أفيال سريلانكا يزداد تعرضها للخطر مع ازدهار السياحة
لندن "المسلة" …. يمشي فيل متثاقلا وهو يجر ساقيه الخلفيتين المكبلتين بسلاسل حديدية ثقيلة، بينما يمتطي زوجان أجنبيان ظهره، في حين يخزه صاحبه بعصا لحثه على السير، في واحدة من أشهر معالم الجذب السياحي بوسط سريلانكا.
ويستمتع الزوجان اللذان يزوران قرية بيناوالا التي تبعد بنحو مائة كيلومتر باتجاه الشرق من العاصمة كولومبو بهذه الرحلة القصيرة المتعرجة. غير أنهما لا يستطيعان من مقعدهما العالي المثبت فوق ظهر الفيل، أن يلاحظا السحجات والجروح بجلد المنطقة السفلى من ساقي الفيل الناتجة عن الاحتكاك بالسلاسل.
وكان الفيل قد جال جولات عديدة في ذلك اليوم، وسط طقس شديد الحرارة.
ويقول ساجيزا تشاميكارا، مدير صندوق حماية البيئة بكولومبو "لسوء الحظ أن الأجانب الذين يقومون بجولات على ظهور الفيلة لا يعلمون أن استخدام الأفيال الأليفة لهذا الغرض هو أمر غير مشروع، حيث أن الحكومة تعطي تصريحا لاستخدامها فقط في الاحتفالات الثقافية والمهرجانات الدينية".
وعلى الرغم من القيود الحكومية المفروضة على استخدامات الفيلة، تزايد الطلب عليها مع النمو السريع الذي شهدته حركة السياحة في سريلانكا التي مزقتها الحرب في فترة سابقة.
فبعد مرور ثلاثة عقود تقريبا من الصراع العرقي بين القوات الحكومية والمتمردين من قومية التاميل، سارت سريلانكا على طريق التعافي، حيث تعرض شواطئها الذهبية ومتنزهاتها التي تحفل بالحياة البرية، للزوار من مختلف أنحاء العالم.
وأدى وجود قطعان من الأفيال بالبلاد إلى جانب وجود مأوى لرعاية أيتام الفيلة تديره الدولة في قرية بيناوالا، إلى جعل سريلانكا مقصدا رئيسا للسياح بحسب الشرق الاوسط.
ويوضح جاجاث جوناواردينا، وهو محام مدافع عن البيئة أن "الطلب على الفيلة في قطاع السياحة آخذ في التزايد، وحيث أن القانون يمنعنا من استخدامها في السياحة، لجأ بعض العاملين في هذا القطاع إلى اصطيادها من البرية".
ومع التقرير الذي يشير إلى أن عدد الفيلة في سريلانكا يبلغ ستة آلاف، تقول إدارة الحياة البرية في البلاد، إن سريلانكا تفقد سنويا نحو 250 فيلا، وغالبا ما يكون سبب الوفيات، تعدي الفيلة على القرى، مما يدفع سكانها إلى إطلاق الرصاص عليها أو قتلها بالسم أو المتفجرات.
ويشير جوناواردينا إلى أن عمليات تهريب الفيلة ينجم عنها مزيد من الوفيات كل عام. ويقول "نعتقد إنه مقابل اصطياد كل طفل رضيع من الفيلة يجري قتل أمه، إذ أنه من الصعب عادة فصل الأم عن ابنها، وهذا اتجاه خطير يهدد قطعان الأفيال التي لدينا".
ويقدر جوناواردينا أنه جرى اصطياد 50 من صغار الفيلة بشكل غير مشروع من الغابات خلال الأعوام الخمسة الماضية.
وتشير أرقام أخرى إلى احتجاز أكثر من 70 فيلا.
من جانبها، توضح ديباني جايانثا من مؤسسة "ولدت حرا " ومقرها لندن، أن "المهربين لديهم شبكة من الاتصالات، فهم يصادقون القرويين المحليين، بل يتحركون مع بعض ضباط حماية الحياة البرية الذين لديهم دراية كبيرة بالمنطقة".
وتقول جايانثا وهي طبيبة بيطرية" إننا نعتقد أن بعض الأطباء البيطريين يساعدون المهربين على استخدام العقاقير لتهدئة هذه الحيوانات قبل اصطيادها".
ويمكن أن يعرض الفيل المهرب للبيع نظير عشرة ملايين روبية سريلانكية (77 ألف دولار).
ويشير تشاميكارا إلى أن معظم الأفيال تستخدم فقط كحيوانات للعرض لجذب السياح، مما يعني أنه يتم الاحتفاظ بها وهي مقيدة بالأغلال لساعات طويلة داخل مساحة ضيقة، وكثير منها طاعن في السن ويعاني من سوء التغذية.
كما أن مأوى أيتام الفيلة الذي تديره الدولة في بيناوالا، تعرض للانتقاد من جانب جمعيات الرفق بالحيوان التي تزعم تعرض الأفيال لسوء المعاملة والضرب بالعصي.
ويحذر الخبراء من أنه من دون وجود مراقبة أفضل لأوضاع الفيلة، فسوف يعاني قطاع السياحة بالبلاد، حتى مع اعتزام الحكومة مضاعفة عدد السياح بحلول عام 2016.
ويرى تشاميكارا أنه "يجب على السياح الذين يمتطون الفيلة في نزهات أن يشعروا بالقلق إزاء الأوضاع التي تحتجز في ظلها، وهذا يعد أحد الأساليب التي يمكن من خلالها أن نلفت الأنظار إلى الأشخاص الذين يحتجزونها".