.jpg)
كم أتمني ان تسير المنظومة السياسية بسلاسة وشكل حضاري يتسم بارتفاع مستوي الشعور الوطني الذي يستهدف الحفاظ علي أمن واستقرار مصر. كلنا نتطلع إلي استكمال هذه المسيرة بسلام حتي محطة إعداد دستور نموذجي نستحقه ومعبر عن كل أطياف الشعب بالإضافة إلي رئيس يليق بشخصيته ومؤهلاته وامكاناته بمكانة مصر وعظمتها وشموخها.ان توصلنا إلي هذه النهاية السعيدة سوف تكون لها آثارها الايجابية علي أحوالنا التي لايمكن لأحد أن ينكر انها بلغت اقصي معدلات السوء وهو ما أدي الي تصاعد الاحساس بالاحباط والمعاناة.
لاجدال ان تحقيق هذا الهدف وبالصورة التي تتمناها جماهير الشعب سينعكس وبصورة فورية علي السياحة.. صناعة الأمل والتي اصبحت دعامة اساسية لاقتصادنا القومي. انتعاش حركة السياحة من جديد تعني بالنسبة للمهتمين بالشأن الاقتصادي المصري البدء في استعادة ما فقده البنك المركزي من احتياطيات العملات الأجنبية التي يتم الاعتماد عليها لتوفير احتياجاتنا من المواد الغذائية والاستراتيجية. التحرك علي هذا الطريق سيؤدي الي عودة سريان الدماء الدافئة في العروق المصرية من جديد مما يجعلنا نتوقف عن مد أيدينا طلبا لمعونة أو مساعدة المنظمات الدولية واللي يسوي ومن لايسوي. حان الوقت لأن يؤمن شعبنا قبل الحكومة بأن السياحة هي ينبوع الخير المتدفق الذي سخره المولي عز وجل من خلال المقومات التي أنعم بها علي مصر للدفع بها إلي آفاق التقدم والازدهار. في هذا المجال فإننا مطالبون بالتصدي لكل من يدعو الي »رفس« هذه النعمة الإلهية.
هنا لابد من التأكيد علي إن الأمن والاستقرار هما أهم ما يتطلبه تحقيق التعافي السياحي الذي شهدت مقاصدنا السياحية المعروفة دلائله في اجازات الايسترن (الربيع) حيث ارتفعت نسبة الاشغال في فنادقها بصورة لم تحدث منذ 14 شهرا مضت أي منذ قيام الثورة. استمرار هذا المد السياحي يعطي مؤشرا عن تحرك عجلة الرواج الاقتصادي. في هذا المجال من الضروري ان تدرك جميع القوي الوطنية المصرية ان نجاح وترسيخ الحياة الديمقراطية لابد ان تستند إلي الارتفاع في مستوي معيشة المواطنين بما يتيح لهم الشعور بحرية التفاعل معها. ووفقا للدراسات علي أرض الواقع وما تمتلكه مصر في المجالات السياحية المختلفة والعوائد الوفيرة التي يمكن الحصول عليها من وراء ذلك سواء بشكل مباشر أو غير مباشر تعد عنصرا فعالا في اثراء هذه الديمقراطية علي أساس ان من لا يملك قوته لا يملك حريته.
وسط هذا التفاؤل الذي أرجو السميع العليم ان يوفره ويضمنه لنا يقودنا الحديث الي امكانية ان تستعيد السياحة الروسية المعدلات التي سبق ان حققتها في منظومة السياحة المصرية عام 2010 اي قبل قيام ثورة 25 يناير. انني أخص السياحة الروسية بهذه الاشارة نظرا لانها حققت في هذا العام رقما قياسيا يعادل ضعف السياح الذين استقبلناهم من أي جنسية أخري حيث بلغوا 2.8 مليون سائح. هذا الرقم الكبير يساوي 20٪ من حجم الحركة السياحية الوافدة الي مصر. وفي إطار جاذبية هذا الرقم يهمني أن أشير إلي اننا فقدنا مليون سائح من هذا العدد في عام ١١٠٢.
سألت منير فخري عبدالنور وزير السياحة بمناسبة الزيارة السريعة التي كان قد قام بها إلي موسكو لحضور معرضها السياحي الدولي عن دور وزارة السياحة لاستعادة هذه الطفرة السياحية الروسية قال انه من خلال لقاءاته بمنظمي الرحلات في روسيا عبروا عن ثقتهم في عودة التدفق السياحي الروسي من جديد إلي المقاصد المصرية الشاطئية.
وقد ذكر لي الوزير انه التقي ضمن من شملهم برنامج زيارته السريعة بنائب بطريرك الكنيسة الروسية والتي تشهد اقبالا شعبيا منذ سقوط الاتحاد السوفيتي. قال ان المزارات المسيحية المقدسة الموجودة في مصر يمكن ان تكون عنصر جذب لقطاعات كبيرة من السياح الروس. هذا الاهتمام يقودنا إلي الدراسات والافلام التي تم تصويرها بمبادرة من رجل الأعمال منير غبور حول رحلة العائلة المقدسة »السيدة مريم« إلي مصر. لقد حددت هذه الدراسة مسار هذه الرحلة والأماكن التي توقفت فيها. قال المسئول الكنسي الروسي الكبير إن هذا البرنامج يمثل عنصر جذب للسياحة الروسية يمكن ان تساهم فيه الكنيسة.
من ناحية أخري قال منظمو الرحلات الروس ان عدد سياحهم يمكن ان يتزايد عما كان عليه عام ٠١٠٢ خاصة بعد ان اكتشف السياح الروس ان زيارة مصر لا تقتصر علي فصل الشتاء كما كان يروج لذلك المنافسون لنا وان الطقس الصيفي المعتدل في مصر اضافة إلي توافر الشواطئ الرملية والشمس التي يفتقرون إليها تمثل بالنسبة لهم شيئا رائعا. وقد انضم أصحاب شركات الطيران الخاص إلي منظمي الرحلات السياحية بإبداء استعدادهم لتوفير الطائرات اللازمة لتنفيذ البرامج السياحية.
بالطبع فإن كل هذه الآمال معلقة علي ما سوف تشهده مصر إتماما للمسيرة الديمقراطية والتي نرجو ان تعلو فيها المسئولية الوطنية علي كل شيء إذا كنا حقا جادين في عملية النهوض بهذا الوطن.
بقلم : جـلال دويــدار رئيس جمعية الكتاب السياحيين المصريين
