اعلانات الهيدر – بجانب اللوجو

Al Masalla-News- Official Tourism Travel Portal News At Middle East

كنيسة القيامة تحفة معمارية وتاريخ عريق

كنيسة القيامة تحفة معمارية وتاريخ عريق
 

 

 

 





كتب د. عبد الرحيم ريحان


       فى بدايات أسبوع البصخة والذى يبدأ يوم 24 أبريل تبحر بنا الباحثة سلفانا جورج عطا الله باحثة دكتوراه بمعهد الدراسات والبحوث القبطية كلية الآداب- جامعة الإسكندرية فى مدينة الآلام القدس قلب فلسطين النابض منذ خمسة آلاف ،وإن عانت تلك المدينة من أهوال الحروب والاحتلال، إلا أنها ظلت المدينة الخالدة على مر العصور وكانت هدفا ومحورا للباحثين والعلماء لما لتلك المدينة من أهمية دينية وتاريخية لاحتوائها على الكثير من الآثار والأماكن المقدسة لجميع الأديان السماوية الثلاثة …



وكانت أورشليم موطئ الديانة المسيحية حيث ولد السيد المسيح على أرضها المقدسة ببيت لحم ،وشهدت القدس حياة السيد المسيح ورسالته وآلامه وقيامته وصعوده إلى السماء ،وبعد الاعتراف بالمسيحية فى عهد الامبراطور قسطنطين قامت أمه الملكة هيلانة ببناء كنيسة القيامة بناءا على طلب من أسقف القدس مكاريوس حوالى عام 335 م والتى ضمت الكثير من المواقع المقدسة لدى المسيحيين فأصبحت قبلة الناظرين من كل انحاء العالم المسيحى حتى يومنا هذا ،وارتبطت بمسرى النبى صلى الله عليه وسلم فى رحلة الإسراء والمعراج والمسجد الأقصى الأسير.


    
قبر السيد المسيح


وتؤكد الباحثة سلفانا جورج عطا الله فى ظل الاحتفالات بعيد القيامة المجيد حيث ينظر كل مسيحي العالم بعين الاشتهاء والتمني لزيارة تلك الكنيسة المقدسة ورؤية النور المقدس بأنه يطلق اسم القيامة علي مجموع الكنائس التى شيدت فوق القبر الذى دفن فيه السيد المسيح والجلجثة والمعروف بالجمجة فى اللاتينية ،وهو موضع الصلب ومغارة الصليب طبقا للتقليد المسيحى..
ويذكر المؤرخون أن اكتشاف القبر الذى دفن فيه المسيح لم يكن صدفة كما تذكر لنا بعض المراجع فيذكر يوسابيوس أن الإمبراطور هادريان الوثني أراد أن يحجم من توافد المسيحيون إلى أورشليم لحنينهم لزيارة الأماكن المقدسة المتمثلة فى قبرالسيد المسيح، فأقام علي أنقاض الهيكل معبد للإله جوبتير وعمد إلى الجلجثة والقبر فطمرهما تحت تل صناعى أقام عليه هيكلا للإله فينوس، وبعمله هذا حفظ تلك الأماكن المقدسة إلى الأبد، ويؤكد كل من أوريجانيوس ويوسابيوس وغيرهم أن ظل المسيحيون الأوائل يتوافدون علي القبر ويستدلون بهذا المعبد علي مكانه
.







                                       كنيسة الجلجثة حسب التقليد اللاتيني




لذا عندما اعترف بالمسيحية فى عهد الإمبراطور قسطنطين لم يكن القبر مخفيا فبعد مجمع نيقية 325 م أوفد الإمبراطور أمه هيلانة لبناء كنيسة فوق قبر السيد المسيح وذلك عام 326 م، وبالفعل يروي يوسابيوس القيصرى أن الامبراطور أمر أسقف أورشليم مكاريوس ببناء ثلاث كنائس واحدة فوق القبر والأخرى فوق الجلجثة، والثالثة فوق مغارة الصليب ومتابعة الولاة فى الولايات الشرقية للبناء ولما بدأوا في البناء مهدوا الأرض حتي اصبح بموازاة القبر، ولم يبق قائما مرتفعا سوى الصليب ونصب حول القبر في دائرة واسعة عشرون عمودا من الرخام تعلوها الحنايا ويحيط بها جدار مستدير ينعطف فى جهاته الاربعة إلى شرقيتين واحدة يمنى والأخرى يسرى وبينهما شرقية ثالثة في مقابل المدخل الكبير، ويغطى كل ذلك قبة عظيمة الذى اقترح أسقف أورشليم ان تغطى من الفضة الخالصة، وهذا ما عرف بكنيسة القيامة الذى استغرق بناؤها ست سنوات واكملت عام 335 م حيث اقيم حفل عظيم لتكريسها حضره أسقف قيصرية يوسابيوس ،وغيره من الأساقفة والكهنة والشعب.

