بقلم : محمود كامل
«إذا وقعت البقرة.. كثرت سكاكينها». مثل شعبي قديم، ينطبق على «البقرة» ضخمة الحجم، و«المعزة» الصغيرة .. الغلبانة، إلا أن المعنى يتسع كثيراً عند التطبيق، لينطبق على كبير المقام إذا خرج من منصبه -من رئيس الدولة إلى رئيس الحي- ويتبع هؤلاء الكبار كل الصغار «الملتحفين» بنفوذهم والمغرورين بعز السلطة وغرور السلطان ممن يخشاهم بسطاء الناس، فإذا ما ترك أي منهم منصبه فإن أول من «يلوك سمعته» كل الصغار الذين اكتووا بنفوذ الكراسي، ليقطّع الجميع «لحم سمعته»، بالحق أحيانا وبالباطل أحياناً أخرى، فيما يتصور هؤلاء أنَّ الانتقام منهم «عدل» حان أوانه ثأراً من مظالم كثيرة ..قديمة! صحيح أنَّ «كثرة السكاكين» بالنسبة للبقرة -وحتى الفرخة والبطة والديك.. والأرنب- هي محاولة شعبية لإنقاذ اللحم -قبل النفوق- الذي يدخل باللحم «دائرة التحريم» باعتباره «ميتة» مثل الدم ولحم الخنزير، ونضيف نحن للدائرة «أكل أموال الناس بالباطل، وكذلك قطع الأرزاق .. وما يستجد.
ورغم شهرة ذلك المثل القديم الذي لا يدري أحد شيئاً عن نشأته، فإن الكثير من الذين «يلوكونه» لا يفهمونه، ولا يتعظون به، فكل «اللصوص» يحفظونه عن ظهر قلب ويستعملونه دائماً فيما يختض بالآخرين وليس فيما يخصهم في تصور بأن ما يجري على الناس لا يجري عليهم رغم إيمان الآخرين -وليس هم- بأن كل أموالهم من حرام، ناسين تماماً بأن «كل ما نبت من حرام فالنار أولى به»، والمصيبة أنَّ كل هؤلاء اللصوص لا يتذكرون «سكين العقاب» إلا عند سكرات الموت حيث لا «توبة» ولا زمان إضافي يعودون خلاله عما فعلوا -وهو ما تتحدث عنه آيات من القرآن الكريم- بالغة الوضوح إلا أنَّ «الشبق للحرام» وعشق كثرة المال يغطيان -بالجينات- على الفهم ضمن أقدار تقول بأن «الحرام بيّن والحلال بيّن وبينهما أمور متشابهات» وذلك ذنب الذي يفضل «المتشابهات» على «الواضحات» دون فهم لـ«ادرؤوا الحدود بالشبهات» ليحمل كل منا ذنب ما قرر، ذلك أن الله ليس بظلام للعبيد!