لأول مرة بعد مرور 13 عام .. اقامة صلاة الجمعة في المنطقة الخضراء بالعراق
– خطيبها يطالب بوضع حد للتجاوزات على اقتصاد العراق من قبل الشركات النفطية الأجنبية
بغداد "المسلة" فراس الكرباسي …. أقيمت ولأول مرة بعد سقوط بغداد في عام 2003 ، صلاة الجمعة في المنطقة الخضراء في جامع وحسينية الزهراء وقد حضرها عدد من المسؤولين في الحكومة العراقية ومستشاري رئيس الحكومة ورئيس الجمهورية، وتطرق امام وخطيب جمعة المنطقة الخضراء السيد حسين المرعبي في الخطبة الاولى الى ضرورة شكر المنعم على نعمة إقامة صلاة الجمعة في هذه المنطقة وبمباركة المرجعية الرشيدة في النجف الأشرف وان شكر النعمة يتجسد بنصرة هذه الصلاة وتكثيف الحضور لها وبيان أهميتها للناس فالشكر يحتاج الى عمل ونبه المرعبي ان صلاة الجمعة وان كانت هي واجب تخييري على رأي مشهور المتأخرين الا انهم أوجبوا الحضور على المكلف اذا اجتمع العدد المطلوب وأقيمت صلاة الجمعة.
وتطرق خطيب جمعة المنطقة الخضراء عن موازنة ٢٠١٦ وما يدور حولها من مشاكل اقتصادية على رأسها مشكل نزول أسعار النفط " لقد حددت وزارة المالية سعر البرميل ب ٤٥ دولار وعلى أساس تصدير 3.6 مليون برميل يوميا فتكون ايرادات هذه السنة النفطية ٧٠ ترليون دينار يضاف لها ١٤ ترليون ايرادا اخرى غير نفطية فيكون مجموع الإيرادات ٨٤ ترليون واعتبرت الوزارة الموازنة لهذا العام ١١٣ ترليون اي بعجز مالي اكثر من ٢٩ ترليون وهذا الرقم خطير في ظل هذا التراجع بأسعار النفط اذ يمثل ربع الموازنة وقد لا تستطيع الدولة تسديده ونقع تحت طائلة الديون من جديد وما تحمله من فوائد تأخيرية تضاعف هذا المبلغ علينا".
وقال المرعبي انه "من الجدير بالذكر ان كلفة استخراج البرميل الواحد تتراوح من ٢٠-٢٥ دولار اي ان نصف قيمة البرميل الواحد تقريبا وهذا أكيدا سينعكس على الوضع الاقتصادي اذا ما استثنينا العجز واستحقاق الشركات النفطية الأجنبية التي تطلب العراق ما يقارب ٢٢ مليار دولار قابل للزياد فتكون الموازنة الحقيقية قليلة قد تقتصر على الجوانب التشغيلية من رواتب ونحوها".
وتابع المرعبي " لذلك نحن اليوم نوجه ندائنا الى مجلس النواب وخصوصا اللجان المعنية كاللجنة الاقتصادية ولجنة الوقود والطاقة واللجنة المالية بوضع حد لهذه التجاوزات على اقتصاد العراق من هذه الشركات النفطية الأجنبية التي لا يهمها سوى مصالحها وان أدت الى انهيار الوضع في العراق".
واشار المرعبي الى "عدة نقاط خطيرة تقع في طريق هذه العقود النفطية وجولات التراخيص منها اُسلوب الدفع بالأجل وتحميل فوائد تأخيرية يجعل هذه الشركات تستمر بالصرف وبأعلى الأسعار دون ضابط او محدد وكذلك من قال ان زيادة الانتاج دائما فيه نفع اقتصادي للبلد فكلما زاد الانتاج اصبح الاعتماد على الإيرادات النفطية هو الأساس وهذا يضر بالصناعة والزراعة وباقي القنوات الاخرى التي يمكن ان تدعم الاقتصاد العراقي فينبغي ان يكون هناك توازن بين الإيرادات النفطية وغيرها يجعل العراق لا يعتمد على ثروة قابلة للنضوب مستقبلا وتقع الكارثة والمجاعة".
