بقلم : جلال دويدار رئيس جمعية الكتاب السياحيين
هناك اتفاق عام بأن العلاقات بين مصر وألمانيا الاتحادية وصلت إلي مرحلة انسجام كامل وتفاهم. هذه العلاقة وما اصبحت تتسم به من حميمية خاصة بين القيادتين السياسيتين للبلدين ما هي الا تجسيد لصداقة تاريخية تربطهما خاصة علي المستوي الشعبي. تجسيد هذه الرابطة يعكسه اعجاب وانبهار الشعب المصري علي جميع المستويات بالعبقرية والشخصية الالمانية – أحد مظاهر هذا الشعور.. ما تحظي به المنتجات والمصنوعات الالمانية من ثقة وتقدير.. في المقابل فإن الشعب الالماني يعشق مصر وحضارتها.
هذه المعلومات ليست مجرد كلام عاطفي وإنما هي واقع يدعمه ولع الالمان بزيارة مصر والاستمتاع بمشاهدة اثارها القديمة منذ عقود مضت. الارقام والاحصائيات تعد خير شاهد علي هذه الحقيقة التي تشير الي احتلال السياح الالمان قمة الجنسيات الزائرة لمصر علي مدي السنتين الاخيرتين.. هذا التفوق كان احدي ركائز النهضة السياحية الهائلة التي حققتها السياحة المصرية.
الافواج السياحية الالمانية كان لها السبق في التدفق علي مصر لقضاء الاجازات الصيفية علي شواطيء الغردقة في سبعينيات وثمانينيات القرن الماضي. تم ذلك من خلال الاتفاقات التي عقدها رائد السياحة المصرية الراحل العظيم الدكتور عبد القادر حاتم مع منظم الرحلات الارمني »ترايان» .
> > >
إذن فإن علاقة السياح الالمان بمصر علاقة قديمة. علي هذا الاساس فأن الظروف مواتية تماماً لتنمية الحركة السياحية الالمانية في مصر التي هي في حدود المليون سائح أو أكثر حالياً. يمكن بمزيد من الجهد والتسويق والتنسيق وتوفير الامكانات الملائمة مضاعفة هذا الرقم لأنه يعد رقماً متواضعاً إذ ما علمنا أن عدد الرحلات السياحية التي يقوم بها الالمان سنوياً تصل حالياً إلي أكثر من ٥٠ مليون رحلة. جانبا غير قليل من هؤلاء السياح الألمان هواة السياحة الثقافية التي تشمل زيارة الاقصر وكل المعالم الاثرية.
هؤلاء السياح يتميزون ايضاً بقضاء الاجازات السياحية التي لا تقل عن اسبوعين وهو ما يعني ارتفاع عائدها للدخل القومي المصري.. ان ما يدل علي أهمية مصر السياحية لالمانيا دعوتها بلا مقابل للمشاركة في أول دورة لبورصة برلين السياحية عام ١٩٦٦.
من هذا التاريخ ومصر لم تنقطع عن هذه المشاركة حتي تحولت هذه البورصة الي أكبر واعظم حدث سياحي عالمي للتسويق والترويج السياحي. أن عدد الدول المشاركة ارتفع من ١٢ دولة الي ١٨٦ دولة حالياً وما يزيد علي ١٠ آلاف من عارضيها من الممارسين للسياحة.
> > >
منذ هذا التاريخ العريق للسياحة الالمانية في مصر كانت وراء اقدام وزيرة السياحة الحالية رانيا المشاط بمطالبة البوندسياج الالماني (البرلمان) بإعادة النظر في الرسوم المفروضة علي السياح الالمان الزائرين لمصر. هذه الرسوم تتسم بالتفرقة في المعاملة مما هو مفروض بالرسوم التي يدفعها هذا السائح عند توجهه الي الدول المنافسة في المنطقة. جاء ذلك خلال لقائها بعضو البوندستاج الالماني الكسندر رضوان بحضور السفيرالالماني. هذا المطلب كان قد سبق تبناه بحماس بالغ وزير السياحة الاسبق هشام زعزوع.
واذكر بهذه المناسبة أنه استغل وجوده لحضور فاعليات بورصة برلين للقيام بتنظيم حفل عشاء حضره عدد كبير من اعضاء البرلمان والوزراء في المانيا وكان ضمن ما تركزت عليه كلمته في هذا اللقاء قضية الضريبة وضرورة تسهيل وتشجيع السياحة لمساعدة تصدي مصر لمشاكلها الاقتصادية وللممارسات الارهابية التي تستهدفها.
لا جدال أن ما وصلت اليه العلاقات المصرية الالمانية جديرة باعادة النظر في عدم مساواة مصر مع منافسيها في الرسوم المفروضة علي سياحها . من المؤكد ان هذا الاجراء ليس له ما يبرره في ظل العلاقات المتنامية اقتصادياً وسياسياً بين مصر والمانيا.. لابد أن تدرك الحكومة الالمانية والبرلمان الالماني ان هذا التفاوت وعدم العدالة والتفرقة في فرض هذه الضريبة علي السياحة المصرية يصيبها بالضرر البالغ الذي يمتد إلي اقتصادها وهو ما لا يتفق وما بين البلدين.