سونا – تقرير اماني قندول واشراقة عباس
كيف نحافظ على ما تبقى من الآثار السودانية ونضع حدا للسرقات المتتالية سؤال طرحه بعض مواطني الولاية الشمالية خاصة الذين يسكنون في مناطق قريبة من المواقع الأثرية أو تلك التي تعمل فيها بعثات أجنبية للتنقيب عن الآثار .
وبرزت هذه الأسئلة كنتيجة لتكرار حدوث عدد من السرقات الأثرية بمناطق الأثار في الشمالية يقول السكان أن بعض أهالي المنطقة وبمشاركة أجانب يشاركون فيها .
عصام الدين جعفر قال انه ابلغ السلطات أكثر من مرة بوجود "خواجات" يقومون بنهب الآثار بجنوب فريكه وان اللجان الشعبية تخطر الشرطة التى توضح بانهم وفود جاءوا بغرض السياحة رغم انهم يقومون بإجراء حفريات بواسطة آليات .
فهل الكنوز السودانية المدفونة فى باطن الارض ولاتقدر بثمن تنهب مع سبق الاصرار وبعلم من السلطات التى ينهبها المواطنون باستمرار .
وزيرة الاعلام والثقافة والآثار بالولاية الشمالية، تاجوج يحى حاج الامين قالت ان الوضع تحت السيطرة وانه تم نشر 328 من ضباط الشرطة على المواقع الاثرية فى كل من صاى، كرمة ، دنقلا العجوز، نورى وسيسا ، جبل البركل ،أرقو ، تمبس ، سيسبي ، صلب ، صادنقا ، جزيرة صاي ، سمنة ومعابد النوبة السفلى .
وقالت تم خلال هذا العام 2011م استرجاع قطعتين من الآثار تمت سرقتهما وقدرت قيمتهما بملايين الدولارات وانه تم تسجيل 6 حالات تعدى على الآثار .
وتعمل الوزارة بالتنسيق مع شرطة السياحه المركزية وكل من وزارتى الزراعة و التخطيط العمرانى بالولاية ومواطنى المنطقة .
والى الشمالية فتحى خليل قال أن سرقة الأثار السودانية مستمرة منذ زمن بعيد يرجع إلى الحقب الأستعمارية وقد تقلص هذا النشاط مؤخرا وأن كان ما يزال البعض يقوم بها على الرغم من جهود شرطة المكافحه الآثار مشيرا إلى أن التنقيب عن الذهب أدى إلى اكتشافات اثرية من قبل المنقبين ولا تبلغ السلطات المختصة بها .
مدير متحف كرمه عبد الماجد محمد عبد الرحمن، ذكر ان عمل البعثات الأجنبية المنقبة عن الأثار يتم وفقا لضوابط محددة ومتفق عليها من قبل الهيئة السودانية للمتاحف والأثار وهذه البعثات كما أن عمليات التنقيب تتم بمراقبة وحراسة أمناء الآثار وقوات الشرطة .
لكنه أشتكى في ذات الوقت من مشقة هذا العمل وقلة موظفي هيئة الآثار الذين يجب أن يقوموا بمرافقة هذه البعثات قائلا إن البعض قد يفضل العمل المكتبي بعيدا عن هذه الاجواء .
وطالب بوجود مكثف من مفتشى الآثار السودانيين وسط البعثات الأجنبية التى تنشط فى عملها خلال النصف الثانى من نوفمبر .
خبراء ومتخصصو آثار طالبوا بإجبار الشركات الكبيرة على اجراء الدراسات والمسوحات الاثرية قبل التنقيب عن المعادن ، فيما دعا البعض منهم لوقف التنقيب عن الآثار للمحافظة على ما تبقى من قطع اثرية توثق لتاريخ السودان القديم .
وتتواصل عملية سرقة الآثار بالولاية الشمالية الى يومنا هذا وتلاحظ تمركز قوات الحدود بالولاية فى نقطتين رغم اتساع المساحة مع غياب وزارة متخصصة للآثار وتبعيتها للاعلام والثقافة والسياحة وقلة عدد الكوادر المتخصصة .
المدير العام للهيئة العامة للآثار وأمين أمانة المتاحف؛ د. عبد الرحمن قال أن الرقابة على الآثار في مناطق التنقيب مستحيلة ولا يمكن ضبطها وأن الحل الوحيد الذي ينقذ الآثار من الضياع هو إيقاف التنقيب ويؤكد ذلك العديد من البلاغات التي وردت لإدارة الهيئة العامة للآثار ومن السلطات الأمنية المنتشرة في الولايات .
