80 عاماً على إنشاء مطار البحرين الدولي
المنامة "المسلة" …. تتزامن احتفالات البلاد بالعيد الوطني المجيد والذكرى الثالثة عشرة لتولى الملك المفدى مقاليد الحكم مع تطورات مشهودة في العديد من القطاعات وعلى وجه الخصوص قطاع المواصلات الذي كان لمملكة البحرين سبق الريادة فيه بحكم موقعها الجغرافي وثراء تاريخها كونها بوابة الشرق والغرب منذ ان كانت قديما موقف الطرق التجارية .
فقد كانت شركات الطيران العالمية تستخدم مطار البحرين الدولي منذ سنوات طويلة كمركز توقف وعبور رئيس ولطائرات البوينغ 747بصورة يومية في رحلات بين أوروبا وأستراليا والشرق الأقصى .
ومع ازدياد عدد الطائرات التي تستخدم مطار البحرين اتخذت حكومة البحرين برئاسة الامير خليفة بن سلمان ال خليفة رئيس مجلس الوزراء الموقر حفظة الله ورعاة خططا لتوسعة المطار الذى أصبح من أهم مطارات المنطقة وذلك بعد أن حصل على عدة جوائز عالمية كأفضل مطار في الشرق الأوسط .
يذكر أن تاريخ مطار البحرين الدولي أو مطار المحرق ( سابقاً ) يعود إلى عام 1932 حيث يعد يوم الاربعاء 23 أكتوبر 1932م نقلة نوعية في تاريخ الطيران المدني في مملكة البحرين عندما قامت طائرة من طراز هندلي بيج هانيبال 4hp 42 تابعة للخطوط الجوية الملكية البريطانية ضمن رحلة تجارية منتظمة ولتكون بذلك أول طائرة مدنية تلمس أرض البحرين لتبدأ بعدها رحلة الثمانين عاماً من الطيران المدني .
ومع الزيادة المضطردة في حركة الطيران نتيجة الاكتشافات النفطية عام 1932, أصبحت الحاجة ملحة حينذاك لبناء مدرج ملائم وهكذا اختيرت جزيرة المحرق لتستقبل هذا المرفق وكانت الخطوط الجوية الامبراطورية البريطانية المعروفة في ذلك الوقت باسم ( BOAC ) ..ومع التطورات الجديدة في مطار البحرين الدولي والذى حاز الكثير من الجوائز العالمية كأفضل مطار في الشرق الاوسط تنتقل صناعة الطيران في البحرين من نجاح الى نجاح .. ذلك لأن البحرين تمتلك ارثا وتجربة ثرية في الطيران .
ويجدر بالذكر هنا أن أول طيار في البحرين هو الشيخ عبدالله بن عيسى بن علي ال خليفة نجل حاكم البحرين آنذاك طيب الله ثراه الشيخ عيسى بن علي ال خليفة… كان الشيخ عبدالله بن عيسى قد غادر الى بريطانيا هو وأبنة الشيخ محمد بن عبدالله في عام 1919م في سفينة نقلته الى لندن عبر قناة السويس ثم الى بريطانيا العظمى وفى مطار ميندون بالقرب من لندن ركبا الطائرة وحلقا في الجو ليكونا أول شخصين في الجزيرة العربية يصعدان الى الطائرة وباللباس العربي .
في تلك السنوات الأولى قاد الشيخ عبدالله بن عيسى ال خليفة طائرة بدائية بعد تدريب قصير أثناء تواجده في لندن وفى مطلع القرن ال 21 تم العثور على صورة لدى أحد هواة التصوير البريطانيين للشيخ عبد الله عندما كان في الطائرة باللباس العربي .. ويعد الشيخ عبدالله بن عيسى ال خليفة أول بحريني يقود طائرة.
