"اللواء": الأحداث الأمنية وغياب الإستقرار أدَّيا لوقف السياحة وتراجع الإستثمار والتجارة في لبنان
بيروت "ادارة التحرير" …. يرى خبراء الاقتصاد أنّ لبنان عاش خلال السنوات العشر الأخيرة ظروفاً صعبة وقاسية من حيث تراجع نسبة النمو فيه من 6 و7 بالمائة إلى 1 بالمائة أو أقل.
فخلال ثلاث من هذه السنوات العشر شهد الاقتصاد اللبناني تحسّناً ونمواً، وسبعٌ أخرى كانت عجافاً، تدهور خلالها الاقتصاد بصورة خطيرة، لكن حسن إدارة مصرف لبنان بما لديه من رصيد كبير من العملات الصعبة استطاع بها أنْ يسد جزءاً من حالة التدهور، التي انعكست سلباً على القدرة الشرائية للمواطن، وزيادة في نسبة البطالة.
ويروي الخبراء أيضاً أنّ انعدام الاستقرار والخلافات السياسية شكّلا العامل الرئيسي لهذا التدهور، الذي تمثّل بهروب الاستثمارات والمستثمرين من هذا البلد، الذي شكّل لعقود طويلة مركز جذب لهذه الاستثمارات، كما أسفر انعدام الاستقرار عن غياب 95 بالمائة من السياحة العربية والدولية ما أثّر سلباً على شراء العقارات التي تراجعت حوالى 50 بالمائة (من اللبنانيين والعرب)، وكذلك على الحركة التجارية.
وفي هذا الإطار، يقترح الخبراء في السياحة والاقتصاد أنّه في حال استقر الوضع الأمني، ونجح لبنان بالابتعاد عن كل ما يجري في سوريا سياسياً وأمنياً، فإنّ لبنان قادر على استعادة عافيته الاقتصادية بسرعة، وإنّ عدم نجاح الحكومة اللبنانية بتأكيد سياسة النأي بالنفس، وعدم فرض السلطة لهيبتها في مواجهة المسلّحين وصانعي الفوضى، والتدخّل السوري في الشأن اللبناني، كل ذلك أدى إلى حظر دول الخليج العربي على رعاياها بعدم الذهاب إلى لبنان، وبالتالي توقّفت الاستثمارات العربية فيه، وتراجعت السياحة إلى مستوى خطير ما أدى إلى إقفال عدد من الفنادق والمؤسسات السياحية، وكذلك إقفال وإفلاس الكثير من المؤسسات التجارية.
نظّمت "اللواء" ندوة حوارية في مكاتبها حول أسباب تراجع القطاعين السياحي والتجاري وعوامل نهوضهما، شارك فيها كل من السادة:
– بيار الأشقر (رئيس نقابة أصحاب المؤسسات السياحية)
– الدكتور غازي وزني (باحث وخبير اقتصادي)
– زياد اللبان (نقيب أصحاب الشقق المفروشة)
– عصام عبدالله (رئيس جمعية تجار سوق معوض التجاري)
وقُسِّمَتْ الندوة إلى محورين:
الأوّل: أسباب تعثّر السياحة والتجارة في لبنان
الثاني: عوامل نهوض المؤسسات السياحية والتجارية.
وجاءت وقائع الندوة وفقاً للتالي:
أدار الندوة: حسن شلحة – كوثر حنبوري
المحور الأول: أسباب تعثّر السياحة والتجارة
هناك تراجع كبير في قطاع السياحة.. ما هي الأسباب، وما هي المعوّقات؟
مداخلة بيار الأشقر
– بدأ التراجع في القطاع السياحي حيث التراجع في النمو واضح عام 2011 عن عامي 2009 و2010، فالوضع السياحي لا يمكن فصله عن الوضعين السياسي والامني، وعندما بدأت الاحداث في سوريا أخذ الوضع اللبناني يتأثر بها، فإضافة الى المواقف السياسية اللبنانية، فإن انقطاع طريق البر الذي يمر بسوريا خسر بسببه لبنان حوالى 400.000 (اربعمائة الف) سائح، فالسائحون الاردنيون 75 بالمائة منهم كانوا يأتون الى لبنان بالبر، وخسرنا السياحة العربية التي كانت تأتي عبر الطريق البري.
