فينيسيا – البندقية جوهرة إيطاليا الخلابة لم تعد تستطيع استيعاب زائريها
فينيسيا " المسلة " … تعد مدينة فينيسيا والتي تعرف لدى العرب بالبندقية أو بالمدينة العائمة، من أكثر مدن العالم جاذبية حيث يتجه إليها العديد من السائحين ولا تزال صورة قارب الجندول الشهير وهو يشق صفحة الماء في ضوء القمر أو وقت الغروب من الأحلام التي تراود عشاق الجمال الرومانسيين في العالم لقضاء أجازة لا تنسى في هذا المكان.
كما تعتبر فينيسيا من أهم المدن الإيطالية سواء من الناحية التاريخية والثقافية أومن الناحية الاقتصادية، وتعد أيضا من أكثر المدن جمالاً ورقيا في إيطاليا، لما تتمتع به من مبانٍ تاريخية يعود أغلبها إلى عصر النهضة وقنواتها المائية المتعددة ما يجعلها فريدة من نوعها على مستوى العالم. المركز التاريخي للمدينة يقع على مساحة تمتد لأربعة كيلو مترات من اليابسة تضم 118 جزيرة، تتخللها أكثر من 150قناة بدءا من منطقة الفينيتو الشاطئية.
من ناحية أخرى فإن المنظر الفريد من نوعه والكنوز الفنية الموجودة بها تجعل منها مدينة مميزة لا مثيل لها على مستوى العالم. هكذا كانت منذ القدم الصورة عن مدينة القوارب بندقية في جميع الأذهان والمخيلات، وعلى أرض الواقع أيضا إلى أن لقي أحد السائحين مصرعه بينما كان يستقل جندولا ليكشف هذا الحادث المأسوي عن أحد الجوانب السلبية في هذه المدينة.
أظهرت الواقعة أن البندقية أكثر مدن العالم جاذبية ليست قادرة على استيعاب هذه الأعداد الهائلة من السائحين وليست قادرة على التعامل مع هذه الأعداد من الزائرين . جدير بالذكر أنه بحكم موقعها ظلت فينيسيا تعاني على مر العصور تهديدات مستمرة بالتعرض للغرق بسبب الفيضانات، أو بانهيار مبانيها التاريخية بفعل الرطوبة، حتى إن بعض الدراسات الحديثة حذرت من اختفائها في غضون عدة سنوات.
من ناحية أخرى، فإن نظام الملاحة في الطريق الرئيسي لا يستوعب الأعداد الهائلة من الزوارق، فعلى الطريق الرئيسي إلى محطة سان ماركو الشهيرة يمر يوميا أكثر من ثلاثة آلاف زورقا تزيد بمعدل الثلث في أوقات الذروة . من زار المدينة يستطيع أن يتخيل كيف يمكن أن تحدث هذه الحوادث المميتة حيث يقطع القنوات حوالي 425 سائق جندول لديهم تراخيص بالإضافة إلى 250 شخصا يعملون بدون تراخيص وحجتهم أن هذه ستكون وسيلة للسيطرة على الضغط والازدحام في وقت الذروة. كل هذه الزوارق تسير في فوضى من القنوات المائية التي تتقاطع مع بعضها البعض في وضع أشبه بحالة الطوارئبين القصور والفنادق، بالإضافة إلى العشرات من الزوارق التي تنقل البضائع .
لقد حذر العديد من المنتقدين من الآثارالكارثية التي يمكن أن تترتب على هذه الطفرة غير المحسوبة للنمو السياحي بالمدينة، كما نبهوا إلى أن هذا التزايد الهائل في أعداد السائحين، يعد خطر بدأ يدق ناقوسه يكفي ما يشعر به السائحون عندما تظهر في الأفق مركب كبيرة محملة بالبضائع وكيف يتسبب مرورها في حالة من الهلع المروري.
ويتجلى الجنون مع ازدحام الحركة المرورية، في ارتفاع الأسعار حيث يصل ثمن بضعة فناجين قهوة يتناولها مجموعة من السائحين لا تزيد على سبعة أفراد إلى أكثر من 100 يورو أو ما يعادل 133 دولار ، في حين أن سعر القهوة في القائمة خلال الأوقات العادية لا يزيد عن ستة يوروهات فقط. يقول السيد جورجيو اورسوني رئيس البلدية إن إدارته تقوم بتوزيع نشرات على السائحين للحد من تكدس الزوارق، كما توضح الساعات التي لا يكون فيها ضغط كبير.
في الوقت نفسه يوضح سنيور جورجيو اورسوني أن المشكلة الأكبر تكمن في رغبة العديد من السائحين ركوب "لاجندولا" وهي زوارق بدائية تدور بدون محركات، نظرا لأنها تعد النمط الفلكلوري الرومانسي وعنصر الجذب الرئيسي في المدينة العائمة . من جانبه، يؤكد رئيس رابطة سائقي الزوارق أنهم يحاولون عرض مختلف الحلول ومنها تقليص أعداد المراكب الكبيرة التي تقل نوعية السائحين الذين يقضون ساعات قليلة في المدينة دون أن يعود ذلك بالنفع على المدينة حيث أنهم فقط يمرون بها . كما يوجد أيضا مشروع المليونير موس وهو عبارة عن نظام من الأقفال التي تحمي المدينة من الفيضانات طويلة الأجل وقد لاقى هذا المشروع قبولا واستحسانا من جميع القوى السياسية ومن قطاع النقل كما لاقى تأييدا كبيرا من قبل قطاع السياحة.