Al Masalla-News- Official Tourism Travel Portal News At Middle East

جانبى طويل
جانبى طويل

البقاع: نشاط القطاعات الاقتصادية والتجارية والسياحية يتراجع 60%

 

ساحة شتورة شبه خالية وسوق زحلة تفتقد المغتربين والخليجيين

 

البقاع: نشاط القطاعات الاقتصادية والتجارية والسياحية يتراجع 60%

البقاع "المسلة "…. لا يتذكر أبو فادي صاحب احدى المؤسسات التجارية في سوق شتورة أن شاهد موسما جامدا في حياته التجارية كما هو الحال هذه الأيام. فأبو فادي الذي بدأ العمل التجاري منذ منتصف السبعينيات في ساحة شتورة يراها اليوم فارغة وخالية من حركة عبورها التي كانت تسمّى الشريان الاقتصادي الحيوي لمنطقة البقاع.

لا يغالي أصحاب القطاعات الاقتصادية والتجارية والانتاجية في البقاع حين يطلقون على موسم صيف هذا العام، الأكثر ركودا وتضررا منذ أكثر من ثلاثين سنة، لم يشهدوا خلالها تراجعاً مثيلا في عمل مؤسساتهم يشابه هذا الوضع، «حتى في عزّ الاجتياح الإسرائيلي للبنان، كان الوضع أفضل» يقول أبو فادي. لـ السفير لا يختلف أي من مدراء المؤسسات السياحية في البقاع على توصيف الموسم السياحي بـ«الموسم المفجوع» بالأحداث الأمنية الداخلية والسورية، ما أدى إلى تراجع حاد في الإشغال الفندقي والخدمات السياحية، أكثر من 50 في المئة مقارنة مع السنة الماضية، التي عانت في دورها من تراجع.

خسائر بملايين الليرات أسبوعياً

يسرد أصحاب المؤسسات «نكبتهم» مع الأحداث الأمنية، مستعيدين الاتصالات الهاتفية التي كانت تتوالى على مؤسساتهم بعد دقائق قليلة على وقوع حادث أمني، ليصار من بعدها إلى إلغاء الحجوزات التي تقدر خسارتها بملايين الليرات أسبوعياً.

ما ينطبق على المؤسسات السياحية، ينسحب على باقي المؤسسات التجارية من مالية وألبسة واستهلاكية، يؤكد أصحابها أن نسبة تراجع حجم المبيعات تخطت 60 في المئة قياسا إلى السنة الماضية.

الأحرف الأولى للتراجع الاقتصادي في البقاع، تصوغه حكايا أصحاب مكاتب التخليص الجمركي في منطقة المصنع، الذين يؤكدون أن حجم تراجع المعاملات الجمركية المعتمدة تجاوز 50 في المئة، إن كانت تلك المتعلقة بالتصدير أو الاستيراد.

السوق السورية لجهتي الاستيراد والتصدير كانت السوق الأكبر لكل القطاعات الانتاجية البقاعية، بدءا من السياحة إلى الزراعة مرورا بالصناعة، من دون نسيان التعاملات اليومية التي كانت تتكفل بها حركة العبور اليومية، وما تخلقه من حركة اقتصادية تطال آثارها أكثر من قطاع انتاجي وتجاري.

«مسلسل إلغاء الحجوزات»

في الأشهر الأولى من العام الحالي، تلقت المؤسسات السياحية أولى خسائرها عبر إلغاء مئات الأفواج السياحية الأوروبية والأجنبية زياراتها إلى البقاع. سبق الإلغاء تحذير أكثرية السفارات الأوروبية رعاياها من ضرورة تجنب زيارة البقاع، والسبب «عمليات الخطف وعدم الاستقرار الأمني»، ليتوالى مسلسل إلغاء الحجوزات الذي تضاعف عدده مع حظر جديد تمثل بالتحذير الخليجي والعربي، ما حرم البقاع ولبنان من قدوم آلاف الأفواج السياحية، وقد تناقص عددها كثيرا للسنة الثانية على التوالي.

«الحمم البركانية» السورية كانت لها اليد الطولى في تراجع العجلة الاقتصادية والسياحية بقاعاً، نظرا لارتباط هذه المنطقة بالطريق الدولية السورية التي شكلت في السنتين السابقتين معبرا لمئات الأفواج السياحية العربية والخليجية. إلا ان مسار الأحداث السورية، تسبب ليس باحجام المئات أو البعض، إنما بجمود كامل لحركة السياحة العربية الآتية عبر البر السوري باتجاه لبنان، وتحديدا البقاع الذي كان يستفيد من هذه الأفواج باستراحاتها الإلزامية في عدد من المؤسسات السياحية من عنجر إلى زحلة وشتورة.