من جهة ثانية، لبنان تعرض لعدد من الحوادث منها احداث طرابلس، يضاف اليها ما اعلنه وزير الدفاع فايز غصن عن وجود لتنظيم القاعدة في لبنان، وهذا اخاف السياحة الخليجية، كذلك عمليات الخطف لبعض الخليجيين والاتراك والسوريين وتهديد بعض السفارات العربية والتركية، وكذلك اقفال طريق المطار، كلها حدثت في عام 2012.
كل ذلك دفع الى اتخاذ بعض الدول قرارا بحظر سفر رعاياها الى لبنان، وهذا ما خسّر لبنان 65 بالمائة من الدخل العائد من السياحة، رغم ان السياحة العربية للبنان تشكل 40 بالمائة وخاصة الخليجية.
ومن المعلوم ان السياحة الخليجية تسعى كافة الدول الاوروبية والاميركية لاستقطابها فيما نحن نعمل العكس، ومنذ اكثر من ستين عاماً الركيزة الاساسية للسياحة في لبنان هم العرب وخاصة الخليجيين منهم.
خسرنا الآن غالبية السياحة البينية بين الدول العربية، ففرنسا بعدما تأسّس الاتحاد الاوروبي ونظراً للتسهيلات ارتفعت السياحة لديها من 50 مليون سائح في العام الواحد الى 75 مليون، وإلغاء تأشيرات الدخول بين لبنان وتركيا انعش السياحة بين البلدين، لكن عندما يرفع الخاطفون اللبنانيون جواز سفر سائح تركي والتهديد بقتله يعني توقف السياحة التركية، وهذا يعني خسارة كبيرة للبلد.
مداخلة د. غازي وزني
– بالنسبة للقطاع السياحي يمكن القول بأنّه كان خلال فترة 2007-2010 من العناصر الرئيسية لهذا النمو اضافة الى القطاع العقاري، فهذا القطاع استفاد من عامل الاستقرار الذي ساد في لبنان، فالسائح يذهب الى اماكن الاستقرار، لكن لبنان خلال فترة الربيع العربي لم يعرف كيف يستفيد من الربيع، فالسياحة التي كانت تذهب الى مصر وسوريا وتونس كانت تتجاوز 24 مليون سائح لم يستفد لبنان منها مطلقاً بل لاحظنا في عامي 2011 و2012 تراجع الحركة السياحية الى لبنان بشكل كبير وتراجعت نسبتها عن عام 2010 حوالى 35 بالمائة، ويعود ذلك لسببين رئيسيين:
– الاول: الاوضاع الداخلية في لبنان المضطربة حيث انعدم الاستقرار في عامي 2011 و2012.
– الثاني: أحداث سوريا وتأثيرها على لبنان، وحظر سفر رعايا الدول الخليجية.
الاستقرار يشكل العامل الرئيس لجذب السياحة العربية الى لبنان، ويُذكر انه عندما توقف العدوان الاسرائيلي في آب 2006 في تشرين الثاني وكان شهر رمضان شاهدنا تدفقاً كبيراً من السياحة الخليجية والعربية بشكل كبير، فالسائح العربي عندما يأتي الى لبنان يشعر كأنه ذاهب الى بلده، فأي تحسّن سياسي واستقرار ينعكس ايجاباً على السياحة.
