ماذا نريد من محافظ البنك المركزي المصري الجديد؟؟؟
بقلم: محمد رضا
تراجع حاد للأحتياطي، تراجع حاد وإضطرابات للجنية المصري، الجنيه المصري مقيم بأكثر من قيمته الحقيقية، تراجع الصادرات، قيود على تداول الدولار قادت إلي أزمة سيولة حادة للدولار ليدخل الاقتصاد المصري في حالة ركود تضخمي ليتراجع النمو، وهذا كله كان نتيجة للسياسات النقدية التي أتبعها البنك المركزي خلال الفترة الماضية لنضع ذلك تحت عنوان "السياسة النقدية للبنك المركزي تحرق الإحتياطي النقدي وتضعف الاقتصاد المصري".
وتتلخص السياسات النقدية التي أطاحت بالاقتصاد المصري في طريقة إدارة البنك المركزي للاحتياطي النقدي والسوق الدولارية وتحديد سعر الجنيه وأتجاه أسعار الفائدة، حيث أصر البنك المركزي على سياسة توفير احتياجات السوق الدولارية من خلال الاقتطاع من الاحتياطى مما تسبب في نزيف حاد للأحتياطي لأتباع البنك المركزي لآلية العطاءات من خلال سوق الإنتربنك الدولاري لتوفير الدولار وتحديد سعر الجنيه أمام الدولار، حيث عانى الاقتصاد المصري بشدة من عدم توافر الدولار وإنخفاض حجم الاحتياطي النقدي وبدلاً من القيام بالحفاظ على الاحتياطي النقدي والبحث عن مصادر تمويلية آخرى للدولار لتلبية احتياجات السوق، قام البنك المركزي بوضع إجراءات صارمة لتداول الدولار ووضع نفسه كمصدر رئيسي لتمويل أحتياجات السوق من الدولار في الوقت الذي لايمتلك فيه البنك المركزي السيولة الدولارية الكافية لتلبية أحتياجات السوق وكانت النتيجة أنه قام باستنزاف الاحتياطي النقدي لنجد إنخفاض الاحتياطي النقدي بأكثر من ثلاثة مليارات دولار في ثلاثة أشهر ليعد مؤشر خطير على سرعة تآكل الاحتياطي النقدي أذا أستمر بهذا المعدل ليزيد من مخاطر عدم قدرة مصر على الحفاظ على الاحتياطي النقدي عند المستويات الأمنة في ظل عدم قدرتها على زيادته مره أخرى مع توقعات أنخفاض الدعم الخليجي وعدم تكراراه في ظل تحول ميزانيات معظم دول الخليج لتحقق عجزاً، بالإضافة إلي أن الإجراءات التي اتخذها البنك المركزي لكبح السوق السوداء للدولار في ظل عدم توافر الدولار وفي ظل عدم قدرة المركزي على تلبية احتياجات السوق من الدولار أدت إلي عرقلة قدرة الشركات على الحصول على المكونات الوسيطة من الخارج مما أدى إلي تباطؤ نمو الاقتصاد المصري، وكذلك أصبح عدم توافر الدولار عائق جوهري أمام دخول المستثمرين العرب والأجانب للاستثمار في السوق المصري سواء في الاستثمار المباشر أو إلي البورصة المصرية، وفي ظل مستويات الفائدة المرتفعة التي أبقت تكلفة الاستثمار في مستويات مرتفعة أمام المستثمرين المحليين والأجانب، مما أدى إلى انخفاض انتاجية القطاعات الإنتاجية لينعكس ذلك على الاقتصاد القومي في انخفاض الصادرات وتراجع النمو.
وفي أعقاب أستقالة محافظ البنك المركزي السابق وتعيين محافظ بنك مركزي جديد، أصبح الترقب هو السائد وحالة من الأنتظار مغلفة بالعديد من الأسئلة … ماذا سيفعل محافظ البنك المركزي الجديد؟ هل سيكون أمتداد لذات السياسات النقدية التي دفعت الأقتصاد المصري لحافة الهاوية؟ هل سيستطيع إيقاف نزيف الأحتياطي النقدي؟ هل سيستطيع أن يجد مصادر تمويلية جديدة للأحتياطي النقدي؟ هل ستظل القيود المفروضة على تداول الدولار في السوق وتحويلات الأجانب كما هي؟ هل سيحدد قيمة الجنية أمام الدولار عن طرق آلية العطاءات أم سيتوجه لتحديدها عن طريق قوى العرض والطلب في السوق؟ هل سيتبع سياسات نقدية تدعم السياسات المالية للحكومة أم سيستمر المركزي في السير عكس الأتجاه؟؟ ماهو أتجاه أسعار الفائدة في الفترة المقبلة؟ هل ستتماثل السياسات المالية مع النقدية عن طريق أتجاه أسعار الفائدة للأنخفاض لتحفيز الصادرات والنمو؟
لتتلخص كل هذة الأسئلة في سؤال واحد وهو …. ماذا نريد من محافظ البنك المركزي الجديد؟؟؟ ….
