Al Masalla-News- Official Tourism Travel Portal News At Middle East

الخديعة الكبرى التي شارك فيها الأمريكان والمجلس العسكري والإخوان المسلمين

بقلم – صبحى فؤاد

في الحوار الرائع الذي أجراه الصحفي المعروف "محمد الباز" مع "عبدالرحيم علي"- الباحث المتخصص في شئون الجماعات الإسلامية- والذي نُشر بجريدة "الفجر" يوم 16 يناير 2012، كشف الأخير النقاب عن العلاقة بين الإخوان المسلمين والأمريكان قبل وبعد ثورة الشباب المصري على نظام الرئيس السابق "مبارك"، وكيف أن الأمريكان نصحوا "أحمد محمد عبد العاطي"- مسئول الجماعة في "تركيا"- بعدم عقد صفقات تتعلق بالانتخابات البرلمانية مع النظام السابق عام 2010 لأنهم كانوا يتوقَّعون سقوطه.

وكان أخطر ما جاء في الحوار المنشور ما ذكره "عبد الرحيم علي" بأن الأمريكان طلبوا من مسئول الجماعة في "تركيا" عند قيام الثورة بألا يتحركوا من أول يوم وينتظروا حتى تأتي لهم الإشارة من "أمريكا" بالنزول والمشاركة، وهو ما حدث بالفعل، عندما وصلتهم الإشارة يوم 27 يناير نزلوا إلى الشوارع وشاركوا بعد أن تأكَّدوا هم والأمريكان بأن ثورة الشباب في طريقها لنجاح وإسقاط "مبارك" ونظامه!!.

هذا الكلام يؤكِّد ما كان يتردَّد في صحف ووسائل إعلام كثيرة داخل "مصر" وخارجها، عقب قيام الشباب بثورتهم، بأن قيادات من جماعة الإخوان المسلمين كانوا في ضيافة السفارة الأمريكية بينما كان الشباب المصري الثأئر الحر في ميدان "التحرير" يواجهون الرصاص الحي بصدورهم العارية والموت على يد عصابات "حبيب العادلي" و"مبارك" وجهات أخرى تابعة للدولة.

كنت أتمنى أن ينكر المرشد العام أو من ينوب عنه الوقائع الخطيرة التي نشرتها جريدة "الفجر"، والتي تدينهم بتهم قوية وخطيرة، من بينها التنسيق والتخطيط والتآمر مع دول وجهات أجنبية لقلب نظام الحكم في "مصر"، وتعد هذه التهمة وحدها- إذا ثبت ضدهم "خيانة عظمى"- تستحق أقصى عقوبة في القانون المصري.. ولكن كما تعوَّدنا من الإخوان عندما تكون الاتهامات ضدهم دامغة قوية يضربون "الطناش" وكأنهم غير موجودين على أرض "مصر".

لقد بدأت الحكاية يوم 25 يناير بثورة ناصعة بيضاء قام بها شباب مصري شرفاء أنقياء يحبون بلدهم ويحلمون برقيه وتقدُّمه ورخائه، ويحلمون بالحرية الحقيقية والديمقراطية وإعادة الكرامة والعزة للإنسان المصري بعد إهدارها بمعرفة نظام "مبارك" ومن قبله "السادات"، ولكن فجأة- وبعد أن بدأت الثورة تحقِّق نجاحًا باهرًا وتسير نحو الهدف الذي قامت من أجله نتيجة لإصرار الشباب وتضحياتهم بدمائهم وأرواحهم- بدأ الإخوان والأمريكان والعسكر يدخلون الساحة بقوة، ويكشفون عن أوراقهم ونواياهم الحقيقية التي كانت قبل 25 يناير غامضة لكونها مغلفة بأوراق السولفان حتى لا تعرف لونها أو طعمها أو حقيقتها. فرأينا تصريحات المسئولين الأمريكان تخرج عن حياءها وخجلها والأبواب المغلقة والسرية، لكي يعلنوا إلى العالم أجمع تأييدهم وترحيبهم بالإخوان، واستعدادهم التعامل معهم في حالة وصولهم إلى الحكم.

أما العسكر بقيادة "طنطاوي"، فوجدناهم خلال الشهور الماضية يستميتون في إرضاء وتلبيه مطالب الإخوان، والتي كان أولها الاعتراف بوجوهم بطريقة شبه رسمية والسماح لهم بتأسيس حزب ديني سياسي رغم مخالفه هذا الأمر للدستور المصري الحالي، وإغماض العين عن تزوير الانتخابات البرلمانية لصالحهم من أجل تمكنيهم (الإخوان) من التحكم في البرلمان المصري مقابل خروج العسكر الآمن، وضمان عدم المساس بأموالهم ومكتسباتهم، وعدم تقديم أحد منهم للمحاكمات بتهم قتل المتظاهرين في "ماسبيرو" ميدان "التحرير" وغيرهما.

خلاصة الكلام.. لقد تحوَّلت ثورة شباب "مصر" بعد عام على قيامها إلى مأساة كبرى "تراجيدي"، لم يذكر تاريخ "مصر" الحديث أو القديم شيئًا مماثلًا لها، وذلك بفضل مشاركة الأمريكان والإخوان والعسكر في خداع الشعب المصري، رغم تناقض المصالح والأهداف والأجندات العلنية والسرية بينهم.

وسؤالي هنا:
ألم يكن أفضل وأكرم وأأمن لـ"طنطاوي" و"عنان" وبقية مجلس العسكر الوقوف بجانب تطلعات وأحلام الشعب المصري بدلًا من الوقوف ضده والمشاركة في ذبح وقتل إبائه، وخداعهم وتسهيل مهمه الإخوان والسلفيين للوصول إلى الحكم بانتخابات برلمانية مشكوك في صحتها وصدقها وشفافيتها؟

أما الأمريكان فأقول لهم:
ألا تعلمون أن الإخوان لن يلتزموا بالعهود والوعود التي أعطوها لكم بالحفاظ على السلام مع "إسرائيل" وعدم الانفراد بالسلطة في "مصر" وحماية الأقليات الدينية؟ ألا تعلمون من تجارب الشعوب الأخرى التي طبَّقت الشريعة الإسلامية وحكمت بمعرفة التيارات الدينية المتشدِّدة أن وصول الإخوان إلى الحكم يعني تمزيق "مصر" وسفك دماء ألوف وربما ملايين الأبرياء؟

أما الإخوان فعندي الكثير الذي أريد أن أقوله لهم، ولكني فقط سوف أكتفي بأن أقول لهم هم وإخوتهم وشركاءهم السلفيين، ألا تشعرون بالخجل والخزي والعار من أنفسكم؟

أخيرًا، أثق أنه رغم أن الوضع الحالي في "مصر" بعد وصول الإخوان والتيارات الإسلامية المتشددة إلى الحكم يبدو كئيبًا جدًا ولا يبعث التفاؤل أو الاطمئنان ولا يبشر بحاضر أو مستقبل طيب وإنما العكس تمامًا، إلا أن "مصر" كما نقول "ولادة"، سوف يخرج آجلًا أو عاجلًا من رحمها زعيم وطني قوي لكي يصحِّح الوضع المأساوي الحالي الذي يرجع الفضل فيه إلى "طنطاوي" وبقية العسكر والإخوان والأمريكان، ويعيد توحيد الشعب من جديد، ويقودهم إلى الخير والرخاء والرفاهية.

نبذة عن الكاتب

مقالات ذات صله