مداخلة زياد اللبان
بتقديرك مَنْ يتحمّل مسؤولية هذا التقصير الذي بسببه لم يستفد لبنان من السياحة العربية خلال فترة الربيع العربي؟
– مما لا شك فيه ان الحكومة اللبنانية هي المسؤولة عن هذا التقصير حيث لم تستطع ان تصنع استقرارا لجذب السياحة العربية التي كانت تذهب الى مصر وتونس وسوريا، بل لبنان تأثر سلباً، حيث الحكومة لم تستطع ان تؤمن الاستقرار ولم تبذل الجهود المطلوبة لطمأنة الحكومات الخليجية على رعاياها في حال سفرهم الى لبنان، ولكن نحن لدينا ثقة بالقطاع الخاص، وبالطاقة البشرية في البلد، وهذا القطاع يجتهد للتغلّب على آثار ونتائج الازمة التي طالت القطاع السياحي وأثّرت سلباً على النمو في لبنان، فعمل القطاع الخاص على استقبال عدد كبير من الراغبين بالعلاج والاستشفاء في لبنان، ونجحنا كقطاع سياحي بفتح خطوط مع الاشقاء العراقيين الذين توافد عدد كبير منهم الى لبنان وكذلك اقامة الكثير من العائلات السورية في الشقق المفروشة بعد مغادرتهم سوريا بسبب الاحداث الدامية فيها.
فمن المهم ان يكون لدى اللبناني ثقة ببلده، ولكن على السلطة ان تفرض وجودها وهيبتها لأن غياب السلطة يعني غياب السياحة وغياب الاستثمارات ورحيل اللبنانيين عن بلدهم.
وأرغب ان اشير الى ان قطاع الشقق المفروشة يعتمد على زوّار لبنان من العائلات الذين يأتون ليزوروا بعلبك وجعيتا والارز، فهذه العائلات ترغب ايضاً بالتسوق في لبنان، ورغم الجهود التي بذلناها لاستقطاب عائلات سورية وعراقية الا ان قطاع الشقق المفروشة وضعه تراجع بنسبة كبيرة في عامي 2011 و2012.
مداخلة عصام عبدالله
ما هي أسباب وعوامل تراجع القطاع التجاري؟
– لا شك في أن تراجع النمو في هذا البلد، وانقطاع السياحة خلال عام 2012 بسبب الاحداث الامنية، وكذلك حظر سفر رعايا الدول الخليجية الى لبنان، أثّر سلباً على القطاع التجاري بصورة عامة، وهذا انعكس سلباً على حركة سوق معوّض في الضاحية الجنوبية لان التجارة في جبل لبنان هي جزء من التجارة العامة في البلد، كما إنّ الوضع الاقتصادي السلبي وتراجع القدرة الشرائية للمواطن أثر سلباً على الحركة التجارية التي تزدهر عندما تكون الدورة الاقتصادية قوية، وقطاع الألبسة تأثر كثيراً حيث يعتمد على الجهود الذاتية للتجار ولا يوجد دعاية كافية، فهناك كساد كبير في قطاع الالبسة، فنحن لا نستفيد من الحركة السياحية إلا عبر انعكاسها ايجاباً على الاقتصاد بصورة عامة، فالسائح يستفيد منه الفندق وسائقي الاجرة وجميع قطاعات البيع والشراء والخدمات، وبالتالي هذا ينعكس إيجاباً على القدرة الشرائية، ونحن في الضاحية الجنوبية حيث لا سياحة خليجية نستفيد من تفعيل الدورة الاقتصادية، لكننا نعتمد على اللبناني المغترب، الذي يعمل في الدول العربية فعندما يعود إلى لبنان لا شك يساهم في حركة الشراء والقطاع التجاري يستفيد منه كغيره من القطاعات الخدماتية الاخرى، ولكن عندما تكون الدورة الاقتصادية ضعيفة تنعكس سلباً على حركة البيع وبها يتأثر القطاع التجاري في الضاحية الجنوبية، فأحداث الربيع العربي وخاصة في سوريا انعكست سلباً على الجميع ومنه القطاع التجاري.
غياب الاستقرار.. غياب السياحة
رغم اشتهار القطاع الخاص في لبنان بتقدّمه ومقاومته للصعاب ما سبّب استسلام القطاع الخاص السياحي في هذه المرحلة؟
– الأشقر: القطاع السياحي لم يستسلم، ولو كان ذلك صحيحاً لوجدنا عدداً من الفنادق والمطاعم قد اقفل، وهذا لم يحصل، لكن القطاع السياحي لم يعرف على اي جبهة سيواجه هل على جبهة الكهرباء التي اصبحت تنقطع اكثر من عشرين ساعة؟ ام على جبهة انقطاع المياه؟ أم على استخدام الهاتف والاتصالات؟
في بداية السنة الحالية القطاع السياحي زاد مرتبات العاملين باعتبار ان السنة ستكون ممتازة سياحياً، لكن عندما صدر قرار حظر سفر رعايا الدول الخليجية بعد تهديد سفارات هذه الدول تراجع الموسم السياحي.
