اكتشاف مدينة مخفية في كمبوديا
ساهمت تكنولوجيا المسح بالليزر في اكتشاف شبكة من الطرق والقنوات تمثل المدينة القديمة، التي تربط مجمع معبد "أنغكور وات" الكمبودي الشهير. وأعلن عن الاكتشاف مساء أمس الأول، عبر دراسة في مجلة الأكاديمية الوطنية للعلوم الأميركية. وكشف المسح الضوئي بواسطة الليزر عن نموذج غير مكتشف سابقاً لأسلوب دمج المعابد منذ 1200 عام. وشيد معبد "أنغكور وات" المعقد، وهو أهم معلم سياحي في كمبوديا وواحد من أكثر المعالم شهرة في آسيا، في القرن الثاني عشر في عهد إمبراطورية "الخمير". وشكل المعبد عامل فخر عميق للكمبوديين، وهو يظهر على العلم الوطني، وسبق أن وضع اسمه ضمن مواقع التراث العالمي لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة "يونيسكو".
ولطالما اعتقد علماء الآثار أن مدينة "ماهيندابارفاتا" مخبأة تحت قشرة من الغطاء النباتي الكثيف فوق جبل «بنه كولن» في مقاطعة سييم ريب. ولكن المسح بالليزر المحمول جواً، أنتج خريطة مفصلة هي الأولى من نوعها حول هذه المدينة الواسعة، بما في ذلك الطرق والمعابد غير المكتشفة سابقاً. ويقول عالم الآثار في جامعة سيدني داميان ايفانز إنه "لم يتوصل أحد في السباق إلى هذا التحديد الدقيق لشكل المدينة"، مضيفاً "من الرائع حقاً أن نرى هذه الآثار للنشاط البشري بعد قرون عديدة من فقدان المدينة لوظيفتها المتنامية".
تكنولوجيا الليزر، والمعروفة باسم "ليدار"، تعمل عن طريق إطلاق نبضات الليزر من طائرة في الجو باتجاه الأرض، وعبر قياس المسافة لوضع خريطة مفصلة، وثلاثية الأبعاد. وشكلت "ليدار" أداة مفيدة لعلماء الآثار، لأن الليزر يمكن أن يخترق الغطاء النباتي الكثيف، ويغطي مساحات أكبر من الأرض وبشكل أسرع بكثير من التحليل الميداني. وقد استخدمت سابقاً لاستكشاف مواقع أثرية أخرى".
وخلال شهر نيسان من العام 2012، قام عدد من الباحثين بتحميل معدات الـ"ليدار" على طائرة هليكوبتر. وقضوا عدة أيام يتنقلون فوق الغابات الكثيفة على ارتفاع 800 متر فوق سطح الأرض لإجراء المسح. ومن ثم أكد علماء أستراليون وفرنسيون الاكتشاف عبر مقارنته مع دراسات ميدانية قاموا بها.
وكان علماء الآثار قد قضوا سنوات من الأبحاث الميدانية لتحديد جزء من تسعة كيلومترات مربعة في وسط المدينة. ولكن استخدام "ليدار" كشف الحجم الفعلي لوسط المدينة، حيث تبين أنه أكبر بكثير، أي ما لا يقل عن 35 كيلومتراً مربعاً. ويشير ذلك إلى أن المدينة كانت مكتظة بالسكان أكثر مما كان يعتقد في السابق.
وأكد ايفانز أن "عظمة الاكتشاف هو أن نجد منطقة لديها تخطيط مدني حقيقي وأكبر مما كان يعتقد سابقاً"، مضيفاً "كما أن الاكتشاف ساعد على معرفة مدى أهمية الأشياء التي غابت قبل أن تتغير تماماً، فقد فهمنا كيفية هيكلة هذه المدن". ولا يعرف الباحثون حتى الآن سبب اندثار حضارة "ماهيندابارفاتا". ولكن ايفانز أشار إلى" فرضية تقول إن بعض المشاكل المرتبطة بنظام إدارة المياه في المدينة، قد تكون ساهمت في طرد عدد كبير من السكان". الخطوة الجديدة للباحثين هي البدء بأعمال الحفريات في المنطقة المكتشفة، لعلهم يحددون عدد الأشخاص الذين اعتبروا هذه المدينة موطنهم.