دخان السياحة السورية
بقلم : عدنان عبد الرزاق
إن كان النفط نهرا من زيت، فإن السياحة نهر من ذهب، هكذا كان يتغنى السوريون بعائدات سياحتهم، قبل حرب نظام بشار الأسد على السوريين ومنشآتهم، إذ وصلت مساهمة السياحة عام 2010 بنحو 14% من الناتج المحلي الإجمالي، وزاد ما حققته في ميزان المدفوعات عن 134 مليار ليرة (2.9 مليار دولار آنذاك)، وساهمت بنحو 35% من صادرات السلع و78% من صادرات الخدمات.
اليوم، وفي حصاد 2014، اقتربت خسائر السياحة السورية من 370 مليار ليرة (مليارا دولار)، وفقدت سورية أكثر من 90% من سائحيها.
فبعد اقتراب السياح عام 2010 من عتبة خمسة ملايين سائح، لم تزد الأرقام حسب الإحصاءات الرسمية عن 400 ألف سائح لعام 2014، دون أن تفرّق بين العابر والمقيم أو تشير إلى جنسية الوافدين، الذين يغلب الظن أنهم "شركاء حرب" وليسوا سياحاً، أتوا من إيران وروسيا، وضاحية لبنان الجنوبية ليسرقوا الأمل ويهدموا الاقتصاد وليس ليزوروا الآثار وينفقوا في الأسواق.
طبيعي أن يكون قطاع السياحة الأكثر تأثراً بالحرب التي هجّرت وقتلت السوريين، لكن المستغرب استهداف طائرات نظام الأسد وحمم مدافعه، المنشآت السياحية، في بلد يعد من أقدم وأغنى بلدان العالم سياحياً، فما كان يصنف في "اليونسكو" على أن خمس حضارات تعاقبت عليه، بات مخزناً للأسلحة أو معسكراً للعصابات، بعد خروج 371 منشأة عن الخدمة وتهديمها أو تحويلها إلى ثكنات لجنود الأسد.
خلاصة القول: أمران قلما يؤتى على ذكرهما خلال التطرق لخسائر السياحة السورية، أولهما هجرة الخبراء والمتخصصين واليد العاملة المتمرسة، بعد فقدان 258 ألف سوري لعملهم في السياحة.
والأمر الأخطر، فقد تجلى في سرقة الكنوز التاريخية ونهب المتاحف، إما عبر عصابات منظمة قادها شبيحة الأسد، أو من خلال من لبس ثوب الثورة مقلوباً وتاجر بالتاريخ.
والمخيف أن ثمة مساعيَ اليوم، وحثيثة ومنظمة أيضاً، لطمث معالم وتواريخ ارتبطت بالشام، إما في عهد الأمويين أو بعدهم، عبر تزوير للتاريخ وعبث بالجغرافيا، فما يجري في دمشق بأيد فارسية تكمله مشروعات روسية، اختارتا "الصناعة بلا دخان"، ليعيدوا ترتيب الحضارة السورية، إما وفق ذهنية ثأرية إيرانية أو حسب تطلعات قيصرية تبحث في سورية عن مجدها الزائل وترى في أرض الشام معركتها الفيصل لثنائية القطب.
وليس من الصعب عودة السياحة لتتصدر النشاطات الاقتصادية وموارد العملات الصعبة والدخل القومي الأساسية، بيد أنه من المستحيل استرجاع الآثار التي سرقت أو التاريخ الذي يزوّر بعناية.
نقلا عن العربى