وأشار إلى أن أكثر المناطق الأثرية تضرراً هي منطقة شمال شرق السودان الذى يشهد ازديادا فى عدد السياح الأوروبيين مع وجود مواقع أثرية قديمة بها قطع قيمة ويتم بيعها عشوائياً إلى المهربين الأجانب وتجار الآثار .
وكيل وزارة السياحة والحياة البرية على محجوب عطا المنان، نبه الى وجود اجانب للتنقيب عن الذهب في شمال شرق النيل في الولاية الشمالية وشرقاً وغرباً مع حدود تشاد وليبيا، وفي تلك المنطقة توجد مناطق سكن مغلقة لحضارات قديمة وان المنقبين والبعثات الأجنبية يتمركزون هنالك عبر"وادي هور" على حدود تشاد وتم العثور على مجموعة كبيرة من الآثار القديمة مما أدى إلى حدوث السرقات والتهريب عبر الحدود بواسطة شبكة تتكون من أجانب وسودانيين وهي ذات خبرة عالية في هذا المجال..
وقال الوكيل رغم وجود شرطة حماية الآثار إلا أن عصابات الآثار تستطيع الإفلات من قبضتها مما يؤدى الى وقوع الجريمة سواء كانت سرقة أو تهريب آثار .
ورصدت بلاغات الآثار المسروقة التى شملت كل من ولاية الخرطوم (9) بلاغات، ولاية نهر النيل (5) بلاغات وسجلت الولاية الشمالية (9) بلاغات أما ولاية البحر الأحمر فقد سجلت (11) بلاغاً مختلفاً حول الآثار.
ولم تكن العقوبات التي طالت الجناة في جرائم سرقة الآثار مقنعة، حيث صدر الحكم على سارق تمثال جنائزي في العام 2002م بالسجن "شهرين".. وفي العام 2003 صدر الحكم على سارق تمثال تهراقا بـ"6" أشهر مع وقف التنفيذ.. وفي العام 2004م تم إدانة المتهم الأول في جريمة سرقة تمثال أسداماك بالغرامة "250" جنيهاً بالجديد والسجن "6 أشهر" مع وقف التنفيذ.. وفي نفس العام صدر الحكم على سارق تمثال "سنكما نسكن" بالغرامة "300" جنيه .
واذا تتبعنا تاريخ سرقة الآثار السودانية نجد انه فى العام 1834م واثناء فترة الحكم التركي قام طبيب إيطالي يدعى (جوزيف فليني) بالتخطيط لسرقة احدى اهرامات مروي الشمالية واستهدف الهرم رقم (6) للملكة أماني شختي .. وتمت سرقة ما وجد من ذهب ومقتنايات للملكة أماني شختي الثمينة..
أيضا هنالك تمثال لملكة نبتية مروية من الذهب الخالص عيار 21 بارتفاع 15 سم تم اكتشافه في حفريات الرديم عن طريق بعثة جامعة بوسطن الأمريكية في عام 1916 بواسطة عالم الآثار (رايزنر) وقد وجدت هذا التمثال فتاة صغيرة بعد الإعلان عن سرقته في منطقة الرديم تسمى فاطمة بنت بابكر أثناء رعيها للأغنام .
وفي عام 2001م تمت سرقة تمثال(كبش) أمون راع المصنوع من الحجر الرملي من الموقع الأثري في ديم القراي شمال شندي وعليه اسم ملك من ملوك مروي وقد تمت سرقته فور اكتشافه من قبل البعثة الفرنسية التابعة لجامعة (ليل) حيث قامت البعثة بتنظيف التمثال وترميمه وازالة كل الحجارة من حوله تمهيدا لنقله ولكن عندما جاء الكل في صبيحة اليوم التالي تفاجئوا باختفائه ولم يعثروا عليه حتى الآن .
وفي منتصف عام 2001 م تمت سرقة قطعة أثرية لمائدة مقلدة لاحدى الاهرامات الغربية كما تمت سرقة تمثال صغير في معبد أمون في النقعة في أوائل عام 2002م تم اكتشافه من قبل البعثة الفرنسية العاملة هنالك وقد تم دفنه بعد الانتهاء من عملية ترميمه والحفاظ عليه مؤقتا ولكن أيضا سرق ولم يتم العثور عليه حتى الآن .
أما اغرب محاولة للسرقة في تاريخ الآثار السودانية فقد تمت في عام 2003م حين قام بعض اللصوص بعرض مومياء (جسم محنط) في المنطقة الأثرية بنوري للبيع حيث قام الباعة بعرض صور المومياء . ايضا تمت سرقة تمثال في شكل لبوة يرجع إلى الفترة المروية من النحاس المطلي بالذهب طوله حوالي 16 سم ووزنه 244 جراما من أحد المواقع الأثرية ولم يتم الحصول عليه حتى الآن.. ومعظم هذه المسروقات تعبر شلاتين لدول اوربية .