بيت لحم "المسلة" عنان شحادة… في الوقت الذي يضع فيه مسيحيو العالم لمساتهم الأخيرة لاستقبال عيد الميلاد المجيد والاحتفال به، وجدت المواطنة أم جريس من مدينة بيت جالا نفسها على أطلال منزلها الذي هدمته قوات الاحتلال في منطقة المخرور قبل أسبوع، بحجة عدم الترخيص.
وقالت أم جريس لـــ’وفا’: ‘سبحان الله، الاحتلال لم يدع الشعب الفلسطيني في حاله، يحاول أن ينغص حياته يوميا، لم يترك له فرصة حتى الاحتفال والبهجة بمناسباته الدينية والوطنية. لم يراع قدسية عيد الميلاد، هدم منزلنا القديم في منطقة المخرور إلى جانب عدد آخر من المنازل، كل ذلك بهدف تنغيص الأجواء’.
وأضافت: ‘كنا نستخدمه لأغراض زراعية، وكذلك مكانا لتجمع أفراد العائلة، نحيي فيه المناسبات المختلفة، نزينه بالزينة الخاصة لأعياد الميلاد، لكن هذا العام سنفتقده بعد أن أصبح أنقاضا، اختفت تحته شجرة الميلاد و’بابا نويل’.
وأكدت: رغم كل ذلك، لدينا الإصرار والتصميم على إحياء هذه المناسبة الدينية وتفويت الفرصة على المحتل من نيل عزيمتنا. سنقوم بإعادة بنائه’.
وكانت جرافات الاحتلال هدمت في منطقة المخرور التابعة لمدينة بيت جالا، أربعة منازل مشيدة منذ زمن طويل، بحجة عدم الترخيص.
محافظة بيت لحم شهدت تصعيدا واضحا عشية أعياد الميلاد المجيدة، من خلال ضم 7000 دونم من أراضي بيت لحم الشمالية الواقعة خلف الجدار إلى بلدية القدس وإحالة مسؤوليتها إلى حارس أملاك الغائبين بالقدس، إضافة لنية إقامة بؤرة استيطانية تتوسط بلدة الخضر ومخيم الدهيشة.
بيت لحم وهي على بعد يومين من احتفالات عيد الميلاد وإقامة قداس منتصف الليل، فإنها ورغم ما تواجهه من معوقات احتلالية، تسابق الزمن لاستقبال هذه المناسبة الدينية الوطنية، من خلال إكمال زيتنها الخاصة، إضافة إلى تنظيم العديد من الفعاليات التي انعكست إيجابا على المظاهر الخلابة لمدينة المهد، فأصبحت كالمعتاد قبلة للسياح والزوار تعج بهم ساحة المهد وشوارعها وأزقتها القديمة.
وقال محافظ بيت لحم عبد الفتاح حمايل لـ’وفا’: نحن حريصون أن تأخذ هذه المناسبة وأمام كل ما توجهه المدينة من مخططات احتلالية رامية لتقويضها وإفساد كل مظاهر البهجة، قيمتها الحقيقية ودورها الطبيعي في الاحتفالات، وتعمدنا هذه السنة ومنذ قرابة الشهر الاتصال مع كافة الجهات الخاصة ذات العلاقة في سبيل وضع رؤية مشتركة لإحياء هذه المناسبة مع استخلاص العبر من السنوات الماضية’.
وأشار إلى أن بيت لحم تنعم بحالة من الاستقرار والهدوء الأمني مرده السياسة الحكيمة للسلطة الوطنية والجهات الأمنية في فرض سيادة القانون.
ولفت حمايل إلى أن ما يميز احتفالات هذا العام أنه لأول مرة يتم وضع إطار قيادي شارك فيه كافة أصحاب الشأن والاختصاص للإشراف عليها، إضافة إلى أن مظاهر الزينة لم تقتصر على مركز المدينة وإنما شملت المداخل الرئيسية للمحافظة والمدينة.
ولفت حمايل إلى أن ما يميز هذا العام، وضع برنامج للاحتفالات من خلال الإعلان عن احتفالات عيد الميلاد على عكس السابق، عندما كانت إسرائيل تبادر لذلك، مشيرا إلى أن الحق أعيد لصاحبه، وهذا بحد ذاته له دلاله وبعد سياسي وسيادي.
ولفت إلى أن بيت لحم تعاني من ظاهرة البطالة، رغم أن هناك جهودا لتطوير وتحريك عجلة الاقتصاد في المحافظة، إلا أنها تصطدم بعراقيل الاحتلال، حيث تشير الإحصائيات إلى أن نسبة البطالة تصل إلى27%، وان جزء من هذه البطالة في إطار عنصر الشباب حملة الشهادات الجامعية.
