اعلانات الهيدر – بجانب اللوجو

Al Masalla-News- Official Tourism Travel Portal News At Middle East

جانبى طويل

الأوضاع الأمنية كلفت السياحة اللبنانية ثمناَ باهظاً بسبب الأزمة السياسية

 

الأوضاع الأمنية كلفت السياحة اللبنانية ثمناَ باهظاً بسبب الأزمة السياسية

بيروت "المسلة" … بين سندان الدولة الغائبة والخدمات المعدومة، ومطرقة الأوضاع الاقليمية المتأزّمة والتحذيرات الخليجية الرسمية من السفر الى لبنان، دفع اللبنانيون كلفةً باهظة لقاء تراجع الموسم السياحي بشكل لافت، على الرغم من طلائع النازحين الذين يتوافدون الى قراه ومدنه، فيبثون فيها سياحة من نوع آخر، أقل ما يقال فيها أنها لجوء قسري مؤقت، مع ما تحمله هذه العبارة من فصول المعوقات والمعاناة، وأكثر ما يقال فيها انها فوائد قومٍ ناجمة عن مصائب قومٍ آخرين .

ولمّا كانت بيروت قلب لبنان النابض بالحياة أبداً، بغض النظر عن نجاح موسم سياحي هنا او فشل آخر هناك، ولمّا كانت مهرجانات لبنان الدولية تظلّ قبلة متذوقي الفن والثقافة من كل حدب وصوب، سواء من خارج لبنان أو من داخله، إلا أن القرى والبلدات الداخلية في لبنان، وتحديداً في جبله، لا تشهد عزّها الا في فصل الصيف .

وهناك فصل الشتاء يطول، وتطول معه فصول الأزمات المعيشية، وسط الغلاء الذي يزداد في لبنان عاماً بعد عام، ما يحتّم على المواطنين انتظار موسم السياحة والاصطياف لتعويض عجز الشتاء سواء من خلال مرافقهم السياحية او من خلال انتاجهم المحلي من المؤن والمنتجات اليدوية وغيرها، ام من خلال مردود ايجارات الشقق السكنية والمحلات التجارية الموسمية التي لا يختارها المستثمر في الجبل الا لقطف ثمار الموسم السياحي، وإن كانت مدته الزمنية قد لا تتجاوز الاشهر الثلاثة كحد اقصى!

وإذا كان معظم الجبليين باتوا يجمعون في الصيف ليأكلوا في الشتاء، فإن غلّتهم لهذا الصيف قد لا تكفيهم لصيفهم ذاته، وسط جمود هائل تعيشه المنطقة، نسبةً لما كانت تشهده في مثل هذه الفترة من كل عام! فلا وجود خليجي في منطقة جبل لبنان الجنوبي بشكل عام.
 
قلة قليلة قد تصادفهم اثناء تجوالك في مدينة عاليه صعوداً نحو محطة بحمدون وقرى وبلدات الاصطياف في المتن الاعلى! المحال التجارية لم تفتح كلّها ابوابها ككل عام، في بحمدون على الاقل، اذا ما اعتبرنا ان مدينة عاليه تعتبر مركزاً لقضاء عاليه وهي بالتالي وسط تجاري لابناء المنطقة ككل، ولا يمكن القول انها تعتمد على الموسم السياحي تجارياً، بقدر ما تعتمد عليه سياحياً لناحية الفنادق والمطاعم والمرافق السياحية وغيرها من قطاعات تتعلق بالموسم السياحي مباشرةً، وكذلك لافتات الاعلانات عن الشقق المجهّزة للايجار الى تزايد في حين الفنادق شبه خالية، لولا النازحين وبعض المغتربين الذين آثروا تمضية الشهر الفضيل في ربوع الوطن وفي كنف الاحبّة، ليرتاح الكثيرون من المشاريع المتوقف العمل فيها، سواء أكانت مشاريع سكنية تستهوي الخليجيين أم مشاريع استثمارية ضخمة تحتاجها المنطقة لتحسين وجهها السياحي .

ومن واقع هذا المشهد الذي قد يبدو في الواقع أقل مأساوية من السرد، بفضل بعض النازحين والمغتربين اللبنانيين، فيمكن اختصاره بجملة واحدة مفادها ان لبنان خسر موسماً سياحياً كان يمكن ان يكون الافضل له منذ سنوات، وسط الغليان السياسي والامني المحيط به اقليمياً لو نجح بـ «نأي نفسه» فعلياً عمّا يحيط به .