السياحة هي قاطرة للاقتصاد في لبنان، وبخصوص بيع العقارات من الذي يشتري؟ الشاري هو السائح العربي والمغترب اللبناني، فنحن كلما تحدث مشكلة ننتظر ان يكون العام التالي هو عام الفرج، لكن للأسف التوقّعات كلها تأتي في غير مكانها.
الحقيقة ان الرعايا العرب اذا لم يصطافوا ويزوروا لبنان، فلا أمل في إحياء السياحة والاقتصاد، فنحن لا علاقة لنا بالسياسة ولا مع هذه الحكومة ولا مع غيرها.
لكن هناك حالة من الاستسلام للأمر الواقع؟
– مؤخراً نظّمنا اجتماعا بين اربع دول تركيا، سوريا، الاردن ولبنان، وصنعنا وحدة سياحية بين هذه الدول، وفي اليوم التالي بعد انتهاء المؤتمر وتوقيع الاتفاقية، شاهدت مباراة لعرض فيلم عن الطائرات التركية لترويج السياحة التركية على كافة الشاشات اللبنانية والعربية، وذلك بهدف اخذ السياحة الى بلدهم، عدد سكان لبنان 4 ملايين وعدد سكان تركيا اكثر من 80 مليونا، ونرى بعد ذلك يزور لبنان 50 الف تركي فيما يذهب 150 الف لبناني الى تركيا لماذا؟ لان دور الدولة اللبنانية ووزارة السياحة هو توجيه السياحة بصورة علمية ومتقدمة في التسويق، وما يؤسف له ان التعاون بين القطاع السياحي وبين الحكومة ناقص وأعرج مع وزارة السياحة، فمثلاً شهر التسوق الذي اعلنته وزارة السياحة اليوم أين هي الدعاية له؟ وأنا لا اطلب الدعاية على شاشات وسائل الاعلام اللبنانية، بل اطلب ان تكون الدعاية له على شاشات التلفزيونات العراقية لتشجيع السائح العراقي ليأتي الى لبنان، فأين هي الحملات الدعائية؟ السياحة لا تنمو بخبر في مؤتمر صحفي.
اعطني الاستقرار وخذ سياحة او تنمية فلبنان كان اغلى فندق واغلى مطعم واغلى مؤسسة تؤجر سيارات وكان الطلب كبيراً لأن السائح مميز وطالب خدمات مميزة، وهذا لم يأت الى لبنان لانه الارخص.
القطاع السياحي مع من يؤمّن مصلحته ويدعم السياحة، فإن كانت هذه الحكومة قادرة على التواصل مع الحكومات العربية والخليجية وأقنعتهم برفع الحظر عن لبنان فوقتها نكون معها، فأنا لا يمكن ان اتوجه لجمعية مار منصور وجمعية المقاصد واقول لهما الحق عليكم.. فالمسؤولية تتحملها الجهات المسؤولة اي السلطة، فإن كانت اسباب المقاطعة للبنان سياسية فعلى الحكومة ان تعالجها، وإن كانت أسبابا آمنية فعلى الحكومة معالجتها، وإذا هذه الحكومة غير قادرة على المعالجة فلتقدّم استقالتها لنجرب غيرها.
معالجة حظر سفر الخليجيين
هل يمكن أنْ تكون هناك سياحة من غير دعاية وتسويق؟
– وزني: علينا ألا نتجاهل وجود حوالى ما بين 450-500 الف لبناني يعملون في الدول العربية، ويدخل الى لبنان حوالى 4 مليارات دولار من تحويلات اللبنانيين العاملين في دول الخليج العربي، اي 50 بالمائة من التحويلات اللبنانية في الخارج، وهناك اكثر من 35 بالمائة من الصادرات اللبنانية تُصدَّر الى الدول العربية، اي لبنان اذا لم يكن متفاهماً مع الدول العربية ينعكس ذلك سلباً على جميع القطاعات الاقتصادية من سياحية واستثمارية وغيرها، فأي اقتصاد لبنان يتفاعل مع المنطقة العربية والتفاهم مع الدول العربية ينعكس على جميع القطاعات الاقتصادية.
