رام الله "المسلة" …. يتجولون في زقاق البلدة القديمة وبين أروقة المخيمات، تترك لديهم بضع اسئلة وقليل من التعجب اثناء رؤيتك لهم، تتساءل عما يصنعون وماذا ينوون في بلدتي ومدينتي، تتابع مسيرك الى ان تدخل مركزا يجتمع فيه عدد من الاجانب والاطفال والشباب، تنضم اليهم لتجد اجوبة على كافة اسئلتك التي تركتها دون مجيب في صباح يومك.
يأتون كسواح يحملون شعار التضامن ليقدموا ما استطاعوا من العون والمساعدة لسكان المخيمات والقرى الفلسطينية.
السياحة التضامنية سلاح ذو حدين شأنها شأن باقي الامور التي ان احسن استغلالها الشخص نفعته وان اخطأ ضرته، وهذا يتحدد بمن يلتقي الشخص او الوفد المتضامن فالمستقبل لهم بمثابة البوابة للبلد او المدينة المتواجد بها فهو اللسان الناقل للرسالة السياسية والانسانية عن البلد واهله، على حد تعبير مدير جمعية نابلس للتنمية والتطوير المجتمعي امجد الرفاعي.
ويضيف "من برامج الجمعية المتعددة برنامج السياحة التضامنية العالمية والذي يستهدف استقبال الوفود الاجنبية المتضامنة من كافة دول العالم، وذلك لنقل معاناة واحلام وتأملات الشعب الفلسطيني بوجه عام واهالي نابلس بشكل خاص، ويضم البرنامج اطلاع الوفود والسواح المتضامنين على الاماكن الاثرية والقديمة في نابلس ومؤسساتها، واوضاع مخيمات اللاجئين، كما يمتاز البرنامج ايضا بتوفير المبيت لهم فيما يعرف ب"بيت الشام"، بالاضافة الى اعتمادنا على برنامج التبادل الشبابي العالمي".
ويستعرض مدير وزارة السياحة والاثار ناهض عبده السياحة التضامنية بأنها سياحة حديثة دخلت فلسطين بعد انتفاضة الاقصى، وهي تمثل شريحة معينة من المتضامنين الاجانب ذوي الدخل المحدود وغالبيتهم ناشطين اجتماعيا، فهذا النوع يعطي وجهين: الاول اقتصادي ضعيف نسبيا لأن هؤلاء السواح المتضامنين شبه مستضافين في بلادنا، والثاني: تعريفي لكنه ضعيف نسبيا بسبب عدم التنسيق بين الجمعيات التي تهتم بهذا النوع من السياحة والسواح ووزارة السياحة، وقلة الادلاء السياحيين في نابلس هذا بدوره يحول دون اعطاء المعلومة الصحيحة عن المناطق الدينية والتاريخية والاثرية في المدينة.
وفي السياق ذاته، يؤكد عبده على ضرورة اقامة دولة ادلاء سياحيين، وايجاد تنسيق بين الوزارة والمؤسسات المجتمعية المختصة بالسياحة التضامنية، في الفترة الاخيرة تعاونت وزارة السياحة بشكل جدي لمنح تراخيص لثلاث نزل في المدينة لتسهيل مهمة الوفود والمتضامنين.
ويذكر عبده نوع جديد من السياحة تقوم الوزارة حاليا بتطويره وهو "السياحة الخضراء " نحاول تنشيط هذا النوع الجديد من السياحة الريفية ويتضمن نقل مصادر الثقل من المدينة الى القرية وبدورنا نحاول ان نجعل السواح ينخرطون في البيئة الريفية الفلسطينية، من خلال اقامتهم مع الاسر الفلسطينية في بيوتهم ومحاولة التكيف معهم وفهم مشاكل الاسر مع الاحتلال.
ويتطرق الرفاعي الى برنامج التبادل الشبابي والذي يتضمن احتكاك المتطوعين الاجانب والمتضامنين مع الشباب والاطفال في مخيم عسكر، ليتعرفوا على عادات وتقاليد الشعب الفلسطيني وهموم الشباب الامر الذي يعطيهم دافع ويقوي علاقاتهم الشخصية فيرفع من درجة التضامن ويعطي شبابنا دفعة للاحتكاك في العالم الاخر وتقبل الغير، ويذكر بعض الامور التي تم تبادلها بين شباب واطفال عسكر والمتضامنين والتي تنوعت بين اللغة والدبكة والموسيقى الشرقية.
