية التحتية والفوقية بما يتواكب والزيادة المضطردة سنويا في أعداد السياح مع ملاءمة الظروف السياسية محليا ودوليا لهذه الزيادة..
فقد كان ممكنا تجاوز المائة مليون سائح في عام 2021، والاقتراب من مائة مليار دولار في نفس العام.. وعلينا ان نقدر الخسارة المبدئية بمقارنة ما كان ممكنا ان نكون قد وصلنا إليه وبما حققناه فعلاً في السنوات من 2011 وحتى 2022، إذ ان دخلنا السياحي في هذه الفترة لم يصل إلى مائة مليار دولار وهذا رقم تقريبي..
ولكن إجمالي الدخل السياحي الضائع نتيجة الفرص المهدرة في هذه السنوات بسبب أحداث عام 2011، وأحداث الإرهاب يتجاوز الخمسمائة مليار دولار.. فقد كان ممكنا ان نتجاوز في هذه الفترة ما مجموعه 612 مليار دولار.. فقد خسرنا الفارق بسبب أحداث عام 2011 وما تلاها وبسبب أحداث الإرهاب ثم أيضا بسبب جائحة الكورونا والحرب الروسية – الأوكرانية.
هذا الدخل كان مفروضاً ان يصاحبه نمو في طاقات الإيواء والنقل الجوي والنقل السياحي والقوة البشرية المدربة مع تحسين السلوكيات الفردية والجماعية تجاه السياحة والسياح .. وقد كان هذا كله ممكنا على مدى اثنى عشر عاماً..
ولهذا اعتبر ان احتساب خسائر السياحة كما جرى في البحث الذى لم تعلن تفاصيله بعد قد اغفل فترة مهمة من خسائر السياحة بدأت عام 1992، كما انه ضم فترتين مختلفتين تماما ًفى أحداثهما واعنى بهما الفترة من عام 2001 حتى عام 2011 ثم الفترة من 2011 حتى عام 2018.
ولهذا كله اعتقد اننا في حاجة لإعادة احتساب خسائر السياحة طبقاً لهذا التقسيم على ان يشمل أيضا تأثيرات انحسار السياحة على كافة نواحي الاقتصاد وفرص العمالة.. وهو ما يمكن ان يتم بإشراف الاتحاد المصري للغرف السياحية كما اقترحت من قبل.
#دعوة_لإعادة_الحساب