بقلم : محمود كامل
من مصائب الزمن ألا تفهم شيئاً مما يدور حولك في شوارع بلدك وفي الحارات من صراع الجميع مع الجميع ودون أن تعلم شيئا عن مطالب هؤلاء القاطعين لكل مرور -معطلين مصالح كل الناس- الذين امتلأت بهم الميادين العامة، والشوارع الموصلة إلى تلك الميادين، فكل متظاهر يصرخ بمطالب أغلبها فئوية لا يطالب بها جاره المتظاهر الآخر بما يصيب من يستمع إلى تلك المطالب المتضاربة والمتناقضة بالكثير من (الحوسة) ذلك أن المتظاهرين -في غير الأوقات المناسبة- لم يتحدوا على مطلب واحد معقول يمكن الاستجابة له مع علم الجميع بأن الدولة التي يطالبون رجالاتها بتنفيذ ما يطلبون عاجزة تماماً لخزانتها الخالية ببركات نظام مبارك عن الاستجابة لما يطلبون، ذلك أن الدولة بكل أجهزتها تصارع ليل نهار لتدبير لقمة العيش -استيراداً- حتى لا يجوع كل الناس!
ولعل أكبر أخطاء السلطة القائمة على الأمر في مصر هي اعتبارها أن التظاهر حق للجميع وهو ما استغله البلطجية و(الصيَّع) أسوأ استغلال بالاستمرار في إثارة الفوضى التي عجز الأمن المصري عن إيقافها حتى الآن ولا أعتقد أن امتلاء الشوارع بالمتظاهرين طلبا لحقوق مكثوا عليها لعقود كثيرة خوفاً من عصا أمن مبارك الجهنمي سوف يؤدي إلى شيء أكثر من تعجيز الدولة التي تحاول النهوض عن تلبية ما يطلبون من حقوق طولب بها في الوقت الخطأ.
ولعل ما يثير الدهشه هو خشية السلطة من منع التظاهر أو الاعتصام لمدة عام على الأقل بقرار سيادي تسنده سلطة للأمن مستعدة لإطلاق الرصاص على المخالفين وذلك لوقف انهيار الدولة الذي تسعى إليه جهات بعضها -مع الأسف- مصري.
إن كل عشاق مصر عليهم إيقاف الفوضى التي تزداد يوما بعد يوم، ومعهم السلطة المالكة للزمام فتلك أولى مسؤولياتها حتى لو أدى الأمر إلى -إعلان- الأحكام العرفية ومنع التجول لساعات يطلق خلالها الرصاص على المخالفين حماية لمصر التي تضيع من بين أيدينا.