وتؤكد منسقة العلاقات العامة في "بيت الشام" ايات فرحات ان السياحة وحركة الجمعيات في الفترة الاخيرة اصبحت تعتمد بشكل كبير على الاعلام الاجتماعي اي اعلام المتضامنين، وهدف هذه السياحة تغير الرأي العام باتجاه القضية الفلسطينية وفضح جرائم الاحتلال من خلال احتكاك المتضامنين مع المجتمع الفلسطيني عن قرب ومبيتهم معهم في بيوتهم وعقد الاجتماعات والمؤتمرات معهم.
حيث انه حصل تغير كبير باتجاه القضية الفلسطينية والافكار السامة عن القضية والمتضامنين من لعبوا دورا في هذا التغير.
وتقول فرحات المتضامنين الذين يأتون الى البيت في غالبيتهم من الشباب والقليل من كبار السن الذي يقضون فترة يومين او ثلاثة أيام فقط، في حين ان الشباب المتطوعين يتم تبادلهم من خلال مؤسسات تطوع وتضامن في اوروبا وامريكا وتكون مابين شهر الى ثلاثة شهور.
جيسكا متطوعة ايطالية (22 عاما) "قرأت القليل عن فلسطين واحوال الناس وارادت رؤيتهم على ارض الواقع، فوجدت اختلاف شاسع بين ما قرأت بين وما رأيت، فيجب من كل العالم التأكد من ما يعرض على شاشات التلفاز فالاعلام الغربي ينقل لنا صورة خاطئة عن الواقع الفلسطيني، فالصورة الفلسطينية في بلادنا انهم شعب ارهابي همجي متخلف، وكل هذه التغطية تخلو من الاعتداءات الاسرائيلية والممارسات التي يتعرض لها اطفال فلسطين وشبابها ونسائها، لكن اليوم بوجود الانترنت اصبح بالامكان اخذ الاخبار كاملة وصحيحة".
وتضيف جيسكا زرت فلسطين ثلاث مرات، و لم اكن اعلم ماذا افعل، وكيف اتعامل مع الناس لاني لا اتكلم العربية، وعندما قررت التطوع في مخيم عسكر وجدت صعوبة في التعامل مع الاطفال فهم لا يجيدون تحدث الانجليزية وبذلك اصبحت اتعلم منهم العربية واعلمهم الانجليزية شيئا فشيئا.
"زيارتي لفلسطين جميلة ومدينة نابلس رائعة وانا مسرورة بزيارتها والتطوع في سبيل تطوير وتنمية مهارات الاطفال المعاقين وإشراكهم في المجتمع المحلي، ومكوثي في "بيت الشام" جعلني اتعرف الى اشخاص من دول مختلفة، وساعدني على تكوين صداقات وخلق جو من التفاهم بيني وبين الغير".
"بيت الشام " قصر يغلب عليه طابع البناء القديم بلمسات جمالية عصرية، طيات جدرانه تبعث في النفس الراحة والامان، لتجذب بذلك الناظر اليها بإطلالتها الطبيعية الخلابة والمتربعة على سفوح جبل جرزيم، لتشكل بذلك ملتقى اجتماعي وثقافي وفني لكافة الفئات.
وتشير فرحات الى ان البناء عبارة عن نزل للسواح الاجانب ومطعم ومقهى، بالاضافة الى قاعة لعقد المؤتمرات وورش العمل وهي بذلك تحقق الفائدة العامة سواء للمؤسسات والشركات الخاصة والعمة المحلية وغير المحلية.
بدورها، تؤكد ان السبب الرئيسي وراء فكرة انشاء "بيت الشام" النمو المتسارع للسياحة في نابلس ومناطق الشمال وحجم السواح الذين يزورون المدينة بشكل متواصل، كما لا يوجد في محافظة نابلس عدد كافٍ من الفنادق أسوة بباقي محافظات الضفة وبالتحديد رام الله وبيت لحم، حيث ان هنالك ضغط كبير في المواسم "الاعياد، رمضان، الصيف بشكل عام"، ونحن الان في صدد تطوير الفندق لنتمكن من استيعاب اكبر قدر ممكن من السواح والوفود.