بعد سنة من هذه التجربة الوطنية من تلك الرحلة أي في عام 1920م منح الشيخ عيسى بن علي ال خليفة حاكم البحرين أنذاك الترخيص لبناء المطار وتم اختيار بقعة صحراوية خارج المنامة ، وفي يوم الاحد الثامن من يونيو 1924م انطلقت ثلاث قاذفات من سلاح الجو الملكي البريطاني من طراز de havilland dh9a من البصرة الى البحرين ، وبحسب قائد السرب ريتشارد بيك اقتربت الطائرات من المنامة في تشكيل جيد على ارتفاع 5000 قدم وهبطت بسلاسة ، في الصباح التالي صعد نائب الحاكم الشيخ حمد بن عيسى ال خليفة في أحدى الطائرات وأصبح أول بحريني يشاهد جزر مملكة البحرين من الجو وحلق على أسطول سفن الغوص وشاهد السفن وهى تبحر باتجاه مغاصات اللؤلؤ وعندما عاد الشيخ حمد تجمع كبار أفراد العائلة المالكة الكريمة وجماهير غفيرة ونقل لهم القصة بفرح شديد.
وذكر قائد السرب ريتشارد بيك أن الشيخ حمد بن عيسى بن علي ال خليفة ولى العهد أنذاك كان ملئ بالاهتمام في الطيران وكان مبتهجاً .
وفى عام 1932م وفيما كان الملاحون البريطانيون يبحثون عن خطوط جديدة بين أوروبا والشرق الاوسط والشرق الادنى لتربط العاصمة البريطانية لندن مع نيودلهي وسيدنى في استراليا تم اختيار البحرين التي وجدت نفسها على خارطة مسارات خطوط أمبريال للمرة الاولى حسب وكالة "بنا".
وفي السادس من أكتوبر عام 1932م بدأ أول ظهور للبحرين على خارطة الطيران المدني بطريقة غير مباشرة حين هبطت طائرة hp 42 بشكل فاشل وغاصت في الرمال الناعمة في منطقة العدلية من العاصمة المنامة ، وقد ضغط الكابتن بأقصى قوة على المحركات ليخرج الطائرة ولكنها غاصت بشكل أكبر واعتقد حينها أنه لن يتمكن من اخراج الطائرة مرة أخرى ، وقام حشد من الناس بسحب الطائرة العملاقة من حيث مكانها وتمكن الكابتن من الاقلاع مرة أخرى والهبوط في المحرق ومنذ ذلك الوقت أصبحت المحرق مركز عمليات لطيران خطوط امبريال في تلك الايام.
وكانت مرافق المحرق بسيطة جداً انذاك وأغلب الركاب كانوا عابرين فقط ولكن الشركة العالمية لطيران امبريال شجعت المطار على ايجاد أنظمة لدعم وتعزيز المطار.
وأصبح مطار البحرين منذ أنشائه عام 1932م وحتى الان من أهم المطارات في العالم ، ولا تزال توسعة المطار مستمرة لجعل المملكة مركزاً للنقل الجوي ، وأصبح عام 1950 من أهم الاعوام في تاريخ مسيرة مطار البحرين الدولي وكذلك لتاريخ الطيران التجاري المنتظم في البحرين وفى العام نفسة تأسست اول شركة طيران محلية اسمها ( جلف أفيشن ) والتي تعرف الان بشركة طيران الخليج وفى عام 1954 تم رسمياً تدشين مركز المراقبة الجوية في البحرين لتغطية الملاحة الجوية وتقديم خدمات المراقبة الجوية للطائرات العابرة عبر مجال الخليج العربي الجوي وتم وضع منارات ملاحية حديثة وأجهزة اتصالات في هذا المركز ، وقام المغفور له حضرة صاحب العظمة الشيخ سلمان بن حمد ال خليفة طيب الله ثراه بوضع حجر الاساس لاول مبنى حديث لمطار البحرين.