وبين المرعبي ان "احتياطي النفط في العراق ١١٥ مليار برميل فإذا فرضنا ان هذه الشركات ستبالغ في الانتاج ليصل كما تصرح هي الى ١٥ مليون برميل يوميا آي ان هذا الاحتياطي قد ينضب في مدة لا تتجاوز العشرين عاما فهل حسبنا حسابنا كيف سيعيش العراق بلا نفط؟ وكذلك "تحميل رواتب العمال الأجانب والخبراء وعوائلهم رواتب عالية جدا قد تصل الى عشرات أضعاف ما يتقاضاه العراقي وعندما تسال هذه الشركات لماذا تحملونا هذه المصاريف الباهظة باستقدام عمال اجانب وأبناء العراق والبصرة بشكل خاص بأمس الحاجة لامتصاص البطالة يجيبون بكل برود ان العامل الأجنبي فنيا أفضل من العراقي ولا نستطيع ان نفرض عليهم عمال عراقيين؟".
وكشف المرعبي "من حق هذه الشركات ان تتعاقد بالمباشر مع شركات اخرى لشراء مستلزمات الحفر والإنتاج دون اعلان مناقصة ولا يحق لأي جهة رقابية التدقيق في هذه العقود التي تحمل العراق مبالغ باهظة فبدلا من التعاقد مع شركة مباشرة ب ١٠٠ مليون دولار قد يكون المبلغ ٥٠ مليون دولار اذا ما أعلن مناقصة وهذا كله يحسب علينا وكذلك تكاليف مكاتب هذه الشركات في لندن ودبي ووو يحسب علينا وكذلك بقاء بعض المعدات دون عمل تحسب ايجار يومي على العراق".
وقال خطيب جمعة المنطقة الخضراء " لقد صرح المستشار الاقتصادي لرئيس الوزراء الدكتور مضر محمد اننا كنّا مغفلين بصدد جولات التراخيص وأشار الى موضوع خطير ان الانتاج الحقيقي قد يصل احيانا الى ٢٠ بالمائة فمثلا لو أنتجت احدى الشركات ١٠٠ برميل نفط فان الصافي منه ٢٠ برميل والباقي ماء وطين ولكن الطامة الكبرى هي ان هذه الشركات تأخذ ارباحها على انها انتجت ١٠٠ برميل وليس ٢٠ برميل وكذلك صرح وزير المالية الحالي د عادل عبد المهدي ان العراق يخسر من موازنته بسبب هذه الشركات ١٤ مليار دولار، اما أسعار كلّف الحفر ١١ مليون دولار للبئر الواحد في حين اقرب الدول المجاورة لا يتجاوز ٣ مليون دولار للبئر الواحد رغم سهولة ارض العراق وحزونة أراضيها فتكون خسارة العراق لصالح هذه الشركات التي اغلبها أمريكية ٣٠ مليار دولار".
وحذر المرعبي "لا توجد عندنا خطط خزنية وتصديرية وبنى تحتية فيما لو وصل الانتاج الى ١٠ مليون برميل يوميا وهذا سيضر الاقتصاد كون هذه الشركات ستستوفي حسابها وان تعطل التصدير لأي ظرف وكذلك فان لتر الماء في العراق أغلى من لتر النفط فلتر الماء سعره ٥٠٠ دينار اي ٤٠ سنت وبرميل النفط سعره ٤٥ دولار وبمعادلة رياضية بسيطة اذا ما اعتبرنا ان البرميل يساوي ١٥٩ لتر يكون لتر النفط تقريبا ٢٨ سنت وهذه طامة كبرى المفروض لو كان لدينا صندوق سيادي وفوائض مالية جيدة فإننا لا نبيع النفط بهكذا سعر بخس ولكن لا حيلة لنا لعدم وجود اي مورد اخرى يسد الحاجة في حين توجد موارد مهمة على سبيل المثال لا الحصر الإسمنت العراقي من اجود الأنواع والعراق يستهلك سنويا ١٠ مليون طن فَلَو كانت لدينا صناعة حقيقية لكانت فقط ايرادات الإسمنت ١٠ مليار دولار سنويا".
وختم المرعبي خطبته ان "هذه الشركات بمنزلة الهيمنة والاحتلال الاقتصادي للعراق وتتحكم الان بالانتاج والاحتياط ولابد ان لا يترك الموضوع عائم بعد الشكل لذا نناشد جميع الغيارى من أبناء بلدنا الأعزاء خصوصا الطبقة المثقفة التي نتمنى ان تدير التظاهرات بالشكل الصحيح وتركز على العلل لا ان ننشغل بالمعلولات ونترك هكذا ملفات أساسية بعيدة عن المعالجة الحقيقية من خلال الضغط على جميع المعنيين لوضع حد لهذه الكوارث التي تحيط بالبلد".