فى عينيك عنوانى أمسية شعرية لفارس الشعر العربى فاروق جويدة بصالون غازى
كتب د. عبد الرحيم ريحان
القاهرة "المسلة" …. لم يخادع ، لم يشغل نفسه بصراعات مع الآخرين ، لم يسعى إلى منصب ، لم ينضم إلى حزب ، شغل نفسه بهموم الوطن وأنفق كل وقته فى الكتابة عن بلاده ، فكان أكثر صلابة وأقوى عوداً ، احترم نفسه فاحترمه الجميع من المحيط للخليج وأصبح شعره صادقاً وسهلاً ممتنعاً هو بلسم حب وأنشودة عشق من الزمن الجميل هو الشاعر والمفكر والفيلسوف فاروق جويدة فارس الشعر العربى.
فى حضور من أصدقاء وزملاء شاركوه الوزير العاشق وعشاق وملهمين بقصائده وكتاباته من أقطار الوطن العربى شدى فاروق جويدة فى صالون غازى أجمل قصائده فى أمسية شعرية مساء الأحد 6 ديسمبر امتدت حتى منتصف الليل أدارها أستاذ النقد الأدبى الدكتور محمد على سلامة وشارك بالحضور أبطال الوزير العاشق ومنهم الموسيقار منير الوسيمى والفنانة عزة بلبع والمخرج الدكتور عادل ذكى كما شارك بالحضور مغنى الأوبرا العالمى الدكتور جابر البلتاجى والفنان حمدى حافظ والمخرجة منى الأرنأوطى والفنانة التشكيلية تغريد يوسف والأديبة أميمة زاهد ولفيف من الإعلاميين من الأهرام والأخبار وشبكة الإعلام العربية محيط .
النجم يبحث عن مدار
رحب الدكتور غازى عوض الله المدنى رئيس مجلس إدارة الصالون بأمير القوافى فاروق جويدة موضحاً أن أول كتاب يصدره الصالون الثقافى الذى يشرف بإدارته منذ عام 1994 فى سلسلة المبدعين العرب كان عن فاروق جويده من خلال قراءة فى قصيدة النجم يبحث عن مدار استطاع صديقه الدكتور سيد محمد قطب أن يأخذ المنهج البنيوى فى اتجاه التحليل النفسى ويلمس ملامح بعيدة فى أغوار الشاعر والإنسان .
ويقول د.سيد قطب فى هذه الدراسة التى اكتملت فى كتابه ما وراء التمثيل الرمزى “ يمكننا أن ننظر إلى نص فاروق جويدة السالف ( النجم يبحث عن مدار) على أنه محاولة لقراءة العملية الإبداعية فى حد ذاتها محاولة يسعى بها المبدع لأن يضع ذاته فى المدار الحقيقى للإبداع فى محاولة لكشف الأقنـعة الإنسانية المستترة باللغة وهى محاولة لتعرية سندباد العصر التائه فى عالم من الزيف المصطنع” .
ويوضح د. غازى أن هذه القصيدة تمثل علامة فارقة فى إنتاج فاروق جويده فهى من ديوانه آخر ليالى الحلم الذى يعد جسراً ما بين الرومانسية والنزعة الإنسانية الخالصة الباحثة عن حقيقة الذات فى تجربتها الشعورية المنصبة فى تشكيل بيانى ويعتبر فاروق جويدة علامة من علامات الروح الثقافية العربية مكتوب على غلاف شعريته الذهبية صنع فى مصر برموز عربية واضحة.