وفى 16 ديسمبر 1961 وهو الاحتفال بتولي الشيخ عيسى بن سلمان ال خليفة طيب الله ثراه مقاليد الحكم في البحرين قام بافتتاح المبنى الحديث والمتطور للمطار وليصبح انطلاقة لحقبة من 29 عاماً شهدت تطويراً مستمراً لمطار البحرين الدولي وليبرز كمركز طيران متميز في منطقة الخليج العربي ، كما قام المغفور له أمير دولة البحرين الشيخ عيسي بن سلمان ال خليفة طيب الله ثراه عام 1971بافتتاح مطار البحرين الدولي الحديث.
وفى عقد السبعينيات من القرن ال 20 تطورت حركة الطيران بشكل كبير بوصول طائرات بوينغ 747 العملاقة التي تسع ل 400 راكب .. وفى عام 1976 استقبل مطار البحرين الدولي حدثاً مهماً وهو بدء تشغيل رحلات منتظمة بين البحرين ولندن على طائرة الكونكورد الاسرع من الصوت التابعة للخطوط الجوية البريطانية .. ويعد المطار الأول والوحيد الذى كان يستقبل هذا النوع من الطائرات في الشرق الاوسط.
وقد بدأت طيرن الخليج عام 1976 توسيع شبكة خدماتها فقد تسلمت الشركة أول طائرة من الحجم الكبير من نوع ( ترايستار لوكهيد ) وتولت إلى شركة طيران عالمية مما عزز من مكانة مطار البحرين الدولي كمحور أساسي لعملياتها .
كما تم أجراء أكبر توسعة لمرافق المطار في أوائل الثمانينيات من القرن ال 20 وبتكلفة قدرها 100 مليون دولار وأصبحت السعة الاستيعابية لمطار البحرين الدولي تصل إلى 10 مليون مسافر في السنة وارتفع عدد مواقف الطائرات إلى 46 موقفاً ، ويضم مبنى الركاب الأساسي والذى يستوعب حوالي 10 مليون راكب سنوياً وقاعة الضيافة التابعة لشركة طيران الخليج والمخصصة لركاب الدرجة الاولى ودرجة رجال الاعمال كما تم تطوير بقية مرافق المطار وبالذات تلك التي تتعلق باجراءات السفر والمنطقة التابعة للجوازات والتي تم زيادتها لتصل الى الضعف تقريباً وذلك في محاولة لتسهيل المعاملات لأكبر عدد ممكن من المسافرين خلال فترة زمنية.
كما قام الشيخ عيسي بن سلمان ال خليفة أمير دولة البحرين الراحل في اكتوبر عام 1991بافتتاح المبنى الجديد بعد تجديده وتوسعته وانشاء جسور للسيارات وطابقين أرضى للقادمين وعلوى للمغادرين والذى جاء ليؤكد تصميم البحرين على الحفاظ على مركزها المتميز في ريادة الطيران المدني.
وقد شهد المطار عام 2000 توسع وتطوير في المرافق ويتوقع أن يصل عدد المسافرين عام 2038م 28 مليون مسافر.
وكان الرئيس التنفيذي لشركة مطار البحرين الدكتور أسامة العلي قد قال أن الخطة المستقبلية للشركة تهدف لجعل البحرين مركزاً للنقل الجوي في المنطقة ، وقال أن قطاع الطيران رافد رئيسي للاقتصاد الوطني.
واضاف العلي إن مشروع عمليات التوسعة يتضمن 6 مراحل تنفذ بالتتابع حتى العام 2038م الذى ستكوم فيه طاقة المطار الاستيعابية النهائية 28مليون مسافر.
وقد قام وزير المواصلات البحريني السيد كمال أحمد في 5 نوفمبر الماضي بتدشين جهاز لإدارة الملاحة الجوية التابعة لشؤون الطيران المدني.
وستنظم مملكة البحرين وللمرة الثالثة معرض البحرين الدولي من 16 الى 18 يناير 2014 م.