خطيب جمعة بغداد الساعدى :يؤكد ان الأزمة في العراق اليوم ليست مالية كما يعلن البعض وانما فشل المتصدين وسوء الادارة يعرضنا للهلاك
تقرير: فراس الكرباسي.
تصوير: سيف كريم.
العراق / بغداد / حذر خطيب امام جمعة بغداد الشيخ عادل الساعدي في خطبة الجمعة، السياسيين والقادة في العراق من التنازع فيما بينهم لأنه سيفشلهم ويذهب بقوتهم، داعيا اياهم الى الرجوع الى القيادة الحقة والتحاكم الى علماء الشريعة في كل اختلاف والتسليم والاذعان لحكمها سواء كان لمصلحته أو على خلافها، معتبرا ان الفشل يؤدي إلى النزاع وليس فقط النزاع يؤدي الفشل، معطيا للسياسيين الحل لحسم النزاع وانهائه بأمرين هما كفيلان بإزالة اسباب النزاع والا سيبقى العراق في هذه الدوامة وطاحونة الدم والتدهور الأمني والاقتصادي والسياسي والاجتماعي والفشل.
وقال الشيخ عادل الساعدي من على منبر جامع الرحمن في بغداد والتابع للمرجع الديني الشيخ اليعقوبي، ان "الأزمة في العراق اليوم ليست ازمة مالية كما يعلنون لان مدخولات العراق الحالية تناهز 50 مليار دولار أو أكثر وهي كافية لمثل سكان العراق ولا سببها وجود الاجندات الخارجية ولا غيرها وان كان لكل منها شيء من التأثير وانما سبب خراب العراق وانهيار الدولة حتى اصبحت نهبا للعابثين والطامعين والحاقدين هو فشل المتصدين وسوء ادارتهم وتنازعهم فيما بينهم على تحقيق مآربهم الشخصية والفئوية فغطوا فشلهم بالتنازع وادى تنازعهم الى الفشل ".
واضاف الساعدي "لقد وجه المرجع اليعقوبي حديثا للأمة عامة وقادتها من رجال الدين والسياسيين والوجهاء بصورة خاصة منطلقا من الآية المباركة (وأطيعوا الله ورسوله ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم واصبروا إن الله مع الصابرين) والتي اعتبرها تؤسس لنظرية سياسية اجتماعية مهمة حاكمة على الشعوب في كل زمان ومكان ومهما اختلفت مقومات تلك الشعوب والأمة من حيث مقدراتها وقوتها فهي من السنن التاريخية القرآنية الحتمية التي لا تختلف ولا تتخلف في أمة دون أخرى ".
وتابع ان "الله ينهى المؤمنين عن التنازع والتخاصم فيما بينهم ويحذرهم بأن عاقبة هذا التنازع هو الفشل والضعف والانهزام لأنهم سينشغلون بهذا الصراع الداخلي عن الاستعداد لمواجهة الأعداء وسينهك قواهم وسيفقدهم الثقة بأنفسهم ويحطم شخصياتهم ويذهب بحرمتهم وكرامتهم لأن كلا من الطرفين المتنازعين يريد أن يتغلب على الآخر بأي ثمن فيبذل طاقته في تسقيط الآخر والبحث عن عيوبه ونقائصه وإظهارها للأخرين لكي يثبت أحقيته وغلبته فيسقط الجميع بهذا الانتقاص المتبادل ويفشلون ويؤدي الفشل الى ذهاب ريحهم أي عزتهم وقوتهم وغلبتهم وتسير الامور على غير ما يريدون ".
