الرقص على أشلاء ضحايا الطائرة الروسية المنكوبة
في نهاية الشهر الماضي وبعد نحو نصف ساعة على إقلاعها غابت الطائرة الروسية المتجهة من شرم الشيخ إلى سان بطرسبورغ عن شاشات الرادار ليتبين بعد ذلك سقوطها فوق سيناء وعلى متنها 224 شخصا.
وقد انبرى الإعلام الغربي على الفور للتأكيد بأن سقوط الطائرة نجم عن صاروخ أطلقه عليها عناصر "ولاية سيناء" الإرهابية. وعند التأكد من أن الطائرة كانت تحلق على علو لا تناله صواريخ التنظيم المحمولة على الكتف، بدأت التسريبات الإعلامية المصرة على أن قنبلة وضعها تنظيم "داعش" في الطائرة، كانت السبب في انفجارها.
ولتتوالى بعد ذلك تصريحات المسؤولين الغربيين، المرجحة لهذا الاحتمال، وعلى رأسهم رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون، ووزير خارجيته فيليب هاموند، والرئيس الأمريكي باراك أوباما. ولم يتوان مدير الاستخبارات القومية الأمريكية جيمس كليبر عن إدلاء دلوه والإعراب عن اعتقاده بإمكانية وقوف "داعش" وراء الحادثة.
ويعجب الخبراء المصريون لإصرار لندن وواشنطن على استبعاد فرضية حصول العطل الفني وإهمال الفرضية الثانية – العامل الإنساني، أي أخطاء الطيار أو مساعديه، ولا سيما أن هذه الطائرة بالذات واجهت بشكل منتظم مشكلات تقنية: ففي عام 2001، ولدى هبوطها في مطار القاهرة تضرر ذيلها بشكل كبير عند ارتطامه بالمدرج.
وقد أخبر أحد موظفي وكالة مصرية يعمل على رحلات "متروجيت" من مطار شرم الشيخ ثلاثة صحافيين من مجلة "تايم أوروبا" أن "الطائرة اضطرت قبل شهرين للعودة إلى المطار والهبوط اضطراريا بعد 15 دقيقة من إقلاعها، عندما ظهرت مشكلات في محركاتها". وقال: "ثم، بعد ثلاثة أسابيع فقط ظهرت لدينا المشكلة نفسها، وقبل الإقلاع أبلغ قائد الطائرة عن عطل في أحد المحركات، وبقيت الطائرة في المطار، وعاد الركاب إلى الفندق. أما في آخر رحلة فكانت في خزانات الطائرة كمية كبيرة من الوقود تقدر بـ 20700 ليتر من الوقود، ما كان يمكن أن يثير المشكلات".
وإلى ذلك، صرحت ناتاليا تروخاتشوفا زوجة مساعد الطيار سيرغي تروخاتشوف لقناة "إن تي في" التلفزيونية الروسية بأن زوجها اتصل بها قبيل الحادثة واشتكى من حالة الطائرة "البعيدة عما هو مطلوب".
ولعل ذلك كله دعا أحمد بن حلي نائب أمين عام جامعة الدول العربية إلى إصدار بيان، جاء فيه أن ما نشر حول أسباب حادثة سقوط الطائرة الروسية ليس سوى تسريبات وتحليلات "حاولت بعض الأطراف استغلالها لأغراض المساس بأمن مصر".
في حين استبعد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي أن يكون "داعش" وراء الحادثة، ووصف بيانات التنظيم بأنها مجرد دعاية.
بينما أشار بوتين في اتصاله الهاتفي مع كاميرون إلى أنه في تقييم أسباب الكارثة "ينبغي الاعتماد على المعلومات الصادرة في سياق التحقيق الرسمي الجاري".
ورد السكرتير الرئاسي الروسي دميتري بيسكوف على تصريحات المسؤولين الأمريكيين والبريطانيين المستندة إلى معلومات استخبارية تفيد بأن الطائرة سقطت بفعل تفجير داخل الطائرة، واصفا المعلومات المتلقاة من غير جهة التحقيق بأنها "غير موثوقة" أو "للمزايدة".
ولكن لماذا استباق التحقيقات، والإصرار على تفسير الأمر بأنه عملية إرهابية؟ هل لأن هذه الرغبة بذلك تظهر دائما، كما تقول صحيفة "معاريف" الإسرائيلية، عندما تسقط طائرة ما لأسباب غامضة! ولماذا لم تقم الهيئات الاستخبارية البريطانية والأمريكية بتقاسم جزء من معلوماتها مع أجهزة الأمن الروسية إلا يوم الاثنين في الـ9 من نوفمبر/تشرين الثاني، وسربتها بدلا من ذلك على الفور إلى وسائل الإعلام؟ أم أن مشاعر تشفي "لندنستان" من روسيا، لحربها ضد الإرهابيين في سوريا، ومن مصر لعلاقاتها الجيدة مع روسيا، تبيح كل المحرمات، بما في ذلك الرقص على مزمار الإرهابيين!
على أي حال، يبدو أن الأمر أكبر من عملية إرهابية نفذها "داعش"، ومن الممكن أن تكون جهات استخبارية قد تورطت فيها، وإلى أن يتوقف الرقص على أشلاء ضحايا الطائرة المنكوبة، أصدر الرئيس الروسي مرسوما بمنع سفر مواطنيه إلى بلاد الكنانة.
نقلا عن أخبار روسيا