جاء السحاب بلا مطر
وأشار الدكتور محمد على سلامة مدير الندوة وأستاذ النقد الأدبى إلى دراسة نقدية لقصيدة جاء السحاب بلا مطر الذى كتبها فاروق جويدة عام 1996 ونشرتها الأهرام منذ أسبوع التى تعبر عن رؤية فى ذلك الوقت تشبه ما نحن فيه الآن يحذر فيها من عودة الوجوه القديمة لتطل برأسها من جديد على الساحة لتنخر فى عظام النيل موضحاً أن هذه القصيدة تحتوى على صور خيالية مبتكرة مثل ينتحر الأصيل وعظام النيل وتتضمن صيغة السؤال وأنشد من القصيدة
نفس الوجوه
تعود مثل السوس
تنخر فى عظام النيل
نفس الوجوه
تطل من خلف النوافذ
تنعق الغربان .. يرتفع العويل
نفس الوجوه
على الموائد تأكل الجسد النحيل
نفس الوجوه
تطل فوق الشاشة السوداء
تنشر سمها
ودماؤنا فى نشوة الأفراح
من فمها تسيل
نفس الوجوه
الآن تقتحم العيون
كأنها الكابوس فى حلم ثقيل
هنا القاهرة
وأشار المفكر السورى نادر عكو (أجداده هم من بنوا مدينة عكا أيام الكنعانيين وعندما جاء المصريون القدماء لهذا الموقع أطلقوا عليه عكو بدلاً من عكا) إلى البيئة الذى ولد بها فاروق جويدة وما صاحبها من نزعات القومية العربية وانتظار كل العرب للإذاعة المصرية وهى تشدو هنا القاهرة وصوت الزعيم جمال عبد الناصر وهو يؤمم قناة السويس شركة مصرية وبطولات جميلة بوحريد بالجزائر وصيحات نشيد الله أكبر فوق كيد المعتدى والله للمظلوم خير مؤيد ، دع سمائي فسمائى محرقه دع قنالى فقنالى مغرقه وبعد الوحدة العربية بين مصر وسوريا أنشد الجميع من الموسكى لسوق الحمدية حموى يا مشمش أنا واقف فوق الأهرام وقدامى بساتين الشام وجاء العراق ورددنا معه بغداد يا قلعة الأسود
وأنشد أبيات جويدة عن الشباب المصرى والسورى الذى أبتلعتهم الشواطئ المتوسطية
قد عشت أسأل أين وجه بلادى؟؟
أين النخيل ؟
وأين دفء الوادى؟
لاشئ يبدو في السماء أمامنا
غير الظلام وصورة الجلاد
هو لا يغيب عن العيون كأنه
قدر كيوم البعث والميلاد
الوزير العاشق
وتحدث المخرج الدكتور عادل ذكى الذى شارك فى مسرحية الوزير العاشق الذى كتبها جويدة عام 1981وكيف جمعت هذه المسرحية قلوب العرب وكان التخوف من عرضها كمسرحية شعرية لأول مرة وكانت المفاجأة هى انتشار المسرحية وذهابها لمعظم أقطار الوطن العربى وكتب عنها 120 مقال فى الصحف الأجنبية وقد أعادت هذه المسرحية للمسرح بهاؤه مما يؤكد أن مقولة أن الجمهور عايز كده لإباحة الإسفاف مقولة غير صادقة وعندما نرتقى بالذوق العام سنسهم فى الارتقاء بالفكر والثقافة العربية وأنشد من أبيات جويدة أنا ما حزنت على سنين العمر طال العمر عندى أم قصر ..لكن أحزانى على الوطن الجريح وصرخة الحلم البرئ المنكسر .
وأشار الموسيقار الكبير منير الوسيمى موسيقار الوزير العاشق إلى أن فاروق جويدة استطاع أن يخرج من التجربة الشخصية إلى الشخصية العامة وأن الوزير العاشق كانت لوحة تشكيلية مسرحية جمعت بين بساطة الكلمة وصوت دافئ عذب الملامح صوت عزة بلبع وموسيقى جسدت جماليات هذه اللوحة ونجوم كبار مثل عبد الله غيث وسميحة أيوب برعوا فى التعبير عن كل نبضة وإحساس بالمسرحية وشدت عزة بلبع بأغانى أشعار الوزير العاشق .
وقد روى الشاعر والمفكر فاروق جويدة قصة معرفته بالفنانة عزة بلبع بأنه لم يكن يدرى بأن المسرحية بها أغانى وقد فاجأه المخرج الكبير فهمى الخولى بذلك وعندما سمعها لأول مرة أحس بزلزال كبير يهز أوتار القلوب أضاف للمسرحية مع موسيقى منير الوسيمى بعداً جمالياً ورقياً فكرياً ساهم فى نجاحها وانتشارها لتجوب الدول العربية ومنها الأردن وسوريا والإمارات.
أريدك عمرى
وبدأ جويدة بقصيدة أريدك عمرى
تحب العصافير دفء الغصون
كما يعشق الزهر همس الندى
فكيف الربيع أتى فى الخريف
وبيت الخطايا غدا مسجدا
أريدك عمرى ولو ساعة
فلن ينفع العمر طول المدى
ولو أن إبليس يوماً رآك
لقبل عينيك ثم اهتدى
فى عينيكى عنوانى
أنشد فاروق جويدة قصيدة من أروع قصائده من ديوان فى عينيكى عنوانى الذى صدر عام 1979
قالت: سوف تنساني
وتنسى أنني يوما
وهبتك نبض وجداني
وتعشق موجة أخرى
وتهجر دفء شطآني
وتجلس مثلما كنا
لتسمع بعض ألحاني
ولو خيرت فى وطن لقلت هواك أوطانى
ولو أنساك يا عمرى حنايا القلب تنسانى
إذا ما ضعت فى درب ففى عينيك عنوانى
الخيول لا تعرف النباح
أنا صرخة من زمان عريق
غدت في عيون الورى مهزلة
أنا طائر من بقايا النسور
سلام الحمائم.. قد كبله
أنا جذوة.. من بقايا حريق
وبستان ورد.. به قنبلة
فلا تسألى الفجر عن قاتليه
وعن سارقيه.. ومن أجله
ولا تسألى النهر عن عاشقيه
وعن بائعيه.. وما أمله
تعالى أحبك.. ما عاد عندى
سوى الحب.. والموت.. والأسئلة
مناقشات
طلب كل المتواجدين مداخلات ولم يكف وقت الندوة فقد أدى الفنان خالد عبد السلام دور أمين المصرى فى مسرحية دماء على أستار الكعبة وتساءل الصحفى عاطف سليمان عن بداية فاروق جويدة كصحفى اقتصادى كيف أثرت عليه وعن علاقة جويدة بالفنان الكبير محمد عبد الوهاب وأكد الدكتور طارق عبد العليم ناقد أدبى بأن جويدة يعبر عن الحاضر بلوحات من التاريخ مثل أحمد شوقى وتساءل البعض عن علاقته بنزار قبانى .
وأجاب المفكر فاروق جويدة بأنه مارس الصحافة وهو فى الجامعة وتخرج من قسم الصحافة وكان أول دفعته وفضّل الكتابة فى الأهرام عن تعيينه معيداً بالكلية معبراً عن ذلك بأن الجامعة هى جامعة الصفوة وأن الأهرام هى جامعة الشعب وبدأ محرراً اقتصادياً وقرأ كل ما فى أرشيف الأهرام عن الاقتصاد وتوقف عن كتابة الشعر من نكسة 1967 إلى نصر أكتوبر المجيد اكتئاباً شأنه شأن كل المصريين وبعد نصر أكتوبر كتب 14 قصيدة وصدر له أول ديوان " أوراق من حديقة أكتوبر" عام 1974
وعن علاقته بعبد الوهاب أشار أن والده رحمة الله عليه وكان أزهرياً كان يحببه فى أغانى أم كلثوم وعبد الوهاب وعند مجيئه للقاهرة توطدت العلاقة بينه وبين عبد الوهاب وقد رافق عبد الوهاب فى أحد الرحلات فى أوروبا ودخل عليه الفندق فجأة فوجد الفنان العظيم يغنى أمام ملك السعودية الملك عبد الله رحمة الله عليه ومجموعة من الأمراء وقد رثى أربعة أشخاص فى حياته والديه وعبد الوهاب ونزار قبانى وكانت تربطه بنزار علاقة طيبة بعد أن تعرف عليه وعامله عن قرب .
وشدى فى نهاية اللقاء فنان الأوبرا العالمى الدكتور جابر البلتاجى برائعة سيد درويش أنا المصرى كريم العنصرين بنيت المجد بين الأهرمين وردد الحاضرون معه.