المغرب – الدارالبيضاء
حاورها :عبدالمجيد رشيدي
المسلة السياحية
تنجز الفنانة التشكيلية العصامية خديجة مودن ، جسر التفاعل مع الأشكال البصرية بلغة جميلة ، جوهرها مواد واقعية تتفاعل مع نظام الفضاء التعبيري في أنساق دلالية متلائمة ومنسجمة في ما بينها ، تطاوع مسار التفاعلات التي يحملها اللون والشكل ، وطريقة توظيفهما دلاليا وجماليا ، ذلك ما تكشف عنه لغة لوحاتها وفق مقاربات لونية تنتج عنها مجموعة تعابير ، حيث تتشكل هذه اللوحات بتقنية عالية الجودة ، تزكيها الاستعمالات المختلفة للألوان وخصوصا اللون الأزرق ، وهي تبرز قدرة السيدة الزرقاء التحكمية في الفضاء وفي المادة الواقعية ، وتنم عن موهبتها ومؤهلاتها الكبيرة.
خديجة مودن فنانة تشكيلية إبنة مدينة الدار البيضاء ، حاصلة على الإجازة في العلوم السياسية و الدستورية ، ترعرت في وسط فني محض ، مزجت بين تصميم الأزياء و الفن التشكيلي ، حيث صقلت موهبتها لتصبح اليوم من الفنانات المغربيات الرائدات اللاتي جمعن بين التصميم و التشكيل و الكثير من الفنون المتنوعة .
تتنقل مودن بين الريشة والمقص لتنسج لنا تصاميم و لوحات في غاية الروعة ، من خلال مرورها بعدة مدارس فنية تشكيلية تمثلت في اتجاهات تعبيرية مختلفة ، عبرت فيها عن المرأة بمختلف صورها ، إذ رصدت المرأة وكشفت عن واقعها الإجتماعي والنفسي ، في فرحها وحزنها باعتبارها نبض المجتمع .
بعد مسار وتجارب فنية دقيقة ومعمقة ، اتجهت الفنانة لتجربة جديدة تلخصت في لوحات تجريدية اعتمدت فيها على مهاراتها وتقنياتها الفنية ، كما ركزت على البيئة التي نمت فيها موهبتها ، بالإضافة إلى وجود سياق زمني محدد و بيئة معينة نشأت فيها أعمالها الفنية ، حيث تتميز معظم لوحاتها و تصاميمها بالألوان الهادئة يغلب عليها اللون الأزرق بجميع درجاته.
تقول التشكيلية خديجة مودن : لوحاتي عبارة عن رسائل مشفرة ينبغي على المتلقي تفكيك شفراتها ، لأن الفنان الحقيقي مهما حاول قراءة أعماله فلن يتوفق في الإلمام بكل عناصرها ، و القراءة العميقة تنحصر في أدبيات الناقد الفني و الجمالي الملم بكل الأدوات الفنية و النقدية ، وتضيف السيدة الزرقاء ، أنها تؤمن بمقولة الفنان بابلو بكاسو “أتقن القواعد كمحترف لتتمكن من كسرها كفنان”.
و بالرغم من اشتغال الفنانة في الظل لعدة سنوات ، إلا أنها وضعت بصمتها الفنية التشكيلية في الوسط الفني المغربي بشكل واضح ، وذلك من خلال تنظيمها لعدة ورشات فنية ومشاركتها في مجموعة من المعارض الجماعية ، والملتقيات الوطنية مع نخبة من الفنانين التشكيليين بمختلف مدارسهم و انتماءاتهم التشكيلية.
خديجة مودن تعدل بين عمليات التركيب وتوزيع اللون الجميل والمساحات ، لتستهدف مباشرة استخراج المعنى بواسطة لغة بورتريهية تتمظهر عبر مجموعة من المقومات الجمالية التي تسر الناظرين ، وهو ما يدل على الكفاءة العالية للمبدعة خديجة مودن التي تبحر في عالم واقعي متجدد يجعل منها الفنانة المثالية.