وتظهر سجلات الأمن العام هذا الإحجام، إذ تفتقد سجلات العبور لديها أي عدد من السيارات السياحية العربية، وتحديدا الخليجية عبر معبر المصنع عند الحدود اللبنانية ـ السورية، باستثناء بعض الأفواج العربية والأجنبية التي لا يتجاوز عددها العشرات بعدما كانت هذه السجلات تدون سابقاً عبور آلاف السيارات الخليجية والأردنية.

إعدام الحركة السياحية البقاعية، إذا جاز التعبير، أتى بحكم صادر من عصابات الخطف التي تتحمل الجزء الأكبر من تراجع الإشغال السياحي، وعدم الاستقرار الأمني الذي حال دون عمل هذه المؤسسات السياحية.

«ضربة قاتلة» في بداية الموسم

في بداية الموسم السياحي صيفاً، «تعرض القطاع السياحي في البقاع لضربة قاتلة»، وفق توصيف مدير «بارك أوتيل» جهاد سليم تمثلت باختطاف أحد مغتربي منطقة البقاع الغربي أحمد صخر.

بعد حادثة الاختطاف، توالت عملية إلغاء الحجوزات من عشرات رواد الأوتيل الذين أبلغوا سليم عن إلغاء زياراتهم وبرامجهم الترفيهية والسياحية في البقاع، عدا إلغاء حجوزات الأعراس والكثير من البرامج التي كانت مخصصة لاستقطاب مغتربين ولبنانيين.

إحجام المغتربين عن زيارة لبنان، إضافة إلى قرارات حظر سفر بعض الرعايا العرب إلى لبنان، كانت بمثابة نكسة سياحية واقتصادية للمؤسسات السياحية، التي اعتادت على الاستفادة من هذه الأفواج ومن حركة المغتربين اللبنانيين التي تترجم بحفلات الأعراس التي انخفضت نسبتها هذه السنة أكثر من 30 في المئة بالمقارنة مع السنة الماضية، وفق أرقام سليم، الذي يشير إلى أن «التراجع لم يقتصر على إلغاء الأعراس إنما طال عدد المدعوين إلى الأعراس التي بقيت صامدة حجوزاتها من دون إلغاء أيضا، إلا أن حجم مدعويها الذي كان يتراوح ما بين 800 و900 في كل عرس، انخفض إلى حدود 450 و500 مدعو، والسبب «نأي» عدد كبير من العائلات اللبنانية المغتربة عن زيارة لبنان وأقاربها.

وعدم الاستقرار الأمني على الطرق في ساعات الليل، وخوف العابرين، كانا سببا أساسيا أيضا في تراجع حجم الأعراس وبقية إشغال الفندق والمطاعم التي كان يطالها الجمود في بعض الليالي بسبب توالي الأحداث الأمنية.

بعد كل حادث أمني يصيب الحركة السياحية، يحاول البقاع النهوض عبر حوافز تشجيعية وتسويقية منها خفض الأسعار، إلا أن الخوف وتعاظم هذه الأحداث، خصوصا قطع الطرق، كان مفعولهما أقوى من كل الحوافز، التي لم تؤت نتائجها المرجوة في عطلة عيد الأضحى الذي «نكب» بحادثة اغتيال اللواء الشهيد وسام الحسن، وما تبعه أيضا من إلغاء عشرات الحجوزات الداخلية.

عائلات سورية ترفع الإشغال

لعل الايجابية الوحيدة التي تسجل في الموسم السياحي هذا العام، تتمثل بحضور بعض العائلات السورية الميسورة لتمضية عطلاتها الأسبوعية في البقاع وفي فنادق شتورة، ما رفع من نسبة النشاط السياحي في نهاية الأسبوع دون سواه. في زحلة لم يلتق جان عرابي «ملاك كازينو عرابي» رواده من الخليجيين والعرب والأردنيين أو السوريين الذين اعتادوا زيارته سنويا في وادي زحلة، الذي يمتاز بجدرانه المزينة بصور الأمراء والأفواج السياحية العربية.

التراجع في زحلة عروس البقاع يتجاوز 50 في المئة أيضاً، بحسب أرقام عرابي الذي يعزو السبب إلى الأجواء الضاغطة محلياً وخارجياً، خصوصا الوضع السوري الذي يحتل العامل الأول في أسباب التراجع وان كانت حممه النارية بعيدة، إلا ان وهجه احرق الموسم السياحي.

اعتادت سوق زحلة على حركة المغتربين والسياح العرب والخليجيين، التي كانت تبلغ نسبتها 70 في المئة خلال أشهر الصيف، لكن هذا الموسم لا يكاد يـتوفر مــنها 5 في المئة، وفق أغلب التجار الذين يشــكون انخفاض مبيعاتهم برغـــم الحسومات التي وصلت إلى حدود 70 في المئة.

هو البقاع المنكوب بالحدث السوري الذي تضاعفت آثاره السلبية مع الأحداث الأمنية الداخلية التي استجلبت الشؤم الاقتصادي للبقاع الذي يستنجد بالدولة لتستكمل ما زعمت أنه «خطة أمنية».
 

نبذة عن الكاتب

مقالات ذات صله