ولا بد من معالجة الخلل القائم بين الحكومة الحالية والحكومات الخليجية التي اصدرت قراراً يحظر على رعاياها زيارة لبنان.
القطاع الخاص في المرحلة السابقة كان له الدور الفاعل في تنمية الاقتصاد، والآن اراه مستسلماً، فلا يوجد لدى القطاع السياحي والاستثماري والتجاري اي رؤية واضحة بسبب الظروف القائمة، فاقتصاد لبنان 80 بالمائة منه خدماتي ما يعني لتفعيله لا بد من توافر الاستقرار ورؤية وهي ضرورية جداً، وبسبب الظروف الصعبة وغياب الدولة تعمّد مصرف لبنان ضخ الفي مليار ليرة وأين هي الموازنة؟ لذلك اقول ما تقوم به وزارة السياحة بخصوص "50 بالمائة لـ50 يوما" يحتاج لخطة تسويقية وهي غير متوافرة ولذلك لا اراها منتجة وفعالة، فمهما تعمدنا تخفيض اسعار تذاكر السفر، فإذا لم يعالج موضوع حظر سفر الرعايا الخليجيين فهم لن يأتوا الى لبنان، خاصة اذا لم يتوفر الاستقرار السياسي والامني، السياحة في لبنان سياحة نخبوية وليست سياحة رخيصة.
هل قطاع الشقق المفروشة تأثر بانعدام الاستقرار؟
– اللبان: لا شك تأثر قطاع الشقق المفروشة كغيره من المؤسسات السياحية فحالياً لدينا نسبة إشغال 30 بالمائة، وعادة يكون الاشغال لدينا 70 او 80 بالمائة، ونشاطنا في الدعاية لا يظهر كثيراً فنحن جزء من النقابات السياحية ونتعاون معها، فالقطاع السياحي واحد، في مثل هذه الايام كان يجب ان يكون الاشغال في قطاعنا من 60-65 بالمائة، لكن بسبب الظروف الإشغال اليوم 30 بالمائة بسبب الاوضاع، وفي حال تم التوافق بين قوى 8 و14 آذار ينعكس ذلك ايجاباً على كافة القطاعات، فنحن لا نرى المسؤولية عند الدول العربية بل هي لدى دولتنا.
ما مدى فعالية عرض 50 بالمائة حسم على قطاع الشقق المفروشة؟
– نحن منذ اكثر من سنتين نقدم حسما بقيمة 50 بالمائة ولم ننتظر قرار وزارة السياحة، وللاسف قطاعنا يخسر وما يحصل عليه هو اقل من التكاليف اليومية.
معاناة التجار
بالنسبة للقطاع التجاري، دائماً كان هذا القطاع يشتكي من عدم تعاون الحكومة!
– عبدالله: الحقيقة الحكومة وخاصة وزارتا الاقتصاد والسياحة ابدتا كافة سبل التعاون، تاركتين الحسومات والامور تسير وفق ما يقرّره القطاع التجاري، الذي يعاني من عدم وجود تسهيلات للتجار، حيث لم يعد هناك من ثقة بين التجار واصحاب المحلات التجارية من جهة وبين القطاع المصرفي من اجل تسهيل القروض، فأصحاب المحلات التجارية يعانون من التكلفة اليومية سواء أكان من ناحية بدل ايجار المحلات حيث باتت مرتفعة جداً واصحاب العقارات يطالبون ببدلات ايجارات عقاراتهم، فيما الحركة التجارية لا تتناسب وهذه التكاليف فهناك الكهرباء وتكلفتها العالية صيفاً وشتاءً، اضافة الى تكاليف المولدات الخاصة وتكاليف المياه، وكذلك ايضاً تكاليف الموظفين في المحلات التجارية.
