أعلن وزير السياحة والآثار د.محمد الأغا، عن أهم اكتشاف أثري وتاريخي في فلسطين خلال عشرين عاماً ، موضحاً أن المئات من المقتنيات الأثرية والقطع النقدية المعدنية الثمينة تم التنقيب عنها والعثور عليها في “تل رفح”جنوب قطاع غزة على الجانب الفلسطيني من الحدود المصرية الفلسطينية.
وأوضح الأغا خلال مؤتمر صحفي عقده الأثنين11-1-2010، على أرض الموقع الذي مازال التنقيب جاري فيه، “أن أهم ما تم اكتشافه هي (1300) قطعة أثرية من العملات النقدية الفضية الكبيرة والصغيرة”.
وذكر الأغا، أن (371 ) من القطع النقدية الكبيرة، يبلغ معدل وزنها القطعة 17 جرام ، و(928) من القطع النقدية الصغيرة ، يبلغ معدل وزنها 4.5 جرام.
وأكد أنه تم اكتشاف الكثير من كسر الفخار الأثري في ذات الموقع وهون من صخور البازلت الأسود وقطعة مرسوم عليها صليب، إضافة إلى اكتشاف بعض الأسوار والأقواس تجمع بين الحقبتين الأولى عام 320قبل الميلاد .
وشدد الأغا على أن أعمال التنقيب تخللها اكتشاف بعض الأقواس التي يتوقع أنها من العصور الإسلامية، لافتاً أنه تم العثور في جنوب تل رفح على سرداب غريب الشكل له مدخل مسدود شبية بمداخل القبور، منوهاً أنه من غير المعروف ماهية هذا السرداب حيث تحتاج هذه المنطقة إلى دراسة وتنقيب وبحث ودراسة معمقة.
وبين الأغا أن القطع المعدنية الأثرية تحمل على أحد وجهيها رسماً بارزاً لطائر البوم الذي يعبر في الثقافة اليونانية عن الحكمة ، كما تعبر عن القوة والشموخ الذي وصلت إلية قوة الدولة اليونانية في ذلك الزمان.
وأشار أن هذه العملات لها اسم رسمي ( الدراخما ) وتسمية شعبية أخرى ( البوم وجمعها بومات ) وبجوار البومة نقش من ثلاثة أحرف لاتينية ، لافتاً أن الوجه الأخر لهذه العملة يحمل رسماً بارزاً لوجه إلهه أثينا بأشكال متعددة ، حيث تختلف أشكال الوجوه ويغطيها الخوذة المزينة بأوراق إكليل الغار.
وشدد الأغا أن ذلك الموقع يعد أكبر وأهم اكتشاف أثري وتاريخي في فلسطين منذ عقود، مما يجسد البعد التاريخي والحضاري والثقافي لفلسطين وموقعها الجغرافي.
وقال الأغا:”فلسطين التاريخية كانت ومنذ الأزل غنية بالآثار والمواقع الأثرية وما زالت أرضها تحتاج إلى العديد من الدراسات والتنقيب لمعرفة تاريخها بطريقة أفضل”، لافتاً أنه لا يخفي على أحد أن الاحتلال الصهيوني ومنذ عام 1948وحتى العام 1994لم يسمح للفلسطينيين بالتنقيب عن آثارهم ومعرفتها واكتشافها.
-وأضاف:” نقف اليوم على هذا التل العظيم “تل رفح” ونحن ننظر إلى الجنوب قليلاً ، مما يدل على أن فلسطين ومصر كانت وما زالت أرضاً واحدة وشعباً واحداً ، فنحن كفلسطينيين لا نتغير بالحدود التي وضعوها في سايس بيكو وغيرها”.
وتابع:” عيوننا اليوم ترحل إلى أهلنا في مصر، فإننا ندعو إلى إزالة هذه الحدود والسدود بيننا وبين شعبها العظيم ، فلا حياة للدولة القطرية ، فالحياة للكتل الجماهيرية وكتل الشعوب”.
وأكد الأغا أن حضارة فلسطين حضارة تراكمية تُبنى على بعضها البعض، مما يؤكد أن فلسطين التاريخية بنيت على ما سبق، داعياً باسم الحكومة الفلسطينية كافة المنظمات العالمية المختلفة مثل منظمة اليونسكو والأسيسكو والباحثين في كافة الجامعات والمهتمين إلى أن يأتوا إلى هنا هذا الموقع ويقرأوا هذا التراث الإنساني والحضاري لفلسطين التاريخية، مضيفاً:”والذي وبلا أدنى شك يعتبر إضافة حضارية إلى التراث الإسلامي فوق هذه الأرض المباركة”.
كما دعا الأغا للمشاركة من حيث الحاجة إلى الخبراء في الآثار والحاجة إلى الأجهزة المختلفة اللازمة للمزيد من الاكتشاف والفحص والبحث والتوثيق، مؤكداً أن الحكومة الفلسطينية جاهزة للتعاون مع الجميع إيماناً منها بوحدة التاريخ الإسلامي وإيماناً بتراكمية الحضارات على مر العصور.
وأهدى الأغا هذه الاكتشافات العظيمة إلى أرواح الشهداء الأبرار الذين دافعوا بدمهم عن هذه الأرض المباركة وإلى الجرحى والأسرى و إلى الإنسانية جمعاء، مجدداً شكره العميق إلى رئيس الوزراء الدكتور إسماعيل هنية الذي تفضل بصرف موازنة طارئة لإتمام مشروع التنقيب في “تلة رفح” ورعايته الكريمة للمحافظة على كافة المرافق الأثرية والتراثية والسياحية من الشمال إلى الجنوب.
كما وجه الشكر إلى وزارتي الاقتصاد والأشغال العامة وكذلك وزارة الداخلية وسلطة الأراضي على تعاونهم مع وزارة السياحة والآثار وتسهيل عملها ، معرباً عن تقديره لمن قال عنهم الجنود المجهولين من الطواقم الفنية والإدارية والعاملين بوزارة السياحة والآثار الذين أمضوا الليل بالنهار في البحث والتنقيب عن هذه المقتنيات والآثار التاريخية والثمينة .
المصدر: الرسالة