طيران الشركات يحلق في أجواء الأسواق الصينية بعد تغيير سياسة الحكومة
بكين "المسلة"…. تعتبر الصين من أكثر الأسواق الواعدة لقطاع طائرات الشركات، خاصة أن البلاد تتميز بحدودها الممتدة وبعدها عن شركائها التجاريين الرئيسيين، بجانب وجود عدد كبير من المليارديرات. لكن عدد طائرات الشركات في الصين التي تقل عن 400، أقل من دول ناشئة أخرى دون حجمها مثل المكسيك والبرازيل وحتى من العدد الذي يوجد في مطار مقاطعة أورانج في ولاية كاليفورنيا فقط.
وفي غضون ذلك، بدأت الحكومة في تغيير سياستها التي كانت تمثل واحدة من العقبات الكبيرة التي تقف في طريق نمو هذا القطاع الحيوي. وتعمل القوانين المتشددة الحالية، على زيادة تكاليف استيراد الطائرات وتعقيد تدريب الطيارين المحليين، إضافة إلى صعوبة وضع خطط الطيران. وتحدث المسؤولون مراراً عن فرض ضريبة رفاهية على شراء الطائرات الجديدة، إضافة إلى الرسوم والضرائب المرهقة القائمة. وفي مطار بكين، يسمح لطائرات الشركات بالإقلاع مرتين كل ساعة.
ونتج عن الحملة التي يتزعمها رئيس الحكومة الجديد شي جين بينج، عزوف الشركات التي تملكها الحكومة عن شراء الطائرات. وأشار أحد مدراء قطاع الطيران السابقين، إلى أن الطائرات التي تملكها الحكومة، كانت تشكل نحو 15% من سوق الإيجار المحلية قبل هذه الحملة، النسبة التي تراجعت إلى 5% فقط في الوقت الحاضر.
ومع ذلك، لا تزال الحكومة مستعدة في الوقت الراهن لإطلاق عنان طيران الشركات، حيث وعدت ببناء بين 10 إلى 15 مطاراً سنوياً. وتملك البلاد اليوم أقل من 400 مطار مدني، بينما تملك أميركا نحو 1800 مطار موزعة في مختلف ولاياتها. وتنادي الخطة الخمسية الرسمية الأخيرة، بتطوير الطيران غير التابع لشركات خطوط الطيران التجارية الكبيرة، بجانب الإصلاحات وتحسين الكفاءة وتخصيص مساحة في الفضاء، الذي يشغل الطيران الحربي جزءاً كبيراً منه.
وتنازلت القوات الجوية عن مساحات واسعة من مجالها الجوي الذي كانت تستخدمه لأغراض التدريب في الماضي وأكثر من عشرة مهابط للطيران المدني. وفي غضون ذلك، سمح المطورون، بإجراء تجارب للطيران على ارتفاعات منخفضة. وتعتبر مدينة فاكو، الواقعة في مقاطعة لياوننج، واحدة من مراكز هذه التجارب، حيث من المنتظر أن تتحول إلى عاصمة للطيران الخفيف، مع التخطيط لاستضافة نحو ألف طائرة صغيرة على مدى خمس سنوات.
وتؤكد تجارب مدينة فاكو، الفرق الكبير في طريقة التطور الذي حظي به القطاع في الصين. وبدأ نمو طيران الشركات في الدول الغربية عبر الزيادة في عدد الطائرات الصغيرة ومن ثم في عدد الكبيرة. لكن ومنذ بدء القطاع في الصين في 2003، هيمنت عليه الطائرات الكبيرة التي تصل تكلفة الواحدة منها إلى عشرات الملايين من الدولارات، حيث تعتبر الطائرات الصغيرة التي تعج بها ساحات مطارات مدينة فاكو، ظاهرة جديدة في البلاد.
ويصب هذا التوجه في مصلحة شركة جلفستريم الأميركية التي تعمل في صناعة الطائرات الكبيرة للشركات. وباعت الشركة حتى الآن نحو 100 طائرة في الصين، معظمها من الفئة المتطورة وتستحوذ على النصيب الأكبر من الحصة السوقية. وارتفع أسطول طائرات قطاع الشركات في الصين، لأكثر من الضعف خلال الثلاث سنوات الماضية، ليحقق نمواً قارب 20% خلال العام الماضي. وتتوقع شركة بومباردير الكندية المتخصصة في صناعة طائرات الطيران الخاص، شراء العملاء الصينيين لأكثر من 2400 طائرة في الفترة بين 2013 إلى 2032.
ومن المؤشرات التي تدل على نضوج القطاع، ابتعاد الشركات عن شراء الطائرات الجديدة فقط، حيث دأب العملاء الصينيين على عدم شراء الطائرات المستعملة، التي أصبحت تشكل المستخدمة منها استخداماً خفيفاً، ما يقارب نصف العدد الكلي في الوقت الحالي. وأعلنت كل من جلفستريم ومينشينج للإيجار المالي، الذراع العاملة في تقديم قروض الطيران والتابعة لأحد البنوك الصينية، عن عقد صفقة بتصدير 60 طائرة جديدة من طراز طائرات الشركات للصين، في واحدة من أكبر الصفقات التي يشهدها القطاع على نطاق العالم.
وعند بدء القطاع في الصين في 2003، كان المشترون يمثلون صيداً ثميناً لشركات التصنيع، حيث يدفعون أموالاً طائلة لطائرات نادراً ما تستخدم لغير نيل إعجاب الأصدقاء. أما اليوم، أصبح معظم المشترين من الشركات الخاصة التي تستعين بالقروض أو برامج الإيجار، إضافة إلى زيادة معدل الاستخدام في الأغراض التجارية. ويبدو أن القطاع يعمل على إعداد نفسه للإقلاع في سوق تبشر بالكثير من النشاط.
نقلاً عن: ذي إيكونوميست