هل تحسّن وضع القطاع التجاري في فترة الأعياد؟
– للأسف لم يظهر هذا التحسن في فترة الاعياد، هذا رغم اننا نقدم الحسومات العالية بصورة دائمة، وعادة كان يلجأ سوق معوّض الى تنظيم المهرجانات في مناسبة الاعياد، لكن في ظل عدم تقديم المساعدات من البلدية او الحكومة، ونظراً للتكاليف العالية للمهرجانات والزينة اوقفناها والمنظم لها سنوياً توقّف بسبب الخسارة، وأحد البنوك الذي كان يقدم مساعدات وهدايا توقّف ولذلك الملتزم انسحب وهرب، فالقطاع التجاري في لبنان في تراجع مستمر، وأنا اتصلت بوزارة السياحة لأسأل عن تقديماتها ومساعداتها فكان الجواب شاهد المؤتمر الصحفي للوزير على التلفزيون، فالوزارة لم تتصل بالجمعيات التجارية، والتسويق فقط في مؤتمر صحفي على التلفزيون لا يُعتبر تسويقاً ولا يوجد جدية.
دبي بدلاً من لبنان
أصبحت دبي مركزاً للاستقطاب السياحي والتجاري والاستثماري، هل صحيح أنّ دبي أخذت دور لبنان؟
– الاشقر: دبي على مستوى حكومة ونظام اخذت قراراً منذ عشرين عاماً وقرر قياديوها ان يحوّلوا الصحراء الى جنة، فعملوا وثابروا بعدما خطّطوا وهم اليوم ناجحون، كان بإمكان حكوماتنا ان تعمل عشرة بالمائة مما يُعمل في دبي، ففي لبنان لم نشاهد اي مسؤول بحث في حل لمشكلة السير بينما هم استثمروا المترو وحلوا مشكلة السير الذي استخدمه خلال 3 سنوات 18 مليون شخص، كل شيء منظم، وسائل إعلامهم لا تذكر خبراً عاطلاً، استقطبوا اهم فنانين وممثلين في العالم وكذلك اهم لاعبي التنس، وكذلك المؤتمرات وغيرها، كل ذلك لانه لديهم خطة وعندهم امن واستقرار، وينفّذون القانون بصرامة والدولة لديها هيبة.
دبي لم تأخذ دور لبنان بل لبنان تخلّى عن دوره، ودبي خططت وانتقلت من مرحلة الى مرحلة اخرى افضل، لديهم اهم شركة طيران، وأي شخص يريد السفر بين اوروبا وآسيا ستكون له محطة في دبي، وهذا ما كان يقوم به لبنان ما بين 1940-1975، ولبنان قادر على ان يستعيد جزءاً منه، واليوم تحاول ان تقوم بهذا الدور دولة قطر، وللأسف لبنان ليست لديه رؤية، وعندما انشأ الرئيس رفيق الحريري مطار بيروت بدلا من المطار القديم ليستقبل ما بين 5 و6 ملايين شخص خرجت الاحتجاجات والصرخات والاعتراضات واعتبروا ذلك تهوّراً واليوم اصبح المطار اصغر من حاجة البلد عندما يكون لبنان وضعه طبيعي، ونحن نطالب اليوم بفتح مطار رينيه معوض للتعويض، فهناك حاجة لزيادة الرحلات الى العراق وغيره.
من جهة اخرى، الى جانب طلبات الدول الموردة للسياحة من تطوير المطار وغيره، هناك الاتفاقيات المفروض ان تقوم بها الحكومة، فالحكومة الاردنية ابرمت اتفاقاً مع ليبيا لمعالجة المرضى واجراء العمليات الاستشفائية، وبذلك المستشفيات الاردنية اشتغلت مع كوادرها وكذلك الفنادق عندهم إشغالها كامل ولا تجد غرفة في فندق فارغة بسبب مجيء العائلات مع المرضى ومنهم مَنْ يبقى في الاردن شهر وشهرين، ووقتها نعطي الحسم بحدود 50 بالمائة.
