الدراجات الهوائية أحدث ظاهرة سياحية لاكتشاف المدن والقرى اللبنانية
بيروت " المسلة " … قد تنطبق كلمات أغنية «مشوار رايحين مشوار»، على نشاط سياحي جديد من نوعه في لبنان ألا وهو الرحلات على الدراجات الهوائية. فركوب دراجة هوائية لعدة ساعات والتجول فيها لاكتشاف طبيعة لبنان الخلابة، ضمن لوحات مشهدية يلفها الليل أو يضيئها النهار، أحدث طريقة معتمدة في الفترة الأخيرة في مجال السياحة البيئية في لبنان.
شركات خاصة تروج لهذه الرياضة في ربوع لبنان تعد دخول الدراجة الهوائية وسيلة نقل تستخدم في رحلات سياحية أمرا حديثا، فهو لم يتجاوز السنوات الثلاث، إلا أنه منذ ذلك الوقت حتى الآن بات أحد أبرز العناصر السياحية، إذ يلاقي رواجا كبيرا من قبل الزوار الأجانب المعتادين على استخدامها في بلدهم، أو من قبل اللبنانيين أنفسهم الذين وجدوا فيها وسيلة نقل سهلة وغير مكلفة لتمضية يوم سياحي كامل على متنها يتيح لهم في الوقت نفسه زيارة مناطق لبنانية لم يسبق لهم أن تعرفوا عليها.
وتتعدد الشركات التي تنظم رحلات سياحية من خلال استعمال الدراجات الهوائية كـ«سايكلينغ سيركل» و«بايك جينيرايشن» و«دغري» وغيرها من الشركات التي أخذت على عاتقها تأمين هذا النوع من الرحلات في مختلف المناطق اللبنانية.
العروض المتوفرة حول السياحة عبر الـ«بايسكل» تعتمد غالبية الشركات المنظمة لهذا النوع من الرحلات السياحية عروضا معينة تخول المهتم فيها اختيار المنطقة والتوقيت اللذين يلائمانه. فكما هناك رحلات تستغرق يوما واحدا هناك أخرى تتم على مدى يومين، يفضلها الأشخاص الذين يرغبون في تمضية «ويك إند» طويل على الدراجة الهوائية.
عادة ما يقوم الزبون في الاتصال بالشركة المنظمة وإثر وقوفه على نوعية الرحلات وطبيعتها (برية أو جبلية أو بحرية)، يختار منها ما يناسبه. بعدها يتلقى معلومات عن موقع التجمع للانطلاق في الرحلة وهو عادة ما يكون في وسط بيروت (في حال كانت الرحلة قريبة من العاصمة)، أو في أقرب بلدة توصله إلى نقطة انطلاق الرحلة. فمثلا إذا كانت الوجهة هي مدينة جبيل أو البترون يتم الاتفاق على التجمع في مدينة جونية، أما إذا كانت ستجري من ناحية بلدة صوفر فيتم اللقاء في مدينة عالية وما إلى ذلك من مدن ومناطق معروفة في لبنان.
يستقل الدراجون سياراتهم حاملين دراجاتهم الهوائية معهم، الأمر الذي يتيح لهم تخفيض كلفة الرحلة عليهم إلى النصف تماما (25 دولارا)، وإما يستأجرون واحدة من الشركة المسؤولة عن الرحلة، لينطلقوا بعدها في مشوارهم على طرقات وعرة أحيانا، أو جانبية خاصة بوسيلة النقل هذه أحيانا أخرى. كما يسيرون مرات أخرى على الطريق العام، ليشكلوا قافلة دراجات منظمة يقودها دليلان سياحيان. فيسير أحدهما من جهة الأمام، بينما يوجد الثاني في الخلف لتأمين سلامة سير المجموعة هواة ركوب الدراجة الهوائية مع بعضهم بعضا دون التعرض لضياع الطريق أو لأي حوادث أخرى.
أما كلفة هذه الرحلات فتتراوح ما بين سبعة والـ35 دولارا، للأشخاص المزودين بدراجاتهم، ومن 15 إلى 50 دولارا للأشخاص الذين يستأجرونها ويتخللها استراحات قصيرة على ضفاف الأنهار أو على شواطئ البحر، أو في مطعم أو فرن مناقيش حسب رغبة الزبائن. طبيعة الرحلات ومواقعها تعد الرحلات ضمن مدينة بيروت هي الأكثر انتشارا في فصل الصيف، نظرا لتهافت المغتربين والسياح الأجانب على لبنان في هذا الوقت.
وتقسم هذه الرحلات في العاصمة إلى قسمين، فتكون إما ليلية «بايسكل باي نايت» تسمح لممارسها بمشاهدة بيروت جوهرة متلألئة في المساء، وإما نهارية تدور في أوقات الصباح حيث لا زحمة سير تذكر، فيمتع صاحبها نظره بالساحل على طول طريق كورنيش المنارة ويتفرج على صخرة الروشة من جهة البحر، أو يمر في أزقة بيروت التراثية الموجودة في شوارع الحمراء والجميزة ومار مخايل والصيفي وغيرها.
أما الرحلات خارج بيروت والتي تجذب الصغار والكبار معا، فتكون وجهتها المحميات الطبيعية في منطقة أرز الباروك وأهدن، وإما شاطئ البحر في البترون وجبيل، أو في التعرف إلى مدن عريقة، كصوفر وعين زحلتا وبلدات كسروان الفتوح (غبالة، غزير الكفور وغيرها).
الانطلاق في هذه الرحلات يتم في الصباح الباكر لاغتنام أطول فرصة ممكنة من الوقت في مشاهدة طبيعة لبنان بتفاصيلها. وإضافة إلى رواج هذا النوع من الرحلات في فصل الصيف إلا أنها تتم أيضا في باقي فصول السنة شرط ألا تترافق مع الشتاء القارس أو العواصف وحتى البرد أو الحر الشديدين. فالمطلوب دائما للقيام بهذا النوع من الرحلات السياحية أن يكون الطقس مقبولا بحيث لا يؤثر على طبيعة ممارسة هذه الرياضة أو على قوة وصحة صاحبها.
وتندرج بلدة جزين الجنوبية من ضمن المواقع المفضلة في هذه الرحلات، بحيث يمكن التجوال في طبيعتها وبالتحديد في أحراج الصنوبر فيها، ومن ثم يتم التوجه إلى بلدة باتر ومنها إلى وادي جزين وتستغرق هذه الرحلة نحو خمس ساعات. أما الرحلات التي يشمل مسارها الساحل اللبناني كالتي تجري في جبيل أو أنفة أو البترون، فتخول روادها الاستحمام في مياه البحر الدافئة وتمضية فترة من الوقت على شاطئ البحر وتناول وجبة الغداء في أحد مطاعم السمك الشهيرة في تلك المنطقة. وتؤمن هذه الشركات أيضا دروسا خاصة حول كيفية ركوب الدراجات الهوائية للصغار والكبار. وترتكز هذه الدروس على حصص مكثفة تجري ضمن دورات خاصة يلتحق بها من يهمه الأمر لينخرط لاحقا في هذا النوع من الرحلات. وتعمل هذه الشركات حاليا على تنظيم رحلات في غابات بعبدا وبلدة بكاسين الجنوبية وعين زحلتا حيث توجد ممرات ومسارات خاصة بوسيلة النقل هذه، فتدور ضمن أجواء مريحة بعيدا عن ضوضاء المدينة وعن زحمة السيارات.