Al Masalla-News- Official Tourism Travel Portal News At Middle East

«اليونسكو» وهيئة السياحة .. والمندوب المنسي .. بقلم : د. ممدوح الشمري

«اليونسكو» وهيئة السياحة .. والمندوب المنسي

 

بقلم : د. ممدوح الشمري … أسهمت المملكة في نشأة منظمة الأمم المتحدة للتربية والثقافة والعلوم الإنسانية ”اليونسكو”، من خلال المندوبية الدائمة منذ عام 1964م، وتقوم المندوبية بدورها الإنساني في العمل كحلقة اتصال بين منظمة اليونسكو والوزارات والمؤسسات الوطنية ذات الصلة باختصاصات المنظمة، كما تقوم بتمثيل المملكة في جميع مؤتمرات واجتماعات منظمة اليونسكو من مقرها الرئيس في باريس.

 

وأسهمت المملكة في ميزانية المنظمة، وخصوصاً دعم برامج المنظمة المتعلقة بالقضايا الثقافية والتراثية والإنسانية، والعمل على تعزيز التقارب بين الثقافات، وبناء جسور السلام بين الأمم والشعوب.

 

ويضم مكتب المندوبية الدائمة ممثلاً لوزارة الثقافة والإعلام، وممثلاً لوزارة التربية والتعليم، وممثلاً لوزارة التعليم العالي.. وأقترح شخصياً تعيين ممثل لهيئة السياحة والآثار، حيث إن من أهم اللجان في المنظمة، لجنة التراث العالمي الإنساني. ولعل وجود ممثل للآثار والتراث الإنساني من شأنه أن يزيد من فاعلية المملكة ونشاطها في تلك اللجان الدولية ويعزّز حضورها عالمياً.. والمملكة مؤهلة لهذا الدور الإنساني الفاعل، لما تحظى به من مكانة وفاعلية في المنظمة.

 

ولا شك أن وجود ممثل لهيئة السياحة والآثار سيعمل على الدفع باتجاه تسجيل المواقع التاريخية في المملكة إلى قائمة التراث العالمي الإنساني، حيث إن الجزيرة العربية بامتدادها الجغرافي، هي مهد الحضارات الإنسانية منذ الأزل وتحتوي على مجموعة من أهم الآثار وأقدمها، كمدائن صالح التي تمّ تسجيلها عام 2008 والأخدود ومسجد جواثا، وطريق زبيدة الذي يعد من أشهر الطرق التاريخية التي سلكها الحجاج والتجار على مدى عشرات القرون من الزمن.. وهو طريق الحج البري القديم الذي يبلغ طوله أكثر من 1400 كم، ويضم أكثر من 60 موقعاً أثرياً إسلامياً.. ابتداءً بموقع الظفيري بمحافظة رفحاء الشمال بوابة الدرب الأثري الأولى في المملكة مروراً بمنطقة حائل ثم المدينة المنوّرة وانتهاءً بأم القرى.

لقد تبنت منظمة اليونسكو UNESCO طريق الحرير القديم.. كما تبنت معالم ومواقع أثرية أخرى حول العالم كجزء من التراث الإنساني.. وتم ضم هذه المعالم الأثرية إلى قائمة التراث العالمي التابعة للأمم المتحدة.

 

تاريخياً.. لقد استخدم طريق زبيدة بعد انتشار الإسلام في المشرق، وأخذ في الازدهار منذ العصر العباسي، حيث أصبح الطريق حلقة اتصال مهمة بين بغداد والحرمين الشريفين ومعظم أنحاء الجزيرة العربية. واهتم الخلفاء العباسيون بهذا الطريق وزوّدوه بالمرافق المتعدّدة، كبناء أحواض المياه وحفر الآبار وإنشاء البرك والسدود وإقامة المنارات المرشدة للحجاج.. كما توّجوه بنظام جيد من قنوات الري في المشاعر المقدّسة؛ لتأمين المياه للحجاج وأهل مكة المكرّمة. وصُمِّم الطريق بطريقة فنية وهندسية متميّزة تناسب ذلك العصر الإسلامي المجيد، واشتهر باسم ”درب زبيدة” نسبة إلى السيدة زبيدة حرم الخليفة هارون الرشيد، التي أسهمت في بنائه وعمارته.. فخلّد ذكرهما على مر الزمان.

 

وتشير المصادر التاريخية والجغرافية والآثار التي لا تزال باقية، إلى أن مسار هذا الطريق خُطط بطريقة عملية وهندسية مختصرة وأقيمت على امتداده المحطات والمنازل والاستراحات، ورُصفت أرضيته بالحجارة في المناطق الرملية والموحلة والصخرية الصلبة، فضلاً عن تزويده بالمنافع اللازمة، كما أُقيمت عليه علامات ومنارات توضح مساره، ليهتدي بها المسافرون.. ويبلغ عدد المحطات الرئيسة في هذا الطريق 27 محطة.. ومتوسط ما بين كل محطة ومحطة نحو 50 كيلومترا، ومثلها محطات ثانوية، وهي استراحة تُقام بين كل محطتين رئيستين.

 

وذكر ابن جبير هذا الطريق في رحلته المشهورة، وأشار إليه ابن اسحاق اليعقوبي في مؤلفه البلدان، ووصفه وكيع في كتابه الطريق، كما أشار إليه عدد من المستشرقين في أثناء رحلاتهم عبر الجزيرة، ومنهم الليدي آن بلانت.. في كتابها ”رحلة إلى نجد”، والرحالة شارلز هوبر في كتابه ”رحلة في الجزيرة العربية”، وسلكه الرحالة ليشمان، والمستشرق أوجست فالين وغيرهم من الرحالة. إن هذا الطريق يمثل حقبة مهمة من التاريخ الإسلامي إلا أن معالمه وشواخصه الأثرية تعاني الإهمال والاندثار بفعل عوامل الزمن.

 

والمأمول من الجهات ذات العلاقة، وخصوصاً الهيئة العامة للسياحة والآثار، أن تولي العناية والاهتمام الكافي لذلك التراث الإسلامي الذي يدل على عمق مكانته في الحضارة الإنسانية. ولعل من المناسب أن تسعى الهيئة لدى منظمة اليونسكو unesco لفتح مكتب لها في المملكة من أجل الإسهام في حصر هذا الكم الهائل من مقومات التراث الإنساني المتوافرة في المملكة، والعمل على إدراجها ضمن قائمة التراث الإنساني العالمي، كآثار تاريخية يعتز كل مسلم بها. ختاماً.. لعل هذا المقترح يجد الاهتمام والدراسة من قِبل هيئة السياحة والآثار الحريصة دوماً على تراث الوطن الغالي.. والله الموفق.

 

نبذة عن الكاتب

مقالات ذات صله