"نريد بإختصار" … إدارة المعروض وليس تحجيم الطلب، تسعير الجنية بقيمته الحقيقية، إلغاء القيود المفروضة على تداول الدولار بالسوق المحلي، وإلغاء القيود على تحويلات الدولار للخارج، وقف نزيف الأحتياطي النقدي، زيادة الاحتياطي النقدي، أسعار فائدة منخفضة، تحجيم إصدارات أذون وسندات الخزانة، سياسات نقدية تدعم السياسات المالية للاقتصاد المصري.
ويجب أن نعلم وبشكل واضح أن الجنية المصري الآن مقيم بأكثر من قيمته الحقيقية؟ وفي ظل الأنخفاض الحاد الحالي للأحتياطي النقدي فأن معظم رصيد الأحتياطي النقدي القائم لانمتلكه فعلياً لأنه عبارة عن ودائع من دول الخليج والواجب ردها عند ميعاد أستحقاقها، فإن محافظ المركزي الجديد ليس أمامة أية خيارات متاحة سوى تخفيض قيمة الجنية مهما طال الوقت، لذلك من الأفضل أن يتم تحديد قيمة الجنية المصري وصولاً لقيمتة الحقيقية أو العادلة عن طريق السوق دون أي تدخل من البنك المركزي المصري.
وذلك من خلال إدارة المعروض وليس تحجيم الطلب في السوق الدولاري، من خلال إلغاء كافة القيود المفروضة على تداول الدولار في السوق المحلي وكذلك إلغاء كافة القيود على تحويلات الدولار للخارج، يتزامن مع ذلك التخلي عن آلية العطاءات من خلال سوق الإنتربنك الدولاري لتحديد سعر الجنيه وتوفير احتياجات السوق من الدولار، وأن يتجه البنك المركزي المصري لأن يترك تحديد سعر الجنيه لقوى العرض والطلب بالسوق وهو مايطلق عليه التعويم وذلك من خلال تعويم تدريجي للدولار أمام الجنيه من خلال خطة زمنية معلنة، وسيؤدي ذلك إلي توفير مصادر تمويلية للدولار لتلبية احتياجات السوق بعيداً عن استنزاف الاحتياطي النقدي وسيكون لذلك مردود إيجابي على ارتفاع جاذبية السوق المصري وزيادة الاستثمارات الأجنبية المباشرة وزيادة الصادرات مما قد ينعكس على تحفيز النمو وزيادة الأحتياطي المصري من العملات الاجنبية،
ويجب على محافظ البنك المركزي الجديد العمل على البحث عن مصادر تمويلية جديدة للأحتياطي النقدي والسيطرة على الدين المحلي من خلال تحجيم إصدارات أذون وسندات الخزانة بالجنيه المصري والعمل على زيادة الاحتياطي النقدي من خلال إصدار أذون وسندات بالدولار الأمريكي من خلال استبدال الدين المحلي ذات الفائدة الأعلى بسندات دولارية بفائدة أقل مما سينعكس على أرتفاع الاحتياطي النقدي وخفض الدين المحلي الذي وصل إلي مستويات غير أمنة والذي سينعكس بدوره على تخفيض عجز الموازنة لأنخفاض تكلفة الفوائد التي تدفعها الدولة والتي وصلت إلي ثلث الموازنة في العام المالي الحالي.
وأخيراً، يجب على البنك المركزي المصري في ظل الوضع الحرج الذي يمر به الاقتصاد المصري بإتباع سياسات نقدية تدعم السياسات المالية في أطار العمل كمنظمومة متكاملة في الاقتصاد المصري لأنتشاله من الأزمات الطاحنة والمتتالية حيث عانينا خلال الفترة الماضية من حالة تضاد مابين السياسة المالية والنقدية مما أضر بالاقتصاد المصري كثيراً، لذلك يجب التوجه في أتجاة معدلات منخفضة لأسعار الفائدة لتخفيض تكلفة الاستثمار لتحفيز جذب الاستثمارات الأجنبية وسينعكس ذلك على انخفاض تكلفة الدين المحلي.