جرش ..السياحة واقع مترد يحتاج إلى دراسة معمقة تتبعها قرارات
جرش …. تمر مدينة جرش بحالة لا تحسد عليها رغم ما تمثله من مدينة سياحية فريدة على مستوى العالم من حيث تكامل أبنيتها الأثرية والتاريخية وغابات صنوبرية تحيط بها إحاطة السوار بالمعصم ومهرجان ثقافي فني اعتادت عليه المدينة على مدى اكثر من ربع قرن وغيرها من العوامل التي لعبت دورا كبيرا في تحفيز النشاط السياحي والذي كانت تنعكس اثاره بطريقة او بأخرى على أبناء المدينة بشكل خاص والمحافظة بشكل عام.
وقد لعبت عوامل كثيرة في ايصال المدينة الى حالتها هذه ومن ابرزها على الاطلاق مشروع السياحة الثالث الذي اوعد اهلها بالسمن والعسل ولم تتذوق منه الا رائحة البصل و»المجاري» رغم كلفته العالية التي تجاوزت 11 مليون دينار.
وهذا افسح المجال امام البسطجية واصحاب المحلات التجارية لاحتلال ارصفتها وحتى شوارعها ضاربين بعرض الحائط مصالح الناس والقيم التاريخية لهذه المدينة دون رقيب او حسيب باستثناء تحركات خجولة من حملات لازالة البسطات لا يكتب لها العيش سوى دقائق معدودة ليعود الوضع الى ما هو عليه. واذا كانت هذه النتائج قد أفضت إليها جملة من العوامل السابقة فان واقع المدينة اليوم وما تعيشه جراء تنفيذ المشروع السياحي الثالث من تضييق للشوارع وتوسيع الارصفة وحتى بتر هذا المشروع عن جملة من المشاريع المساندة له بدءًا من مواقف للسيارات والمركبات الصغيرة الخاصة والسوق الشعبي كلها جعلت من السياحة في المدينة تسير على عكازتين لا تستطيعا حمل هذه الأعباء إذا ما استمر الحال على ما هو عليه بحسب الدستور.
وهنا لا بد من الإشارة الى أحاديث أبناء المدينة عن الواقع السياحي وما آل إليه من تراجع مرير في المدينة بسبب تصاعد المؤثرات التي تتنامى يوما بعد اخر وتدفع باتجاه المزيد من التراجع فمالكو الاستثمارات السياحية يؤكدون ان استثماراتهم أصبحت عبئا عليهم فلم يعد هناك من العوامل التي تعزز وجود مصالحهم في المدينة.
ويقول البعض كيف لأي مصلحة تقام او القائم منها ومضى عليه عشرات السنين ان تعمل وهي محاطة بسلسلة من المعيقات التي تواجهها المدينة صباح مساء وابرزها مشكلة البسطات التي تلقي بتبعاتها على حركة السير ومرور المشاة والسلوكيات المنفرة وغير المقبولة والمشاجرات والتي يتم فيها حمل البلطات والخناجر او التعري من ملابس النصف العلوي للمطالبة بالبقاء وسط شوارع المدينة التي تئن اوجاعا وآلاما اصبح الاطباء عاجزون عن علاجها والتي يمارسها البعض علاوة على المكاره الصحية التي تخلفها البسطات والتي اصبحت تمارس هي والبلدية والجهات المسؤولة لعبة القط والفأر.
فما تلبث الحملات التي تنظم بين الحين والاخر لازالتها من انجاز عملها في اول الشارع وما ان تصل الى اخره حتى تعود البسطات الى اوله وهنا يتساءل المواطنون عن جدوى تن ظيم هذه الحملات. وبناء على هذه المعطيات فان الحقيقة التي لا مفر من مواجهتها واصبحت تقبع امام كل ذي عينين تؤكد ان السياحة في جرش لم تعد كلاما يقال من خلف المكاتب ولا من خلال الزيارات الاستكشافية الطارئة انما من خلال واقع معاش يحتاج الى دراسة بل ودراسة معمقة تبنى عليها القرارات التي تفضي الى نتائج ايجابية تنعكس على واقع ابناء المدينة وتنهض بالمستوى السياحي برمته.
بقي شيء نعتقد انه في غاية الأهمية وهو اولا ان النقد وحده لا يكفي والبدائل كثيرة ومقدور عليها ويقف على راس اولوياتها إشراك أبناء المجتمع المحلي في الكثير من القرارات التي تعنى بالشأن السياحي ، واما الدرجة الثانية فتحتاج الى قرارات جريئة لتشجيع المستثمرين في إقامة منشآت سياحية ذات قيمة تؤثر في محيط المجتمع الجرشي ، والثالثة وضع برامج هادفة ومحددة من خلال شركات سياحية لتدريب أعداد جيدة من أبناء المحافظة والذين لا صلة لهم بالسياحة الا عن بعد لأنهم لم يعتادوا الاحتكاك بالنشاط السياحي كباقي المناطق في المملكة ، والرابعة المعالجة الفورية لما يمكن تسميته بمنفرات النشاط السياحي ونعني بذلك بداية تخليص الشق الحضري من المدينة من كافة الشوائب التي علقت بها على مدى السنوات الماضية واعادة النظر بسعة الشوارع وتضييق الارصفة وعمل مواقف للسيارات الخاص واعادة النظر بالخطة المرورية.