وبين الساعدي ان "للمرجع اليعقوبي رؤيا أخرى وهي الفشل يؤدي إلى النزاع وليس فقط النزاع يؤدي الفشل وهي علاقة تلازمية أي أن النزاع مهما صغر حجمه حتما سيؤدي إلى الفشل والفشل سيؤدي إلى نزاع أكبر يكون سببا في ذهاب الريح أي قوة الأمة لأنكم عصيتم القيادة الدينية الحقة الواجبة الطاعة فتنازعتم ففشلتم فتنازعتم بنزاع أكبر يكون سببا في ضياع قوتكم وكل مقدراتكم "
واردف الساعدي "يستدل المرجع على أن الفشل سبب للنزاع بأمرين اولهما ان التنازع لم يحصل الا عندما استسلم المتنازع لهواه واطماعه وفشل في مجاهدة نفسه والالتزام بما يريده الله تبارك وتعالى والامر الثاني إن الفاشل لا يريد أن يعترف بفشله ولا يحمل نفسه المسؤولية وانما يلتجأ الى التنازع ليغطي فشله بالتخاصم والتنازع مع الآخرين واظهار انهم فاشلون ".
ووصف الساعدي ان "اسوء مثال لهذه الحال هم السياسيون المتصدرون للمشهد فانهم بسبب فشلهم الذريع في اداء مسؤولياتهم امام الشعب وانشغالهم بمصالحهم الشخصية وسرقة قوت الشعب فانهم يغطون على فشلهم بالمخاصمات والجدل العقيم وتبادل الاتهامات من دون ان يحلوا اي مشكلة ويؤدي بهم هذا التنازع الى فشل جديد" .
وبين الساعدي "اننا نعطي للسياسيين الحل لحسم النزاع وانهائه وهما أمران كفيلان بإزالة اسباب النزاع ومنعه من أصله وهو الرجوع الى القيادة الحقة والتحاكم الى علماء الشريعة في كل اختلاف والتسليم والاذعان لحكمها سواء كان لمصلحته أو على خلافها" والامر الاخر "الالتزام بالصبر لأن الاحتكام الى الشرع والعمل بالتوجيهات الشرعية على خلاف هوى النفس يحتاج الى مجاهدة ومصابرة فيأمرنا الله تعالى بالصبر ويعدنا بأحسن الجزاء معهم مطلقا أي في كل الأحوال وفي الدنيا والاخرة ".
واشار الساعدي "بعد أن فشلت كل التجارب البشرية وبطلان الأنظمة الوضعية أصبح جليا أن حل مشاكل العالم وخصوصا العراق هو بالرجوع إلى حاكمية الإسلام وبنموذج ولاية الفقيه التي يمكن أن تسهم في حل كثير من مشاكله وحين نقول بولاية الفقيه لانقصد منها عدم الاعتراف بالديمقراطية أو قهر الآخرين بفرض الدين عليهم بل نقصد رجوع الأطراف السياسية إلى قطب مؤثر خارج عن المصالح الشخصية والفئوية والحزبية ويفكر بهم المجتمع يمكن ان تحتكم عنده جميع الأطراف للوصول إلى حلول تنقذ الجميع "، مضيفا ان" المرجعية الدينية الرشيدة هي الوحيد من يمكنه لعب هذا الدور الذي ينقذ الجميع ".
واوضح الساعدي إن "تخبط العالم ضمن سياسات وضعية قاصرة تضمن مصالح فئوية سياسية صغيرة على حساب الشعوب المقهورة أنتجت الأزمة المالية العالمية ووقوع أكثر من 60٪ من سكان العالم تحت خط الفقر وبلوغ 60 مليون لاجئ في العالم وهي الرقم الأكبر منذ الحرب العالمية الثانية لحد عام 2014 حسب إحصائية المفوضية العليا للاجئين لأكبر دليل على فشل الأنظمة الوضعية في العالم وليس في العراق فحسب ".
كشفت الساعدي عن الحل للوضع في العراق بالقول "بما لا شك فيه أنه لا يمكن لنا الخلاص من هذا الحال إلا إذا عادت القيادات السياسية إلى رشدها واعترفت بفشلها وتخلت عن نزاعاتها وخصوماتها وجعجعاتها الإعلامية الفارغة واستشعرت أهمية الجميع وحكمت القيادة الدينية وأن تطيعها فيما يخالف هواها وتصبر على ما لا يلبي طموحاتها الشخصية والفئوية والحزبية وأن تغلب المصلحة العامة على غيرها وإلا سنبقى في هذه الدوامة وطاحونة الدم والتدهور الأمني والاقتصادي والسياسي والاجتماعي والفشل الذي يذهب بمقدرات الأمة ".