إندونيسيا تواجه أزمة في الطيارين بسبب نمو صناعة السفر الجوى
باندونج "المسلة" … تحت الشمس الحارقة جلس طلاب إحدى مدارس الطيران في مدينة باندونج الإندونيسية، يتبادلون أطراف الحديث خلال فترة الاستراحة بين التدريبات. تقول بونجا إنداه بوسباريني (18 عاماً) أنهت 10 أشهر من فترة تدريبها في أكاديمية باندونج للطيران، ومدتها 18 شهراً:»أود العمل في شركة طيران وقيادة طائرة كبيرة».
وبونجا، هي الفتاة الوحيدة بين الطلبة الذكور الذين يرتدون جميعا نظارات زرقاء من ماركة «ريبان أفياتور» وملابس رياضية . وتواجه إندونيسيا نقصا في الطيارين التجاريين مع نمو سوق الطيران المحلي والدولي بنسبة 20% سنوياً، وتظهر شركات طيران جديدة مع تحرير القطاع في أوائل الألفية الثالثة.
ونقلت شركات الطيران الإندونيسية أكثر من 70 مليون راكب العام الماضي، وأدت سنوات النمو الاقتصادي الجيد، إلى زيادة حجم الطبقة الوسطى في البلاد، وبالتالي زيادة الطلب على خدمات السفر بالطائرات.
ومن المتوقع انضمام المئات من الطائرات الجديدة إلى أساطيل شركات الطيران خلال السنوات المقبلة، بعد أن تعاقدت شركة الطيران منخفض التكاليف «ليون اير» وشركة جارودا إندونيسيا المملوكة للدولة، على شراء عدد كبير من الطائرات من شركتي بوينج الأميركية وأيرباص الأوروبية.
ووفقاً لوزارة النقل الإندونيسية، فإن مدارس الطيران في إندونيسيا وعددها 16 مدرسة، لا تستطيع توفير أكثر من ربع عدد الطيارين الجدد المطلوبين لتلبية الاحتياجات المتزايدة. وتحتاج البلاد وفقاً للوزارة إلى 800 طيار جديد سنوياً.
ويقول إحسان أمين، مدير إدارة تطوير الأعمال في أكاديمية باندونج للطيارين، إن مدارس الطيران في إندونيسيا لا تستطيع مواجهة النمو في صناعة السفر الجوي في البلاد. وتلجأ شركات الطيران المحلية إلى الاستعانة بطيارين من البلدان الأخرى في آسيا وأوروبا وأمريكا الجنوبية، ولكن أغلبهم طيارين شباب، ويحتاجون إلى وقت طويل لاكتساب الخبرة المطلوبة.
وقال أمين، إن هؤلاء الطيارين الأجانب يتركون الشركات الإندونيسية، بعد أن تصل خبرتهم إلى 2000 ساعة طيران.
وذكر هيري باكتي جوماي مدير عام الطيران المدني في وزارة النقل الإندونيسية لـ د ب أ ، إن آخر حادثين بسيطين وقعا في البلاد، كان فيهما مساعد الطيار أجنبياً شاباً، ففي 13 أبريل الماضي أخطأت طائرة بوينج 737-800 تابعة لشركة طيران «ليون إير» مدرج الهبوط، وتحطمت قبالة منتجع ساحلي في جزيرة بالي، وتم إنقاذ كل ركابها البالغ عددهم 108 ركاب.
وكشف تقرير حكومي برلماني، أن مساعد الطيار كان يقود الطائرة قبل تسليم أذرع التحكم إلى قائد الطائرة على ارتفاع حوالي 150 قدما لأنه لم يتمكن من رؤية ممر الهبوط.
ولكن جوماي كان حريصاً، فلم يرجع هذا الحادث ولا الحادث الآخر إلى نقص الخبرة ولا الجنسية الأجنبية لمساعدي الطيارين، قائلاً: «كل حادث له ظروفه لذلك لا نستطيع أن نرجع كل الحوادث إلى عامل واحد».
وحسنت إندونيسيا سمعتها السيئة في سوق الطيران، بسبب كثرة حوادث الطيران لديها، من خلال التوسع في إنشاء مدارس الطيران، وتدريب ضباط المراقبة الجوية الجدد وفنيي الطيران، وإخضاع شركات الطيران إلى عمليات مراجعة خاصة بعد سلسلة الحوادث التي وقعت خلال السنوات العشر الماضية.
ولكن بودي سوديبيو محلل شؤون الطيران ورئيس تحرير مجلة «أنجكاسا» المتخصصة في صناعة الطيران والفضاء، يقول إن الحكومة لم تتوقع النمو في صناعة الطيران، مضيفاً أن الفوضى البيروقراطية تعني أيضاً أنه سيكون هناك بطء في التعامل مع النمو.
وقال إدوارد سيرايت مدير الشؤون العامة في شركة طيران ليون أير إن نسبة 2,5% فقط من إجمالي الطيارين في الشركة وعددهم 1200 طيار أجانب، وأن المتاح من الطيارين الإندونيسيين يتحسن.
وأشار إلى أن الشركة تدفع نفس الأجور للطيارين الأجانب والمحليين دون تمييز، منوهاً بأن قائد الطائرة يحصل على راتب يصل إلى 12 ألف دولار شهرياً، مضيفاً إن شركته قد تستغنى تماما عن الطيارين الأجانب بحلول 2015 بفضل خريجي مدرسة الطيران التابعة للشركة.
وتدير شركة جارودا وشركة طيران محلية أخرى مدارس طيران خاصة بهما. ولكن المشكلة ليست في توفير أعداد الطيارين المطلوبة ولكن أيضا في نقص الفنيين ورجال المراقبة الجوية، وهو ما يعني أن هناك أزمة حقيقية في العنصر البشري في صناعة الطيران الإندونيسية التي تشهد نمواً قوياً في الطلب عليها.