Al Masalla-News- Official Tourism Travel Portal News At Middle East

جانبى طويل
جانبى طويل

رأس السنة السورية “اكيتو”.. أقدم عيد مسجل في تاريخ الشرق الأدنى دليل على قدوم الربيع والخصب

رأس السنة السورية “اكيتو”.. أقدم عيد مسجل في تاريخ الشرق الأدنى دليل على قدوم الربيع والخصب

 

 

 طقوس

 

دمشق “المسلة” ….. عرف السوريون منذ القديم التقويم فقسموا السنة إلى فصول ومارسوا طقوسا استقوها من أنشطتهم الزراعية وارتباطهم بالطبيعة وأرضهم فكانت أعراس البابليين ومن بعدهم الآشوريين تبدأ برأس السنة التي تبدأ عندهم في الأول من نيسان وتستمر 12 يوماً وهي في جوهرها مشاركة منهم للأرض في أفراحها وعودة الخصب إليها مجددا في دورة الحياة.‏

 

ويعتبر التقويم السوري القديم “اكيتو” الذي استخدمه الاشوريون والسريان الذي صادف امس بداية السنة 6767 منه اول تقويم وفقا لمدير آثار ريف دمشق الدكتور محمود حمود الذي بين أن التقويم السوري يسبق التقويم الفرعوني “التوتية” بما يزيد على 500 عام ويرتبط الاحتفال به بنهاية موسم الأمطار و بدء الخصب ونمو الزرع والثمار.

 

ويشير الدكتور حمود في حديث لـ سانا إلى أن السنة السورية القديمة كانت تبدأ في الأول من نيسان “نيسانو” في اللغة الآرامية ولا نزال نحتفظ بأسماء أشهرها إلى عصرنا الراهن في بلاد الشام كما تستخدم في العراق في حين لجأت بقية الدول العربية إلى استخدام التسميات الأوروبية مع بعض التعديلات بحسب سانا.‏

 

ويوضح الدكتور حمود أن الاحتفال بهذا العيد يعود إلى السلالة البابلية الأولى أي إلى مطلع الألف الثاني قبل الميلاد ويعد أقدم عيد مسجل في تاريخ الشرق الأدنى مبينا أن كلمة “اكيتو” لغويا تشير إلى موعد بذر وحصاد الشعير و بالسومرية تعني “أكيتي سنونم” وهو عيد رأس السنة لدى الأكاديين والبابليين والآشوريين والكلدانيين.

 

ويتابع الدكتور حمود ..يبدأ الاحتفال في اليوم الأول من شهر نيسان ويستمر لمدة اثني عشر يوماً تخصص الأيام الأربعة الأولى منها لممارسة الطقوس الدينية أما الأيام المتبقية فكانت تتضمن بعض المظاهر الاجتماعية والسياسية اضافة الى مواكب احتفالية كبيرة وإقامة ألعاب رياضية ورقصات وتبلغ ذروة الاحتفالات بين الأول والحادي عشر من الشهر وفي منتصف هذه المدة كانت تقام الأفراح وتعقد طقوس احتفالات عقد زواج جماعي .‏

 

الحضارات السورية

 

ويلفت الدكتور حمود إلى أن التقويم السوري القديم “اكيتو” ظل قائماً عند الحضارات السورية المتعاقبة ومنها أوغاريت وإيبلا وماري وتدمر ودمشق وأن الاحتفالات به لا تزال موجودة كدليل على قدوم الربيع وما يحمله من خصوبة لكل مظاهر الطبيعة وكل ما فيها حيث يحتفل سكان الساحل السوري به في الرابع من نيسان حسب التقويم الشرقي وفي مصر يسمى عيد “شم النسيم”.

 

وحول كتب التاريخ التي وثقت بأن الأول من نيسان مطلع السنة السورية منذ ألف عام على الأقل يبين الدكتور حمود أنه في الجزء الثاني من الموسوعة التاريخية مروج الذهب يعدد المسعودي المتوفي في عام 956 أسماء الأشهر السريانية المعروفة في بلاد الشام ويشير إلى عدد أيام كل شهر وصفاته من برودة وحرارة واعتدال ويبدأ الحديث بشهر نيسان .‏

 

ويوضح حمود أن نيسان الشهر الرابع من السنة الميلادية حمل اسم “ابريل” من الاسم اللاتيني “ابريلز أو ايبرير” الذي يعني التفتح في إشارة لمظاهر الربيع التي تظهر في هذا الشهر أو من الكلمة الاتروسكية “آيرو” التي تعني آلهة الحب افروديت في حين سمي ببلاد الشام اسم “نيسان” الذي دخل على اللغة الآرامية القديمة من اللغة الأكادية وأصل الكلمة في السومرية “نيسانك” وتعني الباكورة وتتألف من كلمتين “ني” وتعني شيئا و “سانك” وتعني رأس الشيء أو أوله.

 

التقويم الزراعي

 

ولفت الدكتور حمود إلى أن نيسان يسمى في التقويم القبطي “برموده” وفي المغرب العربي يسمى شهر “يبرير” حسب التقويم الزراعي إلا أن بداية شهر “يبرير” تختلف عن بداية شهر نيسان في التقويم الجريجوري مبينا أن ‏”ابريل” كان هو الشهر الثاني من السنة في التقويم الروماني وكان يتكون من 29 يوماً حتى قام يوليوس قيصر ببدء تقويم أطلق عليه اسمه عام45 قبل الميلاد وأصبح 30 يوماً وأصبح الشهر الرابع في السنة ‏وفي التقويم الياباني يسمى يوزوكي وفي اللغة الفنلندية يسمى الشهر هوهيتكو والذي يعني شيئاً متعلقاً بالزراعة.‏

 

ويرى حمود أن السوريين القدامى لم يتخذوا الأول من نيسان أول أيام سنتهم عن عبث بل لأنه البداية الحقيقية للحياة فبعد موسم البرد والمطر يأتي الربيع وتتفتح الأزهار وتكون أكثر نضارة في نيسان كما يخرج الناس إلى الحقول للتمتع بدفء الربيع وعلى هذا فالسيران الشامي له جذور قديمة وتشمل أيضاً الاحتفالات بقدوم الربيع كل شعوب الشرق.

 

ويختم الدكتور حمود حديثه بالقول إن “عيد اكيتو هو مظهر لعبادة ذات طابع زراعي عند شعب مشرقي امتلك عمقاً روحيا فريداً تبوأ من خلاله مكاناً رائدا في التاريخ القديم وأسهم في إرساء الأسس الأولى للحضارة الإنسانية”.

نبذة عن الكاتب

مقالات ذات صله