وبخصوص فتح اسواق جديدة اقول بأن العالم اصبح قرية صغيرة وعندنا كل شيء منشور، ومعلوم من حوادث وخطف وقطاع طرقات وهذا لا يشجع على فتح اسواق جديدة.
– وزني: لا لبنان يأخذ دور دبي ولا دبي يمكن ان تأخذ دور لبنان، بعد التجارب الاخيرة من 2000 الى 2012 وخاصة بعد ازمة دبي عام 2009 ظهر ان كل بلد له خصائصه وله استثماراته وسائحيه ومركزه، فدبي استفادت من احداث الربيع العربي واستقطبت سياحة من دول الربيع، وكذلك نشطت عندها الحركة التجارية والاستثمارية ولديها حوالى 12 مليون سائح سنوياً.
من جهته، لبنان لم يعد مثل السابق وحجمه الاقتصادي معروف وهو يحتاج للاستقرار، ولبنان له تمايز في قطاعه المصرفي وهو يسد ثغرات القطاعات الاخرى، والسياحة في لبنان يجب دعمها وحل مشاكلها كما يجب ان تصبح سنوية وليس موسمية ومتعدّدة، فأين الكهرباء وأين الطرقات؟ وأين الاستقرار؟ وموازنة السياحة في لبنان أقل من 1 بالمائة.
– الاشقر: أنا أسأل لماذا ذهبت شقيقة الرئيس بشار الاسد الى دبي واستقرت بها؟ فسوريا شقيقتنا والقيادات السورية المهاجِرة في الخمسينات والستينات كانت تأتي الى لبنان.
وبخصوص سياحة التزلج علينا ان نرى واقعنا، وعندما يرغب المستثمر بأن يأتي الى لبنان ليستثمر فيه يُجري دراسة للبلد لعشر سنوات، وذكرنا انه خلال عشر سنوات كان من ضمنها سبع سنوات سيئة امنياً، والاعاقة ليست عائدة للقطاع الخاص، فعندما يكون الاستقرار متوافرا تتوافر السياحة، فالعرب يحبون لبنان من غير تسويق ودعاية، وقد وصل استقطاب لبنان الى 2.300.000 (مليونان وثلاثمائة الف) سائح يُدخِلون الى لبنان 7 مليارات دولار، والسياحة الى لبنان عربية فالسائح ينزل في الفندق، ومن ثم يشتري ارضا او منزلا وينظّم مع اللبنانيين عقود عمل وتحويل لمشاريع سعودية مع اكل وغيره، وهذا لا يتوافر مع السائح الاجنبي، واذا استمر الحال سيئا في لبنان فإن العديد من المؤسسات الفندقية ستُقفل اضافة الى ما تم إقفاله من مؤسسات بسبب عدم القدرة على تحمل التكاليف.
المحور الثاني: عوامل النهوض
هل يمكن معالجة الوضع السياحي بعيداً عن معالجة الأزمة الاقتصادية في البلد؟
– وزني: تعتمد معالجة السياحة بصورة اساسية على معالجة الازمة السياسية والامنية، فالقطاع السياحي حيوي ورئيسي لتحريك القطاع الاقتصادي، وأي تحسّن امني ينعكس على القطاع السياحي.
هل اعتماد تخفيض نسبة 50 بالمائة التي أعلنتها وزارة السياحة ستنشط عمل قطاع الشقق المفروضة؟
– اللبان: المحافظة على البلد هي مسؤولية اهله ودولته وليست مسؤولية الدول الخليجية والجار، واذا لم تقم الدولة برعاية المؤسسات السياحية فلا شيء ينفع، لأن أصحاب المؤسسات قدراتهم محدودة، فأين هي الدولة؟ وأين هي تقديماتها؟ فرعاية الدولة غائبة، وانهيار مؤسسات الدولة وغيابها أثّر سلباً على المؤسسات، وبخصوص خفض اسعار الشقق المفروشة فأصحابها يقدّمون تخفيضات منذ سنوات اكثر من 50 بالمائة.
– الاشقر: هناك عروضات منذ مدة مخ