المشهد في محطة بحمدون اليوم مختلف عنه في كل عام. فتلك البلدة التي انبثقت من العدم لتتحدى سنوات الحرب الطويلة وتثبت انها مثال حي لطائر الفينيق، ذلك الذي ينبعث من تحت الرماد ليحيى ويحلّق من جديد، يبدو وجهها شاحبا هذه المرّة، وسط الركود الذي تعيشه، والذي أبقى على طريقها الرئيسية مفتوحة امام السيارات بالاتجاهيْن، على عكس ما اعتاده روادها من تحويل السير في سوق البلدة الى اتجاه واحد لتجنّب مشكلات زحمة السير ، وهي تلك التي لم تشهدها محطة بحمدون بعد هذا العام .

وفي هذا الاطار تحدث رئيس بلدية محطة بحمدون أسطة أبو رجيلي لـ «النهار» قائلاً ان «محطة بحمدون شرّعت ابوابها للاخوة السوريين بكل سخاء، على عكس ما روّج له البعض عن رفع اسعار الغرف في الفنادق»، وأكد ان البلدية ساهرة على تأمين كل وسائل الراحة والعيش الكريم للأشقاء الذين نتفهم جيداً ما يعيشونه»، مبيناً ان الوجود السوري انعش البلدة نسبياً، بعد ان دهمها الخوف من الفراغ والركود الذي عانته في بداية الموسم السياحي، وان كان هذا التواجد السوري لا يمكن مقارنته مع الحضور الخليجي من حيث تحريك العجلة الاقتصادية ونوعية الحياة والأنشطة التي اعتدنا ان ترافقه في كل موسم صيف، الا انه اضفى على بلدتنا بعض الحيوية دون شك .

أما بالنسبة للواقع السياحي في البلدة، لفت ابو رجيلي الى ان «الواضح للجميع هو ان هذا الصيف لا يمكن احتسابه في لبنان، بفعل العوامل الخارجية التي يتأثر بها»، مشيراً الى ان «تحذير بعض الدول الخليجية رعاياها من زيارة لبنان اثر بشكل مباشر على الحضور الخليجي، باستثناء بعض الاخوة الذين يعرفون لبنان بشكل عميق ولا يتأثرون بأي ظروف تطاله، وهؤلاء متواجدون في منازلهم ويتجوّلون، رغم مخاوف اقربائهم ممن يضغطون على بعضهم لمغادرة البلاد .
 
كما اعرب ابو رجيلي عن اسفه لهذا التراجع والجمود والركود الذي شهدته محطة بحمدون هذا الصيف بعد ان كانت استجمعت شتاتها من تحت انقاض الحرب ونهضت لاستعادة موقعها على خارطة السياحة اللبنانية طوال السنوات الماضية ، وقال «اننا اليوم في موقع الترقب والانتظار على مفترق طرق بين الامل والخوف من العودة الى الوراء، الى اللا وجود»، مؤكداً ان «الاخوة الخليجيين لن يتركوا لبنان البلد الاحب الى قلوبهم، واعني هنا تحديداً الاخوة الكويتيين»، معتبراً مساعدات الكويت للبنان خير دليل على تلك العلاقة الوثيقة بين البلديْن .

ومن بحمدون نزولاً نحو مدينة عاليه، التقت «النهار» رئيس بلديتها وجدي مراد، الذي اعتبر ان السياحة في جبل لبنان تقسم الى ثلاثة اقسام، سياحة المغتربين اللبنانيين، وسياحة الاخوة العرب والخليجيين، اضافة إلى سياحة الاصطياف الداخلي التي يحرّكها ابناء الساحل اللبناني ممن يمضون فترات الصيف في ربوع الجبل، واشار الى ان اعداد المغتربين اللبنانيين المتوافقدين الى مطار بيروت ليست قليلة، ما يدعم السياحة الداخلية، وان كان اهل الساحل يعانون هذا العام من ازمات مادية من ناحية ويؤرقهم الهاجس الامني في الساحل من جهة ثانية، إلا انهم لا يستغنون عن الصيفية في ربوع الجبل، اما بالنسبة للسياحة الخليجية، فقد تأثرت بشكل كبير بالقرارات التي اتخذتها بعض الدول والتي حذرت رعاياها من القدوم الى لبنان وتبقى قلّة قليلة تعرف حقيقة لبنان جيداً وتثق بأمنه وأهله، مهما اشتدت الظروف، وهؤلاء أتوا ككل عام، لكن اعدادهم قليلة.

 

نبذة عن الكاتب

مقالات ذات صله

error: Disabled