وأشار حمايل إلى أن الخطة الأمنية للأعياد تهدف للمحافظة على الاستقرار والأمن، مع إعطاء الفرصة لحرية الحركة والتنقل للمواطنين المحليين والوافدين من الخارج للوصول إلى مكان الحدث والمشاركة بالاحتفالات، مؤكدا أنه لن يكون هناك إغلاق للطرق.
وتطرق إلى الواقع السياحي الذي يشهد تطورا واضحا، وأن أعداد السياح في ازدياد سواء السياحة الداخلية أو الدينية، حيث الطموح إلى زيادة عدد السياح، لكن هذا يصطدم بعوائق إسرائيلية، منها التضليل الإعلامي ومحاولة التقليل من حالة الإقبال على مدينة بيت لحم بهدف أن تكون الزيارة قصيرة والعودة إلى الفنادق والمطاعم الإسرائيلية.
ويعيش قطاع السياحة أوج عطائه، رغم الظروف الصعبة التي تمر بها الأرض الفلسطيني والمنطقة العربية، واستطاع أن يحافظ على مستواه للعام 2010، وهو ما يظهر جليا من خلال الحجز الكامل لفنادق المدن الرئيسية في بيت لحم، وبيت جالا، وبيت ساحور.
وفي هذا الشأن، قال رئيس جمعية الفنادق العربية الياس العرجا لــــ’وفـــا’، إن الوضع السياحي بشكل عام جيد جدا ولا يدعو إلى القلق، بل هي فرصة مواتية لزيادة الاستثمار في المنشآت السياحية خاصة قطاع الفنادق والصناعة الخدمية بشكل عام.
وأشار إلى وجود 38 فندقا في المدن الرئيسية الثلاثة بيت لحم، وبيت جالا، وبيت ساحور، بواقع 2400 غرفة فندقية وبسعة 5000 سرير، مؤكدا أن هذا غير كاف، وأن الاهتمام يجب أن ينصب نحو استثمارات جديدة، لافتا إلى وجود ستة فنادق قيد الإنشاء.
وأوضح العرجا أن جميع الغرف الفندقية محجوزة خلال فترة الأعياد، وان ما نسبته 70% من السياح الأجانب، و30%من عرب الداخل، مشيرا إلى أن نسبة الإشغال في الفنادق زادت مع قرب احتفالات أعياد الميلاد بنسبة وصلت إلى 60%، بمعنى أن السياحة في الأرض الفلسطينية وبيت لحم في تصاعد.
وأشار إلى الحرص على التميز بالخدمات المتوفرة في الفنادق، حيث جرى تنفيذ جولات مكثفة عليها والكشف عنها من حيث النظافة، والاحترام في المعاملة، وتوفير المستلزمات الضرورية الواجب توفرها لراحة النزلاء، لافتا إلى أن عدد العمال في كافة فنادق بيت لحم يصل إلى 2000 عامل مباشر، إضافة إلى 2000 عامل غير مباشر.
من جانبها، أعلنت الشرطة عن استكمال كافة استعداداتها لتأمين الاحتفالات بفعاليات أعياد الميلاد المجيدة الأسبوع المقبل.
وقال مدير شرطة محافظة بيت لحم المقدم خالد التميمي، إن الشرطة أعلنت الاستنفار الكامل في كافة إداراتها ومراكزها وأقسامها لتتولى مهمة توفير الأجواء الملائمة للاحتفال بالأعياد.
وأوضح أن الشرطة أعدت خطة عمل بالتنسيق والتعاون مع كبار رجال الدين في كنيسة اللاتين والمؤسسات الدينية والحكومية والأهلية المعنية، لتفادي الأخطاء، ولإيجاد الطرق البديلة لحركة المواطنين داخل بيت لحم خلال الاستقبال الرسمي لموكب بطريرك طائفة اللاتين في فلسطين والأردن البطريرك فؤاد الطوال قادما من القدس إلى مدخل بيت لحم الشمالي، مرورا بشارع المهد وشارع النجمة، وصولاً لساحة وكنيسة المهد.
وقال: سيتم إغلاق جميع المداخل والطرق الفرعية المؤدية إلي ساحة المهد أمام حركة المركبات الخاصة والعمومية، باستثناء مركبات الأمن والمركبات التي تحمل التصاريح الخاصة ومركبات الإسعاف والطوارئ، وسيمنع وقوف المركبات بكافة أنواعها على جانبي شارع المهد من مفرق فندق ‘البرادايس’ وحتى مفرق محطة الحافلات المركزية، ومن مفرق فندق ‘الانتركونتيننتال’ وحتى مفرق الراضي في شارع القدس الخليل.