نكبة كنيسة القيامة


وتشير الباحثة سلفانا جورج عطا الله إلى التعرف على شكل تلك الكنيسة ذا الطراز البيزنطى كما كانت بعصر قسطنطين من خلال تصويرها على قطعة فسيفساء موجودة اليوم فى كنيسة سانتا بودنزيانا فى روما ،ربما ترجع الى القرن الرابع الميلادى أو الخامس الميلادى وكذلك قطعة فسيفساء أخرى صورت الكنيسة عليها بمأدبا بشرقي الأردن، كما صورت على قطعة من العاج فى متحف ميلانو ،وكانت كنيسة القيامة تقف فى وسط بهو فخم محاط بالأعمدة وكان قطرها حوالى 73 قدما وارتفاعها 68 قدما ،وربما كان الهدف من تقارب القطر والطول لتكونا على قدم المساواة والجدران مقسمة كالمعتاد إلي الطابق الأرضي والثلاث حنيات والطابق العلوى..



وظلت كنيسة القيامة التى شيدها قسطنطين على الطراز البيزنطى قائمة حوالى ثلاثمائة عام حتى عام 614 م، عندما قام الفرس بتخريبها مع باقي كنائس فلسطين ونهب كنوزها وهدم أعمدتها وأسروا بطريركها حينئذ والكثير من المسيحيين واقتادوهم إلي بابل، وكانت تلك من أعظم النكبات التى حلت بكنيسة القيامة فى التاريخ.






                                  السلالم التى تؤدى إلي طريق الجلجثة






إعمار الكنيسة


توضح الباحثة سلفانا جورج عطا الله أنه قام فى تلك الفترة مودستس رئيس دير ثيؤدسيوس بمساعدة بطريرك الإسكندرية البابا يوحنا بمحاولة إعمار الكنيسة وجمع التبرعات لإعادة بناء ما تم تخريبه، ولكن ما تم إعماره لم يكن مثل سابقه من الناحية المعمارية أو التماثل في البناء ،وحاول مودستس إضفاء مسحة من الجمال على البناء بما تبقي من أثار البناء البيزنطى ،واستغرق البناء حوالى اثنتى عشر عاما وانتهى على الأرجح عام 629 م ،وقد اشار روبرت willisv فى كتابه "تاريخ الهندسة المعمارية لكنيسة القيامة في
أنه قد طرأ تغيير كبير بالفعل على مبنى كنيسة القيامة ،وكان ذلك لنقص المال ولتغيير أشكال وترتيب الكنائس عند إعادة بناؤها مرة آخرى، بالإضافة للإضافات التى تراكمت على المكان المقدس من خلال التقاليد المتزايدة حول تلك البقعة ،ولهذا نجد اختلاف تام بين وصف يوسابيوس القيصرى لكنيسة القيامة عن الوصف فى تلك الحقبة، وأفضل من وصف الكنائس فى تلك الفترة هو أدمونسيوس وبرناديوس وأركلفيوس.


4 كنائس


وتؤكد الباحثة سلفانا جورج عطا الله على اتفاق معظم المؤرخين أن هناك أربع كنائس تم بناؤها فى تلك الفترة تربطهم ببعض الأسوار واحدة فى الشرق وهى كنيسة جبل الجلجثة ،وأخرى في مكان الصليب المقدس وهى المعروفة باسم بازيليكا قسطنطين ،وفى الجنوب واحدة تدعى كنيسة القديسة مريم ،والأخيرة فى الغرب بالوسط كنيسة قبر المسيح ،وبين تلك الكنائس الآربعة ممرات بلا أسقف وتألقت الجدران بالذهب وأرضية الكنائس كانت مزينة برخام ثمين ،ويحيط بالقبر من الجانب الشرقي 12 عمود على حسب اركلفوس ،وربما كانت تلك الأعمدة مقسمة على أربع مجموعات مزدوجة من الأعمدة المربعة التى ربما كان بكل جانب يحتوي على 12 عمود ليحملوا الجدار حيث أنه فى الوقت الحالى الثلاث حنيات الغربية على نفس أساس القديم.





                                                                              المغسل الذى نزل عليه جسد المسيح بعد الصلب





أما كنيسة الجلجثة فكانت اكبرهما مساحة وكانت مقسمة إلي ثلاث أروقة، وكانت مغارة الصخرة تحت مكان الصليب وبطبيعة الحال أصبح الحنية الحالية لكنيسة أدم وغيرها مكان حفظ الكثير من القطع الأثر.


العهدة العمرية
        
وتتابع الباحثة سلفانا جورج عطا الله أن كنيسة القيامة بعد دخول المسلمين أورشليم عام 637 م حظيت بالرعاية حيث قام الخليفة عمر بن الخطاب رضى الله عنه بالإبقاء على مبانى الكنيسة وإعطاء الحرية للمسيحيين ،وروى المؤرخ الشهير سعيد بن بطريق انه لم يرد أن يصلي في صحن كنيسة القيامة حتى لا يطمع فيها أحد من المسلمين من بعده، واكتفى بالصلاة على الدرجة التي على باب كنيسة قسطنطين وقد أعطى البطريرك صك العهد المعروف بالعهدة العمرية ، وأصبحت القيامة بعد استيلاء الصليبين على القدس عام 1099 م في حماية اللاتين لمدة 88 عاما حتى اطلق اللاتين على أنفسهم حماة القبر المقددس.












وصف الكنيسة


 وتصف الباحثة سلفانا جورج عطا الله قباب الكنيسة موضحة أن من أجمل القباب بالكنائس قبة كنيسة القيامة لما فيها من إبداع معمارى وفني ،ويشير الأب يسطس الأورشليمى في كتابه "مدينة الفداء" أن هناك قبتين قبة في الغرب فوق قبر السيد المسيح وهى الأكبر خالية من الرسوم، وتقسم القبة بثلاث مستويات يحدد كل مستوي إفريز دائري ويعلو الإفريز الأول مجموعة من النوافذ المستطيلة ذات عقد نصف دائرى ،ثم الإفريز الثانى تعلوه نفس شكل النوافذ ذات العقود النصف دائرية ولكنها مصمته ويؤطرها الإفريز الثالث وتعلوها نوافذ صغيرة أيضا، ونجد فى منتصف القبة من أعلى شكل الشمس التى تنشر أشعتها الذهبية، أما القبة الثانية الموجودة فى الشرق وهى الأصغروتغطى الكنيسة المعروفة نصف الدنيا وهي ذهبية اللون وتحتوى فى منتصفها علي رسم للسيد المسيح داخل دائرتين باللونين الأحمر والأزرق ويحمل المسيح بيده اليمنى الكتاب المقدس ويشير بيده الأخرى بالبركة ،ثم يحيط بالسيد المسيح التلاميذ والسيدة العذراء والملائكة وراعى الفنان الدقة وروعة الألوان.









أما عن واجهة الكنيسة فقد تقدمها برج الأجراس الصليبية وقد تهدم الجزء العلوى منه فى القرن السادس عشر ،واستبدل بغطاء من القرميد فى القرن السابع عشر كما استبدلت الأجراس الصليبية بأجراس أخرى ،وتميزت كنيسة القيامة بالكثير من الفسيفساء ذات الموضوعات المختلفة التى امتزجت فيها التاثيرات الفنية البيزنطية واليونانية والسريانية لتخرج وكأنها صورة حية للأحداث ،كذلك توجد الكثير من التماثيل للسيدة العذراء والقناديل الأثرية.













 

نبذة عن الكاتب

مقالات ذات صله

error: Disabled