الرباط ….. تناولت فتاوى الهيأة العلمية المكلفة بالإفتاء، التابعة للمجلس العلمي الأعلى بالمغرب، العديد من المواضيع والمسائل الدينية والدنيوية التي تهم الشأن الحياتي والتعبدي للمواطن المغربي، ومن تلك الفتاوى سؤال عمّا يسمى "الموت الرحيم" أو "القتل الرحيم"، وآخر يتعلق بقرعة الحج.
وبخصوص فتوى "الموت الرحيم"، أو "القتل الرحيم"، في حالة مولود مريض مرضا لا يرجى برؤه ويقود حتما إلى الموت، فقد أجاب علماء المجلس العلمي الأعلى على سؤال سابق ورد عليهم من إمام مسجد ليون الكبير بفرنسا سنة 2007، بأن "الله أمر الإنسان بالحفاظ على نفسه وحياته" بحسب هسبريس.
واعتبرت الفتوى الرسمية أن الله جعل من حياة الإنسان وديعة وأمانة عنده تجب وقايتها من الآفات وصيانتها من المهالك التي تضربها، سواء من تلقاء المرء نفسه، أو من طرف غيره، فلم يبح لأحد أن يتصرف فيها بالهوى فيجني عليها، ويجعل لها حدا باستعجال الموت، ومبادرته بوسيلة أو بأخرى.
وأكدت الفتوى أن أمر قبض روح الإنسان تعود لله تعالى في الوقت الذي يريد سبحانه، وفق ما سبق في علمه من حياة كل إنسان وأجله، مستدلة بقوله تعالى: "ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة"، وقال سبحانه أيضا: "ولا تقتلوا أنفسكم إن الله كان بكم رحيما، ومن يفعل ذلك عدوانا وظلما فسوف نصليه نارا".
وبعد أن أوردت الهيأة العلمية المكلفة بالإفتاء عددا من العوامل التي تخفف عن المريض الألم، وتفتح له باب الأمل والرجاء في استرجاع الصحة والحيوية والعافية، وأدرجت كثيرا من النصوص الشرعية المؤطرة لذلك، شددت على أن الحياة نعمة من الله على الإنسان، وتدعوه إلى التحلي بالصبر عندما يصيبه شيء من المرض.
وذهبت الفتوى الرسمية إلى أنه "لا يجوز شرعا الإقدام على التعجيل بموت المريض المتألم، والميؤوس من علاجه وشفائه، تحت ذريعة ما يسمى بالموت الرحيم، مهما طال به المرض واشتد به الألم، سواء من تلقاء نفسه أو من الطبيب المشرف على مداواته، ويتعين في حقه عمل ما هو مطلوب من وسائل العلاج ما أمكن".
وتابع المصدر ذاته: "لا يعلم المرء ما يخفيه له القدر من الشفاء وطول العمر أو قصره، فكم من صحيح مات من غير علة، وكم من مريض شفاه الله وعاش ردحا من الزمن إلى حلول الأجل المحتوم، فهو سبحانه العليم بحال المريض وشدة ألمه، ومعاناة أهله، وهو سبحانه الموصوف بالرحمة المطلقة لعباده".
وفي فتوى أخرى حول مشروعية إجراء القرعة لأداء فريضة الحج، قال المفتون إنه "عندما يضيق مجال استيعاب كل من تتوفر فيه الشروط المطلوبة لأمر معين، لا بد من اللجوء إلى طريقة أخرى تضمن الإنصاف والنزاهة، وليس هناك أسلم لتحقيق العدالة من أجراء القرعة بين المترشحين".
وقالت الفتوى الرسمية إن "القرعة تضمن الحياد، وتزيل الأحقاد، وتفوض الحسم في الأمر للمشيئة الإلهية"، موردة أن القرعة مشروعة بنصوص القرآن والسنة النبوية، وأنها اعتمدت من لدن أغلب علماء الإسلام من مختلف المذاهب الفقهية، وعمل بها الرسل زكرياء ويونس ومحمد عليهم السلام.
وفي القرآن وردت القرعة في الآية الكريمة: "وما كنت لديهم إذ يلقون أقلامهم أيهم يكفل مريم"، وذلك في قصة النبي زكرياء وكفالة مريم، وأيضا في واقعة النبي يونس لما ألقي في البحر. وأما في السنة النبوية فوردت القرعة في "تصرف الرسول عليه السلام بأنه كان إذا أراد سفرا أقرع بين نسائه، فأيتهن